مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

أمام كل هذه الصعوبات وكل هذه التحديات، كان النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- يتحرك واثقاً بالله -سبحانه وتعالى-، متوكلاً على الله -جلَّ شأنه-، وهو- في نفس الوقت- يؤمن بهذه الرسالة، يؤمن بعظمتها، يؤمن بأهميتها، يؤمن بإيجابيتها في الواقع، وقد حمل روحيتها العالية؛ لأن هذا الدين العظيم يترك أثراً عظيماً في نفس الإنسان، في مشاعره، يعزز فيه اليقين، الثقة بالله -سبحانه وتعالى-، الاطمئنان، التوكل على الله، ينمِّي فيه مكارم الأخلاق، يبني فيه الروحية والمعنوية العالية، والنبي -صلوات الله عليه وعلى آله- هو الذي حمل كل ذلك على أرقى مستوى؛ فلذلك كان يتوكل على الله -سبحانه وتعالى-، ويثق بنصره، ويعتمد عليه، ويواصل كل جهوده أمام كل تلك الصعوبات وبقوة: قوة في الموقف، قوة في الثبات، قوة في الصمود، وعدم تأثر بكل تلك الضغوط؛ ولذلك وصل الأعداء معه في ضغوطهم، في استهدافهم، إلى مراحل خطيرة، قال الله -جلَّ شأنه-: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال: الآية 30].

 

فهذه التحديات الكبيرة التي كانت قائمة في الساحة، لم تثنِ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولم تضعف من عزمه، ولم تدفعه إلى التراجع، ولم تحد أو تضعف من عزمه وتوجهه ونشاطه؛ بل كان يتحرك بكل جد، وبكل اهتمام، وبكل مسؤولية، فجهوده في المدينة بدأت ثمارها، وبدأت النتائج الإيجابية تتحقق في تكوين هذه الأمة التي تحمل هذه الرسالة، وتتمسك بهذا الدين، والذي هو دين الفطرة، ودين الحق، كل ما فيه من أسس، من مبادئ، من تشريعات، هي حقٌ، وهي منسجمةٌ مع الفطرة البشرية؛ إنما كانت الفطرة قد تلوثت بفعل الممارسات والعقائد السلبية، والأفكار السيئة، والضلال المبين، والسلوكيات المنحرفة التي تعززت في الساحة، تشويش ثقافي وفكري على الفطرة هذه، وتدنيس سلوكي وعملي لهذه الفطرة، والنبي -صلوات الله عليه وعلى آله- جاء بهذا الدين الذي ينسجم مع هذه الفطرة، ويعيد إليها نقاءها.

 

فهذا الدين العظيم بحركة رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- الذي جسَّد فيها قيم هذا الدين، مبادئ الدين، عظمة هذا الدين، وامتلك بهداية الله -سبحانه وتعالى- وبالتربية والإعداد الإلهي له امتلك المقومات العملية الراقية جدًّا: امتلك الحكمة، امتلك الرشد، امتلك قوة البيان، وهو في أخلاقه على نحوٍ عظيمٍ جدًّا، لا مثيل له في الواقع البشري، فكان يتحرك وهو يمتلك هذه العناصر المهمة، التي هي في مقابل تلك التحديات هي عناصر قوة، فهو في مقابل أنه لم يمتلك الإمكانات المادية الضخمة، امتلك الأخلاق، امتلك الحق، امتلك قيم الإسلام، امتلك تلك الروحية العالية، امتلك الإيمان، والثقة بالله، والتوكل على الله -سبحانه وتعالى-، امتلك هذه الرسالة التي تنسجم مع الفطرة، والتي تمثل حلاً فعلياً لواقع البشرية؛ إنما كانت بحاجة إلى نموذج يبتني، ثم يقدِّم في واقع حياته وفي سلوك حياته هذا الدين، ثم تلحظ وتتجسد نتائج هذا الدين وإيجابية هذا الدين في واقع ذلك المجتمع، في واقع تلك النواة، في واقع تلك الأمة مهما كانت في البداية أمةً محدودة، أو قليلة العدد.

 

فرسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- تحرك وكما قلنا كانت المخاوف هي الحالة السائدة، كانت المعاناة من الاستضعاف، كانت الضغوط المؤثرة في كثيرٍ من الناس هي الحالة المنتشرة والسائدة؛ ولذلك بلغ عناد الأعداء، وبلغ مكرهم في محاربة هذا الدين، إلى ما قدم القرآن الكريم كثيراً من السور عنه، مثلاً: في عنادهم، يقدم لنا القرآن الكريم ما وصلوا إليه في مستوى عنادهم العجيب، {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: الآية 32] إلى هذا المستوى من العناد: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، كانوا وصلوا إلى هذا المستوى من العناد، الذي يطلبون فيه إن كان ما أتى به النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- هو الحق، فأن يمطر الله عليهم حجارة من السماء، ويبيدهم، ويقضي عليهم، فهم يعبِّرون بهذا العناد عن عدم استعدادهم نهائياً لتقبل هذه الرسالة، ولم يصل الأمر فقط إلى هذا المستوى؛ وإنما اتجهوا إلى محاربتها، إلى منعها، إلى عدم السماح للناس بالإيمان بها، والالتفاف حولها، واتجهوا بالمؤامرة على شخص النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- وحاولوا استهدافه، {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ}.

 [الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة المحاضرات الرمضانية المحاضرة الثامنة عشرة (يوم الفرقان- 1) 1441هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر