نحن نرى في واقع أمتنا الإسلامية كم تركت الأفكار الظلامية الهدَّامة من أثرٍ سلبي في الكثير من الناس، في الاتجاهين:
اتجاه الأفكار الظلامية التي تؤسس للغلو، وتؤسس للإفراط وللتجاوز، كما هي الحالة بالنسبة للقوى التكفيرية، إنَّ الأفكار الظلامية هي التي تصنع من الإنسان إما داعشياً، تكفيرياً، مغالياً، متزمِّتاً، متوحشاً، له نظرة خاطئة وفهم خاطئ للمفاهيم الدينية؛ فيتحرك في أوساط الأمة بشكلٍ خاطئ، وبشكلٍ منحرف، ويلحق بهذه الأمة الضرر الكبير جدًّا، ويتحول إلى إنسانٍ خطر يشكِّل خطورةً على أمته، على أمنها، على استقرارها، على خيرها، على ألفتها، على وحدتها، ينشر البغضاء والكراهية، يهدم القيم العظيمة لهذا الإسلام: قيم الرحمة، قيم الحكمة، القيم الخيِّرة التي تبني المجتمع مجتمعاً خيِّراً، صالحاً، متراحماً، متعاوناً، متكاتفاً، محسناً، يبني على أساسٍ من التوحش، والكراهية، والبغضاء، وانعدام الرحمة، وينطلق في هذه الحياة أيضاً مرتبطاً بشكلٍ أو بآخر بأعداء الأمة الذين يستغلونه، ويرون فيه أداةً تستغل في تشويه الإسلام أولاً، وفي تدمير الأمة من الداخل ثانياً.
والاتجاه الآخر الذي نرى أثره السيء في واقع أمتنا الإسلامية نتيجةً للأفكار الظلامية والهدَّامة، ونتيجةً للانحراف عن المعارف الإلهية الصحيحة، وعن المفاهيم الصحيحة، هو الاتجاه الذي أيضاً يبني حالةً من التبعية في واقع الأمة لأعدائها، التبعية الثقافية، التبعية الفكرية، الانجرار وراء المفاهيم المخادعة التي يقدِّمها أعداء الأمة؛ فيضربون بها القيم والأخلاق في أوساط الأمة، وتدجِّن أبناء الأمة للطغاة والجائرين والمستكبرين، وتهيئ هذه الأمة للخنوع والاستسلام لأعدائها.
كلا هاتين الحالتين هي ناشئة عن الأفكار الظلامية، عن الجهل المركَّب الذي انتشر بين أبناء الأمة بشكلٍ كبير؛ فأنشأ دواعش من جانب، وأنشأ منحلِّين عن القيم ويعيشون حالة التبعية العمياء لأعداء الأمة في المفاهيم، وفي التبعية الثقافية، والتبعية الفكرية، وهذه هي حالة خطيرة جدًّا، الجهل المركَّب والأمِّيَّة في المفاهيم هي أخطر من الجهل البسيط، وهي أخطر من أمِّيَّة القراءة والكتابة، الشاعر يقول وهو يتحدث عن الجهل المركَّب:
قال حمار الحكيم يوماً لو أنصف الدهر كنت أَرْكَب
لأنني جاهــلٌ بسيـــطٌ وصاحبـي جاهــلٌ مــركــب
الأمِّيَّة التي تنتشر حتى في أوساط الكثير من النخب الأكاديمية، والنخب العلمية هي أمِّيَّة المفاهيم، التصورات الخاطئة، وكذلك الحالة التي نجدها لدى المتزمتين والمغالين والمفرطين والدواعش والتكفيريين هي المفاهيم الظلامية، المفاهيم الخاطئة، التصورات الخاطئة، وكل هذا يمكن أن نعالجه بالرجوع إلى المنبع الصحيح، المنبع الصافي للعلوم والمعارف الإلهية: الثقافة القرآنية، القرآن الكريم كما هو، الرجوع إلى القرآن الكريم وفق ما يقدِّمه القرآن الكريم، وليس رجوع المتزمتين والمزيفين للحقائق، الذين يهدفون حتى إن رجعوا إلى النصوص القرآنية إلى العمل على تحريف مفاهيمها، إلى لَيِّ مفاهيمها؛ لتكون متوافقةً مع رؤاهم، مع تصوراتهم، مع أفكارهم الخاطئة والسيئة والظلامية التي أوصلت الأمة إلى الحضيض، أوصلت الأمة إلى مرحلة سيئة جدًّا، إلى مرحلة التخلف في زمن تقدَّمت عليها فيه سائر الأمم في كل مجالات الحياة، بينما القرآن الكريم بما فيه من المعارف الصحيحة يؤسس ويبني لحضارةٍ عظيمة، بدءً من تقديمه مفهوماً صحيحاً للاستخلاف في الأرض، ماذا يعني الوجود البشري على هذه الحياة؟ فيؤسس لحضارة صحيحة، حضارة عظيمة تبني الحياة، وتبني في هذه الحياة أيضاً القيم والأخلاق العظيمة.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة اختتام المراكز الصيفية 3 ذو الحجة 1440هـ.