ثم هم يتجهون إلى مجتمعنا بنفسه، الذي لا يزال من أهم ما فيه من بقايا آثار الإسلام وبركة الإسلام قدر جيد من التماسك الأسري، وهذا الترابط الأسري، والتقديس للأسرة، والارتباط الأسري، يتجهون إلى هذا المجتمع لتفكيكه، كما فككوا بقية المجتمعات، ويستمرون في تفكيكها.
توجه لتفكيك هذه الأسرة والاستهداف لها تحت عناوين، يحرصون أولاً على إثارة التباينات في داخل الأسر، إثارة التباينات: التباينات ما بين الرجل والمرأة، قدموا المرأة عالماً لوحدها، والرجل عالماً لوحده، ثم يأتون إلى المرأة لتحريضها باتجاه أن تتحرك للحصول على حقوقها، وأن تكون شريكاً في هذه الحياة بنمط آخر، بطريقة أخرى، من باب التباين، والتنازع، والتنافس، والاختلاف، والتصارع؛ بينما هي شريك طبيعي في واقع الحياة.
واقع الحياة قائم ما بين الرجل والمرأة على الارتباط التلقائي والمباشر، وسنتحدث عن هذه النقطة عندما نأتي إلى ما قدمه الإسلام وما يقدمه الإسلام. هم لا، لا يريدون أن يتحرك الجميع ككيان واحد، وتوجه واحد، حياته مرتبطةٌ {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} كما يعبر القرآن الكريم. |لا|، يريدون أن يأتوا باتجاهات لإثارة تباينات، ثم يتحرك كل صنف لوحده: الرجال لوحدهم، والنساء لوحدهم، ويبدؤون بالتصارع والتنافس، وكلٌ يطالب بحقوقه، وكلٌ ينازع الطرف الآخر، وكل طرف يحرض ضد الطرف الآخر، فالمرأة تحرض ضد الرجل، والرجل يحرض من هناك ضد المرأة، ويشتغلون على هذا النحو مع بقية الفئات.
ومؤخراً ألحقوا أيضاً عنوان الشباب لوحدهم، ومن العجيب جدًّا حتى عندما يأتي حوار سياسي مثلاً يقول لك: يأتي تمثيل للمكونات (المكونات السياسية في المجتمع مثلاً)، هذا حصل حتى عندنا في اليمن، طبعاً يأتي من يمثل المكونات السياسية في المجتمع، بعد ذلك يقولون يأتي تمثيل للنساء، خارج التمثيل للمكونات، بينما كل مكون فيه: رجال، ونساء، وكبار، وصغار، وشباب، لكن أرادوا أن يكون هناك تصنيف سياسي خارج التصنيف الذي يأتي إلى المكون كمكون من أبناء المجتمع بكل فئاته من: رجال، ونساء، وكبار، وصغار، وشباب، وشيوخ. |لا|، أرادوا تصنيفاً آخر، تصنيفاً للشباب، وكأنهم فئة لوحدها، وللنساء، وكأنهن فئة لوحدها، ثم يأتي تصنيف سياسي: سياسية للشباب لوحدهم، سياسية للنساء لوحدهن، بقي من؟ الشيبات والجهال والصغار! يعني أسلوب غريب جدًّا في تفكيك المجتمع تحت كل العناوين، وتحت كل الأوصاف، في تفكيك الأسرة، تخيلوا أسرة يأتون إلى الكبير فيها (كبير الأسرة) ليقولوا له: [أنت لوحدك، تفضل نفتح لك مسار سياسي]، ويأتون للمرأة يقولون: [أنت هناك يفتح لكِ مسار سياسي آخر]، ويأتون إلى الشاب، يقولون: [وأنت تعال هنا مسار سياسي آخر]، ويأتون- في الأخير- إلى الطفل، ويقولون: [تعال وأنت هناك مسار…]، تفكيك عجيب، وبعثرة عجيبة، نقول لهم: يا جماعة كل مكون فيه شباب، فيه مرأة، فيه رجال، فكيف تأتي بتصنيف سياسي للمرأة خارج المكون الذي فيه: مرأة، ورجل، وشاب، وشابه، وكبير، وصغير؟! يقول لك: [إلا، ضروري الشباب يُمثَّلون، وضروري المرأة تمثل، وضروري الطفل هناك يكون له- في الأخير- من يمثله]، بعثرة وتفكيك وتمزيق للنسيج الاجتماعي، ويرسمون هم هذه العناوين، ومسارات ترتبط بها تذهب بالناس هناك بعيداً عن بعضهم البعض، القرآن يأتي بعبارة جميلة جدًّا: {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}، أنتم كيانٌ واحد، أصلٌ واحد، لكن هم يأتون لإثارة هذه التباينات، ويبنون عليها هكذا تباينات سياسية، تباينات في مسارات الحياة، هذا عنوان يشتغلون عليه بشكلٍ كبير: إثارة المرأة ضد الرجل، والرجل ضد المرأة، والشاب ضد الكبار والشيوخ، وضد الكهول، وهكذا يتحركون بالإنسان في كل اتجاه.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
كلمة السيد بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة 1440هـ