علي منير الشامي
في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي يشهدُها الاقتصادُ السعودي؛ بسَببِ استنزافِ الحرب العدوانية التي يشنها النظام السعودي على اليمن بتحالفه المشؤوم للعام السادس وبعد ساعاتٍ معدودة فقط من اختتام قمة العشرين التي لم تسفر عما كان يأملُه منها محمد بن سلمان، وفي لحظات رهيبة من تاريخ خيبته الطويل، كانت شركة أرامكو عملاق الاقتصاد السعودي المنهك على موعد مع ضربة نوعية يمانية الهوى والهُوية، في واحدة من أهم منشآتها الواقعة في مدينة جدة، وهي محطة توزيع أرامكو التي حط فيها صاروخٌ مجنح من منظومة قدس 2 الجديدة التي كشف عنها الناطقُ الرسمي العميد سريع لأول مرة في بيانه الصحفي عن هذه العملية النوعية صباح أم
ضربةٌ مسددةٌ في توقيت حُدِّدَ بعناية فائقة وعملية نوعية كُتب لها النجاحُ الكاملُ بإصابة دقيقة جِـدًّا لهدف دسم أصابته في مقتلٍ بتجهيزاته ومشغليه وهرعت بعدها فورًا سياراتُ الإسعاف إلى الموقع؛ عَلَّها تجدُ بقايا ممن حالفهم الحظُّ باستقبال مجنَّح يمني لا يبقي ولا يذر، وتلتها سياراتُ الإطفاء إلى تلك المحطة المنحوسة؛ عَلَّها تخمد ألسنةَ النيران التي أشعلها الزائرُ اليمني قدس المجن
هذه العملية هي عملية نوعيةٌ في كُـلّ جزيئياتها، فسلاحها نوعي؛ كونه كشف عن منظومة جديدة من الصواريخ المجنَّحة هو قدس2، وتوقيتُها نوعي، وفي لحظات تاريخية من هزالة نظام الرياض وضعفه خرج قبل ساعات منها من قمة العشرين بخُفَّي حُنين، واستقبل ولي عهده قبل ساعات منها رئيسَ حكومة الكيان الصهيوني ورئيس جهاز الموساد وتحت رعاية مايك بومبيو وزير خارجية أمريكا، بزيارة لهم إلى الرياض يُفترَضُ أن تكون سريةً طبقاً لشروط محمد بن سلمان، وسرعان ما كشف عنها الإعلامُ الإسرائيلي غير مبالٍ بشرط عميلهم المسترَق، وهيهاتَ أن يفيَ الصهاينة بوعد قطعوه لتابعٍ لهم أبداً، تلك عادتهم في إعلان فخرهم باسترقاق أمراء النفط وهيمنتهم المطلقة عليه
ولذلك كان قدس2 هو الرد المناسب على هذه الزيارة للوفد الصهيوني ولعميلهم الغِــرِّ
إضافةً إلى ذلك، فتوقيت هذه العملية حُدِّدَ لنقل رسائلَ قوية من قيادتنا الثورية لكل الأطراف، فرسالة النظام الرياض مفادُها لا عاصم لكم اليوم من أمر الله وبأس رجاله، فلا تكنولوجيا أمريكا ولا إسرائيل ستمنع مجنحاتنا وباليستياتنا عن تدمير منشآتكم أينما كانت، وبمقدورنا اليوم تحويلُ أرامكو إلى رماد، والعبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشا
ورسالةُ قيادتنا لدول العشرين مفادُها مصالحُكم تحت مرمانا، ومكامن أطماعكم في الجزيرة أمام مشافنا، ولن يتحقّق سلامٌ في المنطقة إلا بوقف العدوان والعينُ بالعين والجروحُ قِصا
أما رسالةُ قيادتنا للوفد الصهيوني والراعي الأمريكي فهي رحلةُ قدس2 إلى جدة خطوة من مداه فتأملوا فاعليته، والقدس حاضرة بمجنحاتنا وقلوبنا، وهي قضيتُنا المصيرية الأولى والأخيرة، ولا أمن في المنطقة إلا بزوال إسرائي
وهدفُها نوعي، فمحطة التوزيع التابعة لشركة أرامكو في جدة من أهم منشآت الشركة الحيوية بالمملكة، واختيارُ هذا الهدف يأتي على سبيل التحذير والوفاء بالتنفي
ومن الجدير بالذكر أن العميد سريع أشار إلى أن العملية النوعية تأتي ردًّا على استمرارِ الحصار والعدوان وفي سياق ما وعدت به القوات المسلحة قبل أَيَّـام من تنفيذ عملياتٍ واسعة في العمق السعودي.. لافتاً إلى أن صاروخ قدس 2 دخل الخدمة مؤخّراً بعد تجاربَ عملانيةٍ ناجحة في العمق السعودي لم يعلن عنها بع
كما جدّد متحدثُ القوات المسلحة الدعوةَ للمواطنين والشركات الأجنبية العاملة في السعودية بالابتعاد عن المنشآت الحيوية الهامة؛ كونها ضمن بنك الأهداف الحيوية للعمليات العسكرية المستمرَّة للجيش واللجان الشعبيّة. د.ذ.ل.ص.رة..م.ح.س.
