في القرآن الكريم قصة مهمة جدًّا، هي قصة أبينا آدم “عليه السلام”، وهي تلخِّص لنا الأهمية الكبيرة لأن نمتلك العزم وقوة الإرادة، وأن نستحضر دائماً التعليمات الإلهية، والتوجيهات الإلهية، وأن نلتزم بها، وخطورة التفريط في ذلك، كيف يشكل ثغرةً خطيرةً ينفذ من خلالها الشيطان؛ للإضلال لنا، والإيقاع بنا فيما يسبب لنا الشقاء.
يقول الله “جلَّ شأنه” في القرآن الكريم: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: الآية115]، الله يخبرنا في هذه الآية المباركة أنه عهد إلى آدم، أخبره مسبقاً بما يحقق له الخير، والسعادة، والحياة الطيبة، وما يشكل خطورةً عليه، فيمكن أن يخرجه من تلك النعمة، ومن تلك الحياة الطيبة، وما عليه أن يلتزم به، وما عليه أن يحذر منه، وهذا هو هدى الله، هذا هو هدى الله، يخبرنا الله “سبحانه وتعالى” في هديه بما يحقق لنا الحياة الطيبة، ويبين لنا ما يشكل شراً وخطورةً علينا، وما فيه الخير لنا.
المشكلة لدى أبينا آدم “عليه السلام”، كما ذكرها الله “سبحانه وتعالى”، هي تتلخص في قوله “جلَّ شأنه”: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: من الآية115]، النسيان، لم يستحضر تلك التعليمات من الله “سبحانه وتعالى”، ذلك العهد الإلهي، الذي أكد الله عليه فيه، وبين له فيه، ما يمثل خيراً له، وما يشكل شراً وخطراً عليه.
{فَنَسِيَ} حالة النسيان، حالة الغفلة، قد تكون أحياناً عاملاً يساعد الشيطان على الإيقاع بالإنسان، أنه حتى فيما قد عرف، فيما قد وصل إليه من بيانٍ من الله “سبحانه وتعالى”، كذلك من هديٍ واضحٍ مؤكدٍ، وتعليمات واضحة ومؤكدة من الله، لكنه ينسى ذلك، يغفل عنه، تمتلئ ذهنيته، وتتجه به رغباته، إلى شيءٍ آخر.
{وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}: فقد العزم، وقوة الإرادة والسيطرة، والاهتمام اللازم، فأصبح في حالة فقد فيها قوة العزم والإرادة، أصبح ضعيفاً، يسهل الإيقاع به.
ثم تأتي التفاصيل لتبين ذلك، {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}[طه: 116-117]، ولاحظوا أن الله “سبحانه وتعالى” كرَّم آدم “عليه السلام”، كرمه، وهي تكرمة للإنسان بشكلٍ عام، من خلال أمر الملائكة بالسجود لآدم.
{فَسَجَدُوا}: الملائكة سجدوا تكريماً لهذا الإنسان، لهذا المخلوق.
{إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى}: إبليس امتنع أشد الامتناع من السجود، وعصى أمر الله “سبحانه وتعالى” بدافع الكبر، وامتلأ عداءً شديداً لآدم، وللإنسان، وللبشرية بشكلٍ عام.
الله “سبحانه وتعالى” وضح لآدم وبين له ما يُشكله الشيطان من خطورة عليه، وعلى حياته الطيبة، على سعادته، وبين له ما يهدف إليه الشيطان، {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}، الشيطان عدوٌ مبينٌ لآدم “عليه السلام”، ولزوجه حواء، في نفس الوقت هو عدوٌ للإنسان بشكلٍ عام، للمجتمع البشري، لبني آدم، وهو يسعى إلى الإيقاع بالإنسان في الشقاء، يريد أن يشقى هذا الإنسان.
{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى}، في تلك الجنة التي أسكنه الله فيها، ليبدأ دوره في الاستخلاف في الأرض، {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}[طه: 118-119]، يعني: تتوفر لك كل متطلبات حياتك الأساسية: المواد الغذائية المتنوعة اللازمة؛ فلا تجوع، والملابس والكسوة الكافية؛ فلا تعرى، والماء والمشروبات التي تقيك من الظمأ، والرفاهية في الحياة التي تقيك من العناء الشديد في الكد وطلب المعيشة، {وَلَا تَضْحَى}، لا تحتاج إلى أن تتعب نفسك كثيراً في مشقة الشمس والكد والعناء.
الشيطان لا يريد أن يستقر آدم في حياة فيها هذا الاستقرار، فيها هذه المتطلبات المتوفرة، والاحتياجات المتوفرة له، التي تؤمن له رفاهيةً في حياته، فماذا عمل؟
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الأولى 1442هـ