رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" حتى في أثناء مرضه الذي توفي فيه، ودَّع الإمام الحسين "عليه السلام" وداعاً خاصاً، ففي الرواية عن ابن عباسٍ رضي الله عنه، قال: ((اشتد مرض رسول الله "صلى الله عليه وعلى آله وسلم"، فحضرته وقد ضم الحسين إلى صدره، يسيل من عرقه عليه، وهو يجود بنفسه))، رسول الله في مرضه، في اللحظات الأخيرة من مرضه، وهو يقول: ((ما لي وليزيد، لا بارك الله في يزيد، اللهم العن يزيد، ثم غُشِي عليه طويلاً وأفاق، وجعل يقبِّل الحسين وعيناه تذرفان))، يعني: بالدموع، ((ويقول: أمَّا إنَّ لي ولقاتلك مقاماً بين يدي الله))، فهذا الوداع الخاص بالإمام الحسين "عليه السلام" الذي ودَّعه به رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، يبين لنا علاقة الحادثة والواقعة بالرسول نفسه حتى "صلوات الله عليه وعلى آله"، وفعلاً كان من الأهداف الرئيسية ليزيد لعنه الله: أن ينتقم من رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، لا زالت عنده عقدة الانتقام من خلال الموروث الجاهلي، هو لا يزال يحمل الموروث الجاهلي، والموقف الجاهلي، الذي تصدَّر فيه بنو أمية الحرب ضد رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله" على مدى سنواتٍ طويلة إلى حين فتح مكة، واستسلامهم في فتح مكة.
فيزيد بعد استشهاد الإمام الحسين "عليه السلام"، وحين وصل جنوده برأس الإمام الحسين "عليه السلام" إليه، قال شعره المشهور الذي كانت بعض أبياته لأحد شعراء المشركين، والبعض من أبياته من يزيد نفسه، فتمثَّل ببعض الأبيات، وأضاف إليها أبياتاً أخرى، ذلك الشعر الذي يقول فيه:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا |
جزع الخزرج من وقع الأسل |
لأهلوا واستهلوا فرحاً |
ثم قالوا: يا يزيد لا شلل |
فجزيناهم ببدرٍ مثلها |
وأقمنا ميل بدرٍ فاعتدل |
لست من عتبة إن لم أنتقم |
من بني أحمد ما كان فَعَل |
يزيد يعتبر معركته في الأساس معركة انتقامٍ من رسول الله نفسه "صلوات الله عليه وعلى آله"، فلذلك كان للحادثة والواقعة علاقة بالرسول "صلوات الله عليه وعلى آله"، هي حربٌ تستهدفه، تستهدف الانتقام منه، وأيضاً بما يمثِّله الإمام الحسين "عليه السلام" في امتداده بحمل الدين الإسلامي، وموقعه في هداية الأمة، واستمراره في الحركة بالدين الإلهي، ما يمثِّله أيضاً من صلةٍ بالرسول "صلوات الله عليه وعلى آله"، وبمشروعه الإسلامي العظيم، الذي هو الإسلام بنقائه وصفائه.
لهذه الحادثة هذه الأهمية، هذه الأهمية الكبيرة، ولهذا يعتبر يزيد نفسه منتقماً من رسول الله في معركة بدر، ويعتبر واقعة كربلاء انتقاماً من رسول الله تجاه واقعة بدرٍ، وغزوة بدرٍ الكبرى، ويقول عن نفسه:
لست من عتبة إن لم أنتقم |
من بني أحمد ما كان فَعَل |
يقصد النبي "صلوات الله عليه وعلى آله وسلم"، فلهذه الواقعة هذا البعد، الذي يعود بنا إلى أصل الصراع ما بين الإسلام وبين الكفر، ما بين رسول الله "صلوات الله عليه وعلى آله"، وما بين المشركين الكافرين، الذين حاربوا الإسلام، وعملوا على إطفاء نور الله، ففشلوا وأخفقوا.
ثم لهذه الواقعة علاقتها بالأمة، من حيث ما يمثِّله الحسين "عليه السلام" للأمة؛ لأن العلاقة بالحسين "عليه السلام" هي علاقةٌ به في موقعه في هداية الأمة، هو رمزٌ عظيمٌ من رموز الإسلام، من رموز الهداية، من نجوم الهداية، هو من قال عنه رسول الله "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله": ((حسين مني، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط))، فمحبته من الإيمان، وتوليه من الدين، جزءٌ من ديننا، من التزامنا الإيماني والديني، وهو في موقع الأسوة، وموقع القدوة، وموقع الهداية، وموقع الامتداد الأصيل للإسلام ومنهجه الحق؛ فلذلك للمسألة علاقة بالأمة في الأجيال كلها، وعلى امتداد تاريخ الأمة في كل زمن، إضافةً إلى ما قاله الرسول "صلوات الله عليه وعلى آله" عن الحسن والحسين: ((الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وأبوهما خيرٌ منهما))، ((الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة))، ليس هذا فقط يعبر عن فضلهما العظيم ومنزلتهما في الجنة فحسب، بل يبين لنا أيضاً منزلتهما وموقعهما في دورهما في الأمة، في إطار الامتداد الأصيل لمنهج الله الحق، للإسلام العظيم، للسير بالأمة في طريق الجنة، في الهداية إلى الجنة، وإلى طريق الجنة، والهداية إلى الله "سبحانه وتعالى"، والهداية إلى الحق المبين.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى عاشوراء 1444هـ