مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: الآية11].

تاريخياً: وصل المسلمون مساءاً إلى منطقة بدر، وعسكروا في حافة الوادي الأقرب إلى المدينة، وفي مساء تلك الليلة أمسوا هناك، وكانوا بحاجة إلى أن يشعروا بالاطمئنان، وأن يأخذوا قسطاً من الراحة؛ ليستعدوا للمعركة في اليوم الثاني، فالله -سبحانه وتعالى- منحهم من السكينة ومن الاطمئنان ما ساعدهم على أن يحظوا بهذه الراحة المطلوبة، والتي توفرت لهم عن طريق النعاس الذي أمدَّهم الله به، وغشاهم به، عندما كان يغشيهم النعاس، كان يصحبه الشعور بالاطمئنان، بالأمن، فكانت عملية طمأنة إضافية تساعد على الراحة النفسية، والاطمئنان القلبي، وعلى اطمئنان النفس الذي يساعد على التهدئة من التوتر والاضطراب والقلق، وتهدئة الأعصاب، فهم استفادوا من هذا النعاس الذي كان يأتي كنعاس {أَمَنَةً}، يشعرون معه بالاطمئنان وبالأمن، النعاس: هو النوم الخفيف المتقطع؛ لأنهم في تلك الحالة لا يناسب أن يمنحهم الله نوماً كاملاً، وأن يغطوا في النوم ويخلدوا إلى النوم بشكلٍ كامل إلى الصباح، الميدان ميدان معركة، لا بدَّ فيه من الانتباه، ولا يناسب أيضاً أن يكونوا في تلك الليلة في حالة توتر شديد، ولا يحظوا بأي شيءٍ ولو بمقدارٍ بسيطٍ من النوم، وأن يبقوا مبحلقين ومستيقظين وفي حالة قلق وتوتر طوال الليل، فيذهبون إلى المعركة في اليوم الثاني ولا زالت أعصابهم متعبة نتيجة توترهم طوال تلك الليلة، فأتاهم النعاس من الله -سبحانه وتعالى-، الذي كان معه الشعور بالأمنة والاطمئنان، هذا من الدعم الإلهي، دعم خاص ومتميز، لا يمكن أن يحصل الإنسان عليه من أي طرفٍ آخر.

 

{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، والنعمة الأخرى التي أمدهم الله بها، ومثَّلت أيضاً جزءاً من هذا الإمداد، من هذه الرعاية، من هذه المعونة المتتابعة: نزل الملائكة، تغشية النعاس أمنة، أيضاً إنزال المطر، إنزال الغيث، نزَّل الله عليهم من السماء ماءً، وهذا الماء كانوا في أمسِّ الحاجة إليه؛ لأن الأعداء كانوا قد سبقوهم إلى آبار المياه، وكان لهذا الماء فوائد متعددة:

 

{لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، يستفيدون منه للطهارة، الطهارة للصلاة وللاغتسال وللنظافة، ولما يستفيدون به من الاغتسال بذلك المطر بذلك الماء من راحة الجسم، من حيويته، من انتعاشه بالاغتسال، فهذه الطهارة للصلاة، وهذه الحيوية والانتعاش التي تحصل بالاغتسال، وهذه النظافة لها فائدة مناسبة ومطلوبة وصحية.

 

{وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ}، رجز الشيطان: وساوسه القذرة؛ لأن الشيطان قد استغل حالة انعدام الماء، وسيطرة العدو على الماء؛ ليوسوس ويزرع المخاوف والهواجس: [أنكم قد تموتون عطشاً، من أين ستحصلون على الماء؟ قد سيطر العدو على الماء، كيف سيتوفر لكم الماء؟]، فهو يلعب من خلال هذه المشكلة ويستغلها، وهو يستغل- الشيطان- أي مشكلة أو أي ظروف؛ ليحاول التأثير من خلالها، فهو يحاول أن يستغل انعدام الماء وسيطرة العدو عليه؛ لإثارة الهواجس والخوف والقلق تجاه ذلك، فعندما أتى غيث الله، أتى الماء من السماء، ونزل الغيث، توفر الماء بشكلٍ كبير، واستفادوا منه، وعملوا الحياض التي احتوته؛ ليستفيدوا منه أيضاً في اليوم الثاني، وتوفر لهم ما يكفيهم من الماء، واحتلت هذه المشكلة.

 

والفائدة الأخرى: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}، وسيلةً أيضاً مع إذهاب وساوس الشيطان وسيلة للربط على القلوب، وفي المعركة يحتاج الإنسان وفي ميدان الصراع يحتاج إلى الربط على قلبه؛ لتبقى، ليبقى متماسكاً، ليبقى كذلك ثابتاً ورابط الجأش؛ حتى لا يعيش حالة الاضطراب والقلق في قلبه التي تؤثر عليه.

 

{وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}، فهذا الشد على القلب، وهذا الربط على القلب يساعد على بقاء التماسك والروح المعنوية العالية، والتي لها أهمية كبيرة جدًّا في المعركة، ويثبت به الأقدام، في ميدان المعركة، الميدان الذي سيلتقي فيه الجمعان في بدر كان منطقةً رملية، وكان القتال فيها صعباً؛ لأن المشاة، سواءً المشاة أولاً ثم الفرسان، لكن بالنسبة للمسلمين كانوا- تقريباً- بكلهم مشاة، ما عدا فرس واحد كان معهم فسيصعب عليهم القتال في منطقة رملية تنزل فيها أرجلهم، ويصعب عليهم التحرك الذي يستلزمهم القتال؛ لأن للقتال حركته المناسبة.

 

فالله -سبحانه وتعالى- من خلال ذلك المطر قدَّم هذه المساعدة الكبيرة التي تغير الوضع في ميدان المعركة نفسه، نفس هذا الميدان يتحول إلى مكان متماسك، مكان ثابت، مكان صُلب؛ نتيجةً للمطر، هذه كانت نعمةً كبيرة، فهيأ الله لهم حتى ميدان المعركة، ووفر لهم كل الظروف المساعدة على الانتصار، وحل لهم المشكلات التي تمثِّل ثغرةً عليهم يستغلها حتى الشيطان في وساوسه، ولها تأثيرات في الواقع لو لم يتوفر الماء وعانوا من العطش، كان هذا سيجهدهم حتى بدنياً، فكيف كانت هذه الرعاية الإلهية؟ كيف كانت الاستجابة من الله لمَّا استغاثوه وتوفر من خلالها هذا المدد المتنوع والمتعدد؟.

 

هذا فيه درسٌ مهمٌ لنا: أن الله -سبحانه وتعالى- يتدخل ويمنُّ برعاية واسعة، ويهيئ الكثير من الظروف والعوامل التي تساعد على الانتصار، والتي توفر من خلالها الظروف المساعدة للإنسان في موقفه.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

المحاضرة الرمضانية التاسعة عشرة: 1441هـ 12-05-2020م

يوم الفرقان (3) التعزيزات والمدد الإلـــــهي.. كيف ولمن؟!

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر