الجهاد في سبيل الله هو نَظْمٌ لجانبٍ مهم في واقع الأمة، فالمجتمعات البشرية تعيش في واقعها حالة الصراع، حالة النزاع، حالة الاختلاف، والشر موجودٌ في واقع البشر، هناك أشرار، هناك خلافات، هناك أطماع، هناك من يتحركون من أبناء المجتمع البشري وهم يحملون عقدة البغي، والعدوان، والطغيان، والاستكبار، ويمارسون الظلم، ويشكِّلون خطراً وتهديداً على أمن المجتمعات البشرية، على السلم في المجتمع البشري، وبدون أن يتحرك الآخرون الذين ينتمون إلى الخير، ينتمون إلى الإيمان بالمبادئ الإلهية، والقيم الإلهية، والقيم الفطرية والإنسانية، بدون أن يتحركوا هم أيضاً في إطار مسؤولياتهم المقدَّسة، مسؤولياتهم العظيمة، وفقاً لسنَّة الله "سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى"، التي عبَّر عنها الله في القرآن الكريم بقوله: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}[البقرة: من الآية251]، بدون أن يتحركوا، هم يفسحون المجال نتيجة لتخاذلهم لجبهة الشر، للمجرمين، للطغاة، للأشرار المجرمين، السفاحين، السفاكين للدماء، وينتج عن ذلك مآسٍ كبيرة، وكوارث رهيبة، ومظالم خطير جدًّا في واقع الناس.
فالمجتمعات البشرية بشكلٍ عام تسعى لأن تكتسب في واقعها القوة، والمنعة، والقدرة العسكرية، وكل وسائل القوة التي تساعدها على الدفاع عن نفسها، على دفع الأخطار عنها.
بل البعض من المجتمعات البشرية لا تكتفي بهذا المستوى من الاهتمام، من الجهوزية، من السعي للقوة، بل تسعى إلى أن تكون في مستوى القدرة على ضرب الآخرين، على السيطرة على الآخرين، على قهر الآخرين، على التغلب عليهم، وعلى ثرواتهم، وهذا معروفٌ في الواقع البشري: أنَّ هناك اهتمام كبير بأن تكون المجتمعات قوية، وأن تكتسب كل وسائل القوة التي تحميها، أو أكثر من ذلك: تستغلها لاستهداف الآخرين والسيطرة عليهم. فالإسلام هو ينظم هذه المسألة: مسألة أن تسعى الأمة لتكون قويةً، منيعةً، قادرةً على دفع الخطر عنها، على دفع الشر عنها، ينظم هذه المسألة ضمن الالتزامات الإيمانية والأخلاقية، ووفق القيم الإلهية، والمبادئ الإلهية، والضوابط الأخلاقية، ويربطها في غاياتها وأهدافها بما هو مقدَّس، بما هو مرتبط بالقيم والمبادئ والأخلاق الإلهية.
وبدون الاهتمام بهذا الجانب، فالنتيجة خطيرة جدًّا في واقع الأمة: تبقى الأمة بدون منعة، بدون قوة، بدون عزة، ويستبيحها الأشرار الطغاة المجرمون الظالمون، يستغلون ضعفها، يستغلون عجزها، يستغلون هوانها وذلها، فيستهدفونها بكل أشكال الاستهداف.
وواقع المسلمين هو يترجم هذه الحقائق: حالة الضعف في الواقع الإسلامي، في واقع المسلمين، وليس في الإسلام نفسه، حالة الضعف الرهيب، وما ينتج عنه، وما يترتب عليه من مآسٍ ومظالم كبيرة في واقع أمتنا، هو يدل بشكلٍ واضح على أهمية هذه الفريضة، وما يرتبط بها من نتائج مهمة في واقع الأمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
كلمة القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة تدشين الذكرى السنوية للشهيد 1445