عندما نستعرض نماذج رئيسية نأتي أولاً إلى الجانب الروحي: وهو جانبٌ أساسيٌ في الهوية الإيمانية، وفي الانتماء الإيماني، وفي الواقع الإيماني للإنسان، شعبنا العزيز أول ما نتحدث عن هذا الجانب الروحي المتجلي في واقع شعبنا، وفي روحية شعبنا العزيز يمكن أن نستفيد، ومن خير ما نستفيد منه في هذا الجانب هو ما ورد عن رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” بالوصف لأهل اليمن، عندما قال فيما روي عنه: (أرقُّ قلوباً، وألين أفئدة)، هذا النص مهم في التعبير عن الجانب الروحي.
الجانب الروحي والمعنوي والنفسي أهم ما فيه هو القلب، المشاعر الداخلية للإنسان، ثم يأتي ما يترجم هذه المشاعر، وما يعبر عن هذه المشاعر في الأعمال، في السلوكيات، في الشعائر الدينية، وسنتحدث عنه باختصار إن شاء الله.
(أرقُّ قلوباً، وألين أفئدة)، في مقابل أنَّ هناك آخرين ممن هم قساة القلوب، ممن يتصفون بقسوة القلوب، هذه المشاعر الرقيقة الإنسانية لها أهمية كبيرة جدًّا في تفاعل الإنسان مع هدى الله، في تأثره بهدى الله “سبحانه وتعالى”؛ لأن الإنسان إذا كان قاسي القلب، فهو بعيد عن التفاعل مع الهدى، والتقبل للهدى، بعيدٌ عن المشاعر النبيلة، والمشاعر الإنسانية التي تجعله قريباً من الفطرة؛ وبالتالي قريباً من الدين في قيمه، في أخلاقه، في تعاليمه، هذه المشاعر المعبر عنها بـ (رقة القلوب ولين الأفئدة) هيأت الكثير من أبناء شعبنا العزيز من رجاله ونسائه لأن يكونوا على درجة عالية في علاقتهم بالله “سبحانه وتعالى”، القلوب الرقيقة والأفئدة اللينة هي قريبة من التفاعل مع الله “سبحانه وتعالى”، قريبة من أن تحمل مشاعر المحبة، والتعظيم، والخشية، والخشوع، والخضوع لله “سبحانه وتعالى”؛ ولهذا نرى أيضاً أنَّه ورد فيما يتعلق بنصٍ قرآنيٍ مهم هو قول الله “سبحانه وتعالى”: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة: من الآية54]، أنَّ أهل اليمن هم من مصاديق هذا النص، من أهل اليمن من يكونوا ضمن القوم هؤلاء، ومصاديق لهذا النص القرآني المبارك، وفعلاً بهذه القلوب والمشاعر الرقيقة القريبة للتفاعل والتأثر مع هدى الله مع الله “سبحانه وتعالى” لأن تمتلئ بحب الله “سبحانه وتعالى” عندما تذكر بالنعمة، عندما تعرف الله في عظمته فيما عَرَّف به نفسه في كتابه المبارك، وعن طريق نبيه الكريم؛ تتأثر، تتفاعل، تحب، تنشد، ليست قلوباً قاسية، ليست قلوباً مقفلة ومغلَّقة.
كذلك على مستوى التفاعل الوجداني الذي تتجلى تعبيراته في الاهتمام بالشعائر الدينية:في الإقبال على ذكر الله، في إحياء فرائض الله، بدءاً من الاهتمام بالصلاة، من عمارة المساجد بالذكر لله “سبحانه وتعالى”، والجو الذي كان سائداً على مرِّ الزمن وعبر القرون في المساجد الكثيرة جدًّا المنتشرة في بقاعنا اليمنية، والتي كان الإقبال عليها كبيراً، والجو فيها جو ذكر لله “سبحانه وتعالى”، إحياء للصلوات، إحياء للأذكار عقب الصلوات بشكلٍ جماعي، إحياء للصلوات الإبراهيمية ما بعد صلاة العشاء، ما بعد صلاة الجمعة، عناية بالذكر بشكلٍ بارز، عناية بالمناسبات الدينية، واهتمام كبير بها، كل المناسبات الدينية، عناية فائقة بشهر رمضان المبارك، وإحياء لهذا الشهر المبارك بتلاوة القرآن، بالنوافل والمستحبات، عناية والتزام كبير بصيامه وقيامه… روحانية بارزة يعيش هذا الشعب في ذكره لله، في إحيائه للشعائر والمناسبات، حتى هذه المناسبة: جمعة رجب، الاهتمام بها يأتي في هذا السياق، من هذه الروحية في الإقبال على الله من القلوب والمشاعر والوجدان، والتفاعل مع كل ما يعبر عن هذه الروحية، كذلك نجد تجليات لهذا الجانب على مستوى التفاني في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، والإقبال إلى الله “سبحانه وتعالى” في شتى مجالات الحياة، هذا على المستوى الروحي.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة جمعة رجب 1440هـ
(اليمن.. الهوية الإيمانية ومخاطر التحريف والانحراف)