كلمةُ “الفرصة الأخيرة” للرئيس مهدي المشَّاط بالأمس في غاية الأهميّة، رغم أنها كلمةٌ مقتضبةٌ إلا أنها حملت في طياتِها أملَ وطموحَ شعبنا، وأسَّست لمسارٍ جديدٍ في معركة التصحيح لبناء مؤسّسات الدولة وتحويل التحديات إلى فُرَصٍ في ظل مرحلةٍ استثنائية صعبة، ففي كلمته حَثَّ الوزراء والمسؤولين على تقييمِ الأداءِ ومعالجةِ جوانب القصور وتحويل التهديدات إلى فرص، من خلال استشعار المسؤولية “فلا خيرَ في مسؤول لا يحملُ همومَ المواطن ولا يعملُ مِن أجلِ المواطن”.
في كلمة الربع ساعة، قرَعَ الرئيسُ المشاط جرسَ الإنذار للوزراء والمسؤولين ذوي “التقييمات الصفرية”، ومنحهم فرصةَ شهرَين لتصحيح الاختلالات ومعالجة الأخطاء، وإنهاءِ كُـلِّ مظاهر الفساد على أن يكونَ العامُ القادمُ عاماً تصحيحياً شاملاً، متعهداً بالمضي “في مكافحة الفساد؛ باعتبَاره معركةَ قِيَمٍ ومبادئَ وقانونٍ ووفاء لتضحيات الشعب، وليست معركة سياسية” ومعركة تصفية حسابات، كما يتوهم البعض.
وبلغة شديدةِ اللهجة، وجّه الرئيس المشاط تحذيراً لكل المخلين بمسؤولياتهم بأن يكونوا في المقامِ الأول رجالَ مسؤولية ورجالَ دولة بعيدًا عن الانتماءات الحزبية الضيقة؛ لأَنَّ “أحزابَهم وانتماءاتِهم السياسيةَ لن توفرَ لهم أيةَ حماية أَو حصانة من العقوبات”، وأن العملَ والأداءَ والتصحيحَ هو الحصانةُ والضمانة الوحيدة لأي مسؤول من أيَّةِ عقوبات قانونية وقضائية قادمة.
في خطابِ الفرصةِ الأخيرةِ للفاسدين، قدّم الرئيسُ المشاط اعتذارَه وأبدى أسفَه بكُلِّ خجلٍ لموظفي الدولة من عدم القدرة على الوفاء بتعهُّدِه في صرف نصف راتب كان قد تعهَّد به في وقت سابق وحال دون ذلك تحدياتٌ أبرزُها جائحةُ كورونا، وإقفالُ ميناء الحديدة، ومنعُ دخول سفن المشتقات النفطية والسلع الضرورية؛ باعتبَارها المصدرَ الإيرادي اليتيم إلى جانب الاتصالات وغيرها، في ظل هيمنة الطرف الآخر على إيرادات البلد النفطية والضريبية التي تغطي ٧٠% من الموازنة العامة للدولة، على أن ذلك لا يعفي الرئيسَ نفسَه ولا وزارة المالية والبنك المركزي والوزارات والمؤسّسات الإيرادية من اجتراح الحلولِ لمعالجة هذه المشكلة المؤرقة لمعظمِ موظفي الدولة، خُصُوصاً أن الرئيسَ نفسَه أوصى جميعَ المسؤولين بتحويل التهديدات إلى فُرَصٍ وعدمِ التوقف عند العوائق والتحديات دون تقديم الحلول واجتراحها.
وعلى هامشِ الخطابِ، وجَّه الرئيسُ المشاطُ رسالةً لا تخلو من التهديدِ للتحالف المقابِل بأن “عليكم أن لا تتفاءلوا ولا تطمئنوا كَثيراً ما دام العدوان والحصار مستمراً على شعبنا.. ومَن يرمِ بيوتَ الناس بالحجارة لن يسلمَ بيتُه الزجاجي”.
وجاءت تلك الرسالةُ في معرض التعليقِ على كلمة المندوبِ السعودي في مجلس الأمن، وليد المعلمي، الذي عبَّرَ عن تفاؤله بحلحلة الوضع في اليمن و”القُربِ من الإعلان المشترك لوقف إطلاق النار”، مع إبقاءِ الحصارِ على اليمن وفرض “منطقة عازلة” بينَ البلدَين.