فريضةٌ عظيمة، وأهميتها كبيرة، على المستوى التربوي في تزكية النفس، في التزود بالتقوى، فيما يتعلق أيضاً بجانب الهداية، والحج باعتباره ركنٌ عظيمٌ من أركان الإسلام له أهداف عظيمة، وله غايات كبيرة ومقدسة، وهو من أهم معالم الدين الإسلامي، بعطائه الواسع، فله أهمية على المستوى التربوي، والأخلاقي، وتزكية النفس، وعلى المستوى الروحي في الانشداد إلى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأيضاً على المستوى المتعلق بالمسؤولية، بمسؤوليات الأمة، وبوحدة كلمتها، وبأخوتها، ومن أهم ما يرمز إلى وحدة المسلمين، ومن أهم المعالم التي تتجلى فيها وحدة المسلمين ضمن تعليمات الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وله أثره الكبير في حياة المسلمين على مستوى دينهم ودنياهم، وبركاته واسع، ولأن المقام في هذه الكلمة وفي هذه الدروس ليس مقام الحديث عن هذه التفاصيل المتعلقة بالحج، وإنما من باب الإشارة الإجمالية في هذا السياق نفسه، عن أهمية شهر ذي الحجة، وما جعل الله فيه من المناسبات والبركات.
وللأسف الشديد فالمسلمون يعانون بشكلٍ كبير فيما يتعلق بالتمكن من أداء فريضة الحج، والفوز بما فيها من العطاء الكبير، الذي يَمُنُّ الله به على عباده المسلمين، يعانون في مسألة التمكن من أداء هذه الفريضة معاناة كبيرة؛ بسبب القيود، والإجراءات، والتعقيدات التي يمارسها النظام السعودي تجاه المسلمين، وتنوعت هذه القيود، قيود، وإجراءات، وتكاليف مادية باهظة في المقدمة، أعاقت الكثير من المسلمين عن التمكن- أصلاً- من أداء تلك الفريضة العظيمة والمباركة؛ لأن إجراءات السفر لها من أصعب الإجراءات، حتى لتكاد أن تكون أكبر تعقيدات في أي سفر يريد الإنسان أن يسافره إلى أي بلد، أو إلى أي مناسبة، سيجد التعقيدات الأكبر، والإجراءات المعقدة بشدة تتعلق بأداء فريضة الحج، على مستوى قيود كذلك تحرم الكثير من أبناء الأمة من أداء هذه الفريضة، على مستوى التكاليف المالية، وهناك متاجرة من جانب النظام السعودي، متاجرة ليس له فيها أي حقٍ أبداً تجاه فريضة الحج، فهو يبتز الحجاج، ويأخذ مقدماً الكثير من الأموال، في هذا الموسم نفسه، موسم هذه السنة، كان هناك في الالتزامات المالية، في الجباية المالية، في القيود المالية، كذلك زيادة، زيادة مكلفة، وباهظة، ومؤثرة على الكثير من أبناء الإسلام، لا سيما مع الظروف الصعبة التي يعاني منها المسلمون، والشيء المؤسف أنه مجرد ابتزاز، واستغلال، وكسب محرم، يعني: ليس النظام السعودي بحاجةٍ إليه.
من حكمة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أنه هيأ لأن تكون في بلاد الحرمين ثروة، وسعة في الرزق، وكانت هذه المسألة في تدبير الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" منذ البداية، من زمان قديم، من دعوة نبي الله إبراهيم "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، حينما استجاب الله له دعاءه، مع أنه في دعائه كان يريد أن تقتصر دعوته للمؤمنين، فالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أجاب عليه بقوله: {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا}[البقرة: من الآية126]، فالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في تدبيره جعل هناك سعة، سعة تُسْقِط أي تعلل، أو تبرير، يحاول من يسيطر على مكة أن يبرر به ابتزازه لحجاج بيت الله الحرام لأخذ المال منهم، فالنظام السعودي يجب أموالاً طائلةً جداً، ويتعامل مع بيت الله الحرام، والديار المقدسة، والشعائر الإسلامية، يتعامل معها كمورد مالي، من ضمن موارده المالية، لم يكفه أن لديه موارد ضخمة وهائلة جداً، في مقدمتها: أكبر احتياطي من النفط على مستوى العالم، وأكبر إنتاج نفطي لديهم، يصدرونه ويجنون من ورائه مليارات الدولارات، لم يكفهم ذلك؛ وإنما اعتبروا الشعائر الإسلامية مورداً من الموارد المالية، وفرضوا جبايات مالية، من خلال شعائر الحج، ومن خلال العمر، هذا شيءٌ مؤسف!
وفعلاً نحن في اليمن، ونحن بلد مجاور، بلدٌ مجاورٌ لبلاد الحرمين الشريفين، ومع ذلك معظم اليمنيين يجدون مسألة الحج مسألةً معقدة في إجراءاتها، وترتيباتها، وكلفتها المالية، الكلفة المالية التي تؤخذ من الحاج مقدماً، دع عنك مسألة النفقات هناك، وهم يستغلون حتى هذه المسألة، عندما يأتي موسم الحج يقومون برفع الأسعار هناك، ويقومون أيضاً برفع الأسعار، ورفع الإيجارات، ورفع مستوى أي شيء يتعلق به تكاليف مالية، بحيث يحاولون أن يستغلوا ذلك- كما قلنا- كمورد مالي، لكن إلى أسوأ مستوى يتخيله الإنسان، ثم يطلقون على أنفسهم ألقاب (خادم الحرمين)، ويقدمون أنفسهم أنهم يخدمون الحرمين الشريفين؛ ينما هم يستغلون الحرمين الشريفين؛ للحصول على أموال هائلة جداً ولابتزاز الناس.
ثم المعاملة هناك، المعاملة مع الحجاج، القيود التي تُفرض عليهم أثناء أداء فريضة الحج، وأثناء شعائر الحج، قيود في إطار النظرة المذهبية الوهابية الضيقة، وأيضاً في إطار آخر: إطار التوجه السياسي للنظام السعودي الذي يطغى على كل شيء، ثم يكون هو السقف فوق شعائر الحج، فوق ما فيه من فرائض، ما يفترض فيه أيضاً من أنشطة تُعزز الأخوَّة الإسلامية بين المسلمين، وتساعد من التفاف المسلمين حول قضاياهم الجامعة والكبيرة، ومسؤولياتهم المقدَّسة... وغير ذلك، يحاول ما يفترض أن يخرج به الحجاج أيضاً من ترسيخ لموقفهم الإسلامي تجاه أعداء الأمة، وتجاه الشيطان وأولياء الشيطان، ويرمز إلى ذلك رمي الجمار... إلى غير ذلك من التفاصيل، فهناك أيضاً التوجه السياسي للنظام السعودي، الذي يجعل منه سقفاً، ويحاول أن يهبط بكل أمور الحج، شعائره، ما فيه من مناسبات، ما فيه من أمور مهمة تحت سقف توجهه السياسي، وليس على سبيل أن يقوم هو بتحويل توجهه السياسي، ليكون سقفه ما في الحج من فرائض، من شعائر، من أذكار، من مناسبات، ما فيه أيضاً من هدايةٍ إلهية، ما فيه من أنشطة عملية لها دلالة إلى واقع الأمة، ترتبط بواقع الأمة، وقضايا الأمة، ومسؤوليات الأمة... إلى غير ذلك، فهو عكس المسألة تماماً، هذا شيءٌ مؤسف!
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من حكم أمير المؤمنين علي "عَلَيْهِ السَّلَام"
ألقاها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي
الدرس الأول
السبت 2 ذو الحجة 1445هـ 8 يونيو 2024م