عندما نتأمل في الواقع البشري في هذا الزمن وقبل هذا الزمن، عبر التاريخ بكله نجد أن الواقع البشري دائمًا ما يكون متأثرًا بأشخاص معينين كرموز، ويعتمد عليهم فيما صدر منهم من تعليمات، أو فيما تبنوه من رؤى وأفكار، الواقع البشري قائم على هذا الأساس، ولو تأتي اليوم لتتأمل الواقع البشري في أنحاء المعمورة، في الغرب والشرق، من أمريكا إلى الصين، إلى روسيا، إلى كوريا، إلى الواقع العربي، إلى… بقية البلدان العربية، يتجه الناس في شؤون حياتهم فيما يعتمدونه من نظام، فيما يحملونه من تصورات، فيما يعتمدون عليه لنظم أمرهم، فيما ينظرون من خلاله إلى الوقع من حولهم على أساس رؤى معينة من هنا أو من هنا، أفكار من هنا أو هناك تنبع من خلال رموز معينين منهم، فقوم هناك- مثلًا– يعتمدون الفلسفة الشيوعية، ولها رمزها (فلان)، هناك الرأسمالية، ولها رموزها (فلان وفلان)، هناك رؤية معينة تقوم عليها حياة الناس فيما هم فيه من نظام وواقع وأمور كثيرة جدًّا يرتبطون بها، ورمزهم فيها (فلان) زعيم وطني، زعيم قومي، إنسان متفلسف، إنسان مفكر، إنسان منظِّر… هذه مسألة معروفة في الواقع البشري، والشيء العجيب أنك تجد في الواقع البشري وفي التجربة البشرية أنهم دائمًا ما ينطلقون بتفاعل كبير جدًّا، وتمسك وتشبث إلى حد كبير، يؤمنون برمز معين قدَّم فكرة معينة، أو رؤية معينة اعتمدوا عليها في شؤون حياتهم، أو في مواضيع معينة، أو في نظامهم، ويتعصبون لتلك الرؤية، يتشبثون بها، يؤمنون بها، ويمجدون ذلك الرمز، ويعتبرون تلك الرؤية، أو تلك الفكرة، أو ذلك المشروع الذي قدمه أنه يمثل مشروعًا راقيًا لا أرقى منه في هذه الحياة، وأنه ينبغي الالتزام به، والسير على أساسه، والتمسك به في هذه الحياة، والعمل على أساسه، وهكذا يصبح هو الذي يعتمدون عليه، هذه الحالة قائمة في الواقع البشري بشكل كبير، وعندما نتأمل- مثلًا– في حال الكثير من الرموز الذين فعل البشر معهم هذا الفعل: آمنوا بهم، بنظرياتهم، برؤاهم، بأفكارهم، بأطروحاتهم، واعتنقوها، وذابوا فيها، وتفاعلوا معها، والتزموا بها، والبعض يتجه إلى الآخرين بعدائية شديدة لماذا لم يقبلوا بها، ويراها هي الأقوم لهذه الحياة، والأصلح لهذه الحياة، وتجد أن كثيرًا من تلك الرموز كانت في واقعها النفسي والبشري في واقعٍ سلبي، البعض- مثلًا– كان طاغية، والبعض كان جاهلًا، والبعض كان متأثرًا بثقافة معينة، بواقع معين، يمتلك قليلًا من المعرفة والثقافة، لكنه يمتلئ جهلًا، البعض- مثلًا– كان له رصيد سلبي جدًّا في واقعه السلوكي وأدائه العملي، واقعًا سلبيًا، معظم الرموز الذين اعتمد عليهم البشر، فآمنوا برؤاهم، واعتنقوا أفكارهم, وتشبثوا بأطروحاتهم، وساروا عليها في هذه الحياة، معظمهم سيئون، كثيرٌ منهم، وكثيرٌ منهم إما كان طاغية، إما كان ظالمًا، إما كان جاهلًا، إما كان مبتعدًا عن واقع الحياة، جاهلًا بواقع الحياة، أو ينطلق من اعتبارات مصلحية شخصية، أو فئوية، أو قومية في إطار محدود جدًّا وضيق، ونابعة من رؤية معينة متأثرة بواقع شخصي وحسابات معينة.
أما الله -سبحانه وتعالى- فمشروعه وهديه يأتي عبر مَنْ؟ والخلاص للبشرية والانقاذ للبشرية أتى عبر مَنْ؟ رسول من الله -سبحانه وتعالى- وفي هذا دروس مهمة جدًّا، ونقاط وإيجابيات عظيمة جدًّا، لا توجد في أي اعتبار آخر:
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
سلسلة محاضرات المولد النبوي الشريف 1440 (1)