في هذا السياق يأتي الموقف السعودي والإماراتي وموقف آل خليفة فيما يسمى بالتطبيع، وهو عبارة عن الولاء لأعداء الإسلام، والارتباط معهم على المستوى العلني، كان في الماضي على المستوى السري، ولكن لأن مسار انحرافهم وتحريفهم ومسار عمالتهم هو مسار تصاعدي، خرج من المستوى السري إلى المستوى العلني، ومن تحت الطاولة إلى ما فوق الطاولة، وهم بالقدر نفسه لهم مسار عدائي تصاعدي ضد أبناء هذه الأمة، ضد هذه الشعوب، ولذلك بقدر ما يزدادون ولاءً، وبقدر ما يظهرون ولاءهم لأمريكا وإسرائيل وللصهاينة اليهود؛ بقدر ما يبرز عداؤهم أكثر وأكثر لأبناء هذه الأمة، بقدر ما يكونون أكثر سلبيةً، وأكثر عداءً، وأكثر عملاً لاستهداف أبناء هذه الأمة، وهذا شيءٌ واضح، نجدهم أتوا بعبارة ومفردة: (السلام)؛ ليجعلوا منها عنواناً لهذا الولاء العلني لإسرائيل وأمريكا، وأين هم من السلام مع أبناء أمتهم؟ أليسوا هم الآن من يتحركون لتنفيذ مؤامرات أمريكا وإسرائيل في داخل هذه الأمة، فيأتون بالحروب هنا وهناك، ويشنون الحرب على هذا البلد، ويهندسون لحربٍ أخرى في بلدٍ آخر… وهكذا؟ أليسوا هم الآن مصدر الحروب، والاختلالات الأمنية، والأزمات الاقتصادية، والأزمات السياسية، والمشاكل الاجتماعية، ويسعون لإثارة الفرقة والنزاع بين أبناء الأمة تحت كل العناوين، بما فيها العناوين الطائفية؟ هم من ينفذون المؤامرات في كل هذه المسارات: في الحروب، والاختلالات الأمنية، والأزمات الاقتصادية، لصالح أمريكا ولصالح إسرائيل؛ لأنهم وصلوا في عمالتهم إلى مستوى غريب وغير مألوف في واقع العمالة والخيانة، العادة المشهورة والمعروفة على المستوى التاريخي وفي الواقع البشري: أنَّ العميل يشتغل ويقدِّم له الطرف الذي هو يعمل لصالحه يقدِّم له هو التمويل المالي، أو يقدِّم له المكافآت المالية؛ أما هؤلاء العملاء المتمثلون بالنظام السعودي والإماراتي وآل خليفة، فهم عملاء يقدِّمون المال هم، يقدِّمون لأمريكا حتى تربح في إطار مخططاتها التي يعملون على تنفيذها لاستهداف أبناء هذه الأمة.
كان من الغريب لدى كثيرٍ من أبناء هذه الشعوب أن يُظهر أولئك العملاء تنكرهم للشعب الفلسطيني إلى المستوى الذي برزوا عليه مؤخراً، وما حدث أيضاً في الجامعة العربية- التي تسمى مجازاً بالجامعة العربية- مؤخراً في الموقف من التطبيع والعلاقة مع إسرائيل، والولاء لإسرائيل، كان صادماً للبعض، ولكنه بالنسبة لنا غير مفاجئ، وكان متوقعاً، ولا نزال نتوقع أكثر مما قد ظهر لحد الآن، القوم هم يتجهون إلى أن يكونوا جبهةً واحدةً واضحةً صريحةً في المنطقة، هذا واضح، وليس مجرد علاقة شكلية، وكما قلنا في كلمةٍ سابقة: هم يركِّزون على التبرير لهذه العلاقة، لهذا الارتباط، لهذا الولاء، ويدخل تحت هذا التبرير الكثير من الأنشطة والأعمال التضليلية، على مستوى الفتاوى الدينية الباطلة، والتي فيها افتراء على الله -سبحانه وتعالى-، وعلى كتابه، وعلى رسوله، وعلى القرآن الكريم، لنرى كم يمثله هذا الانحراف من خطر كبير، ومن سوء كبير، يدخل فيه أشياء خطيرة جدًّا وكثيرة جدًّا، على المستوى الإعلامي، على المستوى السياسي، كم يقدِّمون وكم يفعلون في سياق التبرير لإعلان هذا الولاء، وهذا الارتباط، وهذه العلاقة.
ثم أيضاً على مستوى الترويج، هم لا يكتفون بذلك، لا يكتفون بأن يكونوا انحرفوا هم هذا الانحراف، ودخلوا في حالة من التبعية العمياء المعلنة والكاملة لأعداء الأمة، والارتباط بهم في صفهم وفي جبهتهم لاستهداف هذه الأمة؛ إنما يتجهون أيضاً للترويج لحالة التطبيع والولاء والارتباط المعلن بأعداء الأمة، بأعداء الإسلام، بأعداء النبي والقرآن، يتجهون للترويج والاستقطاب، والدفع لبقية أبناء الأمة بأن يحذوا حذوهم، وأن يقفوا معهم في جبهتهم مع إسرائيل، ثم يتجهون أيضاً بعدائيةٍ أكبر وأوضح لأبناء هذه الأمة الذين يثبتون على المبادئ، على الاستقلال، على الكرامة، على العزة، على الحرية بمفاهيمها الصحيحة، الذين لا يتجهون بمثل اتجاههم في التبعية والعمالة والخيانة لصالح أعداء الأمة، يعادونهم أكثر، ويتحركون ضدهم أكثر، ويقدِّمون الأموال الهائلة في هذا السياق.
ولذلك نحن نقول: أنَّ هناك فارقاً إلى حدٍ ما بين ما حصل سابقاً من مصر والأردن في علاقتهم بإسرائيل، وبين ما حصل مؤخراً من هذه الأنظمة الخليجية المتمثلة بالنظام السعودي والإماراتي وآل خليفة، مع أنه كله مدان، كل علاقة بإسرائيل، وكل تطبيع مع إسرائيل مدان ومستنكر وجريمة وخيانة، لكن توقعوا من هؤلاء أن يكونوا منافسين في العمالة، وأن يتجهوا بغباء وبتصرفات غريبة جدًّا، من يتابع المواقف الإعلامية لعناصرهم الاستخباراتية الإعلامية، يجد لؤماً عجيباً، وخسة، ودناءة عجيبة جدًّا، كيف يتباهون بالود لإسرائيل، والعلاقة مع اليهود الصهاينة، والولاء لليهود الصهاينة، كيف يدفعون حتى بنسائهم للتودد إلى الصهاينة، تصرفات غريبة جدًّا ودنيئة ومنحطة للغاية، وسيقدِّمون أموالهم بسخاء لصالح الصهاينة الذين لا يرون فيهم إلَّا بقرةً حلوباً، ويرون فيهم أنهم أغبياء، تمكَّن أولئك اليهود الصهاينة، وتