نتحدث عن بعضٍ من الحقائق المهمة، وعمَّا يوضِّح لنا من خلال القرآن الكريم والواقع خطورة هذا العدو، والضرورة القصوى والمسؤولية المهمة في التصدي لهذا الخطر.
العدو الإسرائيلي هو عدو، ليس فقط مجرد عدوٍ كبقية الأعداء؛ وإنما هو الأشد عداوةً لنا كأمةٍ مسلمة، الأشد عداوة، بين كل الأعداء هو في رأس القائمة (الأشد عداوةً للمسلمين)، وهذا ما أكَّد عليه القرآن الكريم بصريح العبارة، والله “سبحانه وتعالى” قال في القرآن الكريم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة: من الآية82]، فكانوا هم (رقم واحد)، وحتى قبل الذين أشركوا، (رقم واحد) في كونهم الأشد عداءً لأمتنا، فهم ليسوا بأصدقاء، هم أعداء، وهم الأشد عداءً.
القرآن الكريم تحدَّث كثيراً عن عداوتهم لنا كمسلمين وبعبارات مهمة، قال الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم عن هذا العدو: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}[آل عمران: من الآية118]، بمعنى: أنهم يودُّون لكم كل ضرر؛ وبالتالي يسعون إلى إلحاق كل ضررٍ بكم، مهما كان ضرراً بالغاً، فهم يرغبون في أن يلحقوا بكم أبلغ الضرر، وأشد الضرر، على كل المستويات:
خطر على حياتكم.
خطر على أمنكم.
خطر على اقتصادكم.
يسعون إلى إلحاق الضرر بكم على أبلغ مستوى، على أشد مستويات الضرر، في كل شؤون حياتكم.
يقول عن عدائهم الشديد: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران: من الآية119]، يعيشون حالة من الشعور بالعداء نحوكم، إلى درجة أن يعضوا على أناملهم تغيظاً عليكم، وحنقاً عليكم، فحالة المشاعر العدائية لديهم هي ساخنة جدًّا، ساخنة جدًّا، تتأجج في مشاعرهم حالة العداء، والكراهية، والبغضاء، ضد أمتنا الإسلامية.
يقول عنهم “سبحانه وتعالى” أيضاً عن عقيدة من عقائدهم الدينية: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}[آل عمران: من الآية75]، فلديهم عقيدة دينية، يستبيحوننا بها كأمةٍ مسلمة استباحةً شاملة، يستبيحون دماءنا، وقتلنا، يستبيحون الأموال، يستبيحون انتهاك الحرمات والأعراض، وهذه عقيدة عدائية خطيرة، إضافةً إلى أنها عندهم عقيدة دينية، هذه الحقائق المهمة يشهد لها الواقع:
على المستوى التاريخي:
كيف حاربوا الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله، كيف غدروا ونقضوا العهود والمواثيق والاتفاقيات، وكيف كان غدرهم ومكرهم، ومعروف ما حصل تاريخياً معهم.
وعلى مستوى الحاضر:
كلنا يعرف أنَّ الكيان الصهيوني نشأ على أساس الاعتماد على الجرائم: جرائم القتل، والإبادة الجماعية، والوحشية، وارتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وبحق هذه الأمة، في كل المراحل الماضية وسلوكه الإجرامي هو السلوك الثابت، العدواني، الذي قتل فيه مئات الآلاف من أبناء أمتنا الإسلامية، وبالذات من أبناء شعبنا الفلسطيني، وشرَّد الملايين، واغتصب الأراضي، ولا يزال سلوكه الإجرامي على نحوٍ يومي بحق الشعب الفلسطيني، ولا تزال أنشطته العدوانية ذات الأشكال المختلفة والمتنوعة في كل المجالات تستهدفنا كأمةٍ مسلمة.
ثقافتهم تشهد:
على مستوى موروثهم الثقافي الذي يقدَّم على أنه ديني، فيه من العقائد، فيه من المفاهيم، فيه من النصوص، ما يعبِّر عن عداء شديد، عداء شديد لنا كأمةٍ مسلمة، عداء للمجتمع البشري بشكلٍ عام، مع الاستباحة للدم، والعرض، والمال، وفي نفس الوقت مع الاحتقار الشديد، فهم يعتبرون أننا لسنا حتى بشراً حقيقيين، كمسلمين لسنا- بنظرهم في موروثهم الثقافي- كبشر حقيقيين.
مناهجهم المدرسية تشهد:
فيها الكثير والكثير من العبارات، من التعبئة العدائية الشديدة التي يربون عليها حتى الأطفال، حتى أطفالهم.
مع سلوكهم الإجرامي، وثقافتهم، وسياساتهم، وممارساتهم العدوانية، تتجلى لنا الحقيقة الواضحة: أنهم أعداء بكل ما تعنيه الكلمة.
ومع عدوانيتهم الواضحة:
في ثقافتهم.
في مناهجهم الدراسية.
في شعاراتهم.
في سياساتهم.
في خططهم.
في سلوكهم الإجرامي، العدواني، البشع، المعروف، الذي سجَّله التاريخ، وسجلته الوقائع والأحداث.
سعيهم لتزييف الحقيقية في النظرة إليهم كأعداء
يحاولون- بخداع عجيب- أن يقدِّموا لنا صورةً مختلفة عنهم، وأنهم أصدقاء، وأنه يجب أن ننظر إليهم كأصدقاء، وليس كأعداء، وتصل هذه النظرة، التي يحاولون أن تحملها الأمة تجاههم، ليتبناها البعض من أبناء الأمة في هذه المرحلة:
تتبناها بعض الأنظمة، وتبني عليها سياستها في التطبيع معهم.
وتتبناها جماعات تكفيرية، تزعم أنها متدينة، وأنها دينية.
وتبني هذه الجماعات، وتلك الأنظمة، التي اتجهت في سياق الولاء المعلن، والعلاقة المكشوفة المفضوحة مع العدو الإسرائيلي، تبني عليها نشاطها الإعلامي والتثقيفي حتى باسم الدين، وتحت العناوين الدينية؛ لتقدِّم صورةً مختلفة، الهدف منها: حرف بوصلة العداء، لا تبقى متوجهةً منا نحن كمسلمين تجاه ذلك العدو، الذي هو عدوٌ حقيقي، أخبرنا الله عن أنه عدوٌ لنا، وهو “سبحانه وتعالى” الأعلم بمن هو العدو، حتى في سياق وهو يخبرنا أنَّ العدو اليهودي الصهيوني هو العدو الحقيقي لنا، قال “جلَّ شأنه” عبارةً مهمةً جدًّا: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}[النساء: من الآية45]، ليست مسألة دراسة من مركز أبحاث ودراسات، استنتج منها بقرائن غامضة وخفية، أنَّ هذا عدو، أنَّ العدو اليهودي الصهيوني هو عدو هذه الأمة، لا، الذي أخبرنا بذلك، أعْلَمنا بذلك، أكَّد لنا على ذلك: هو الله “سبحانه وتعالى”:
العليم بعباده.
العليم بذات صدورهم.
العليم بما يعملون.
والخبير بما يعملون.
والذي يخبر وهو يعلم الغيب والشهادة.
ويعلم السر في السماوات والأرض.
هو الذي أعْلَمنا بأنهم الأشد عداوةً لنا حتى، وليسوا أعداء كبقية الأعداء، وإنما الأشد عداءً، والأخطر في عدائهم لنا بين كل الأعداء، وبين قائمة كل الأعداء.
مع ذلك تأتي بعض الأنظمة، ومنها أنظمة يأتي قادتها ليقولوا: [إنَّ دستورهم هو القرآن]، فإذا بهم يتبنون رؤيةً مخالفةً بشكلٍ صريحٍ للقرآن، ومتباينةً بشكلٍ كليٍ مع القرآن، فيقولون: العدو هو من؟ العدو هو الشيعة، العدو هو إيران، العدو هو جزءٌ من المسلمين، هو العدو الأشد، العدو الأخطر، العدو الذي يجب أن تتجه إليه بوصلة العداء،
ثم يريدون من الأمة أن تحرف بوصلة العداء كلياً، فلا تتجه نحو العدو الإسرائيلي، فتتجه إلى الداخل فيما بينها؛ لتتناحر فيما بينها، تحت عناوين مذهبية وطائفية، وفي الإطار التكفيري، الذي تنشط فيه الجماعات التكفيرية، في مخالفة واضحة وصريحة للقرآن، تلك الجماعات التكفيرية التي تبنت رؤية مختلفة في من هو العدو، الأشد عداوة، والأخطر عداوة، مخالفةً بشكلٍ واضحٍ للقرآن، هي مكشوفة ومفضوحة، وتجلى بالشواهد الدامغة، على مستوى الفعل والقول، مدى ارتباطها بالأعداء، بخدمة الأعداء، بخدمة أمريكا وإسرائيل.
تلك الأنظمة يتبين لنا جميعاً، أنها وهي تحمل رؤيةً مخالفةً للقرآن، مخالفةً للواقع، مخالفةً للأحداث والوقائع المعروفة، أنها كذلك منحرفة بتوجهها، ومخدوعة، ومتجهة الاتجاه الخاطئ.
لماذا يحرص الصهاينة على ألا ننظر إليهم كأعداء؟
لماذا يحرص اليهود الصهاينة على أن نحمل رؤيةً مختلفةً عنهم، ألَّا ننظر إليهم كأعداء، بعد أن أخبرنا الله، وبعد أن رأينا من الواقع، وبعد أن أثبتت الأحداث أنهم هم العدو؟
لأنهم أعداء خطيرون، يريدون أن نتجه بحالة العداء إلى اتجاهات ثانية، اتجاهات خاطئة؛ وبالتالي يتمكنون هم من مواصلة نشاطهم العدائي بأساليبهم الخطيرة الشيطانية؛ لأنهم عدوٌ ليست معركته فقط معنا معركةً عسكرية، معركته معنا شاملة، واستهدافه لنا شاملٌ في كل المجالات، والاستراتيجية التي يعتمد عليها في مواجهتنا كأمةٍ مسلمة، هذه الاستراتيجية هي: تجريدنا كأمةٍ مسلمة من كل عناصر القوة المعنوية والمادية؛ بما يسهِّل له السيطرة الكاملة علينا بأقل كلفة، ومن دون عناء، وهذا ما حرص القرآن الكريم أن ينبهنا عليه، وأن يوضِّحه لنا بشكلٍ واسع في القرآن الكريم.
ولذلك لاحظوا، والقرآن الكريم يبين لنا أنهم أعداء، ويكشف لنا الحقائق الكثيرة عنهم، ويبين لنا خطورتهم، ومؤامراتهم، ومكائدهم، يأتي من أول يوم ليحذِّرنا من الطاعة لهم والتولي لهم، وهذا شيءٌ غريب.
لاحظوا، عندما يحذرك الإنسان من عدو مثلاً، فتلقائياً الشيء الطبيعي أن يتجه إلى تنبيهك على الاستعداد للمواجهة، إلى أن ينبهك على ما تستفيد منه في الاستهداف لهذا العدو، أن يعرِّفك كيف تستهدف عدوك هذا.
أمَّا أن يأتي من أول يوم ليحذرنا من الولاء للعدو، من الطاعة للعدو، فهذه مسألة غريبة جدًّا، ولكنها تبين لنا كيف يعمل هذا العدو، كيف يستهدفنا هذا العدو.
هذا العدو يسعى إلى الوصول بنا إلى:
أن نطيعه.
أن نصبح أداةً بيده، أن يسيطر علينا هذه السيطرة الشاملة، التي تجعلنا أداةً في يده يستثمرنا، ويستثمر كل إمكانياتنا.
ولذلك هو يشتغل على:
أن يبعد عنا، أن يخرج منا، كل حالة الاستشعار للعداء نحوه، وأن يغير من نظرتنا إليه.
وأن يكسب ولاءنا، في الوقت الذي هو عدوٌ لنا.
ولاؤنا له لن يغيِّر شيئاً من عدائه لنا، هو يبقى عدواً مهما كان، يبقى متآمراً، يبقى لا يريد لنا أي خير، يبقى ساعياً فقط لكل ما يساعده على:
السيطرة التامة علينا.
وعلى استثمارنا كأمة.
واستثمار إمكاناتنا ومقدراتنا التي بين أيدينا.
وهذه نقطة خطيرة جدًّا؛ لأنه لا بدَّ لنا من الوعي كيف يعمل هذا العدو؛ وبالتالي ماذا علينا أن نعمل في المقابل.
فيأتي في القرآن الكريم التحذير الشديد من التولي لهذا العدو، إلى درجة أن يقول الله “سبحانه وتعالى”: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: من الآية51]، هذا تحذير شديد جدًّا، من يتولهم فَقَدْ فَقَدَ هويته الإيمانية، وانتماءه الديني، وأصبح محسوباً منهم.
يقول الله “سبحانه وتعالى”: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]؛ ليبين أنها حالة انحراف خطير، وحالة ليست صحية:
لا على المستوى الإيماني.
ولا الثقافي.
ولا على مستوى زكاء النفس.
ولا على مستوى الوضع الطبيعي للإنسان كإنسان، أن يسارع في خدمة عدوه، في التولي لعدوه، في العمل لصالح عدوه.
يقول الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}[آل عمران: الآية100]، فنلاحظ تحذيره من طاعتهم؛ لأنهم في خبثهم، وبوسائلهم الشيطانية الماكرة، وأساليبهم الشيطانية الماكرة، يصلون بالبعض إلى أن يكون مطيعاً لهم؛ وبالتالي يعمل:
لتنفيذ مخططاتهم.
لتنفيذ مؤامراتهم.
للعمل وفق سياساتهم.
وفق إملاءاتهم.
وفق توجيهاتهم.
وفق أوامرهم.
بما يخدمهم ويضر بالأمة، ويضرّ به.
بما يمثل ارتداداً عن الإسلام في:
مبادئه.
وقيمه.
وأخلاقه.
وتعليماته.
ومنهجه العظيم.
وهذه نقطة مهمة جدًّا؛ لأنها تبين لنا جوانب خطيرة جدًّا في الصراع مع هذا العدو، يترتب عليها الخطوات العملية، المقابلة لمثل هكذا مساعي، ومؤامرات، وأساليب، وخطط.
يبين لنا القرآن الكريم أنهم يسعون إلى أن يسلبوا منا، وأن يجرِّدونا، من كل عناصر القوة المعنوية:
وفي مقدِّمتها: صلتنا بالله “سبحانه وتعالى”، الصلة الإيمانية، أن يفصلونا عن هذه الصلة؛ حتى لا نحظى بتأييد الله “سبحانه وتعالى”، بنصره، بمعونته، بهدايته، وسعيهم لأن يردونا بعد إيماننا كافرين؛ لأنهم يعرفون أنَّ الصلة بالله هي صلة إيمانية، أنَّ الصلة بنصر الله وتأييده هي صلة إيمانية، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم: من الآية47]، {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}[الحج: من الآية38].
سعيهم لأن يحوِّلوا هذه الأمة إلى أمة ترتد عن إيمانها، يتبعه نشاط واسع على كل المستويات:
نشاط سياسي.
نشاط ثقافي.
نشاط فكري.
نشاط واسع جدًّا:
نشاط على المستوى الأخلاقي؛ لضرب الأمة في أخلاقها.
التحريف للمفاهيم.
اللبس للحق بالباطل.
وأحياناً تأتي الكثير من هذه الأنشطة بأساليب غير مباشرة، على أيدي البعض من المحسوبين على الأمة:
كُتَّاب من أبناء الأمة.
أحزاب.
اتجاهات.
تكتب، تتحدث، تتبنى أفكاراً، ثقافات، مفاهيم، تفصل الأمة عن هذه الصلة بالله “سبحانه وتعالى”، تجرِّد الأمة من هويتها الإيمانية، تبعدها عن انتمائها الإيماني.
فهم يفصلون الأمة على:
المستوى المبدئي.
والعقائدي.
والثقافي.
والفكري.
والأخلاقي.
والسلوكي.
عن مقتضيات وارتباطات الانتماء الإيماني، وهذا الفصل عن الانتماء الإيماني يدخل:
من البوابة السياسية على نحوٍ واسع.
من البوابة الثقافية والفكرية على نحوٍ واسع.
ويشتغلون عليه بنشاطٍ واسعٍ ومتنوع، والكلام عن هذا يطول، لكنه توصيفٌ إجمالي.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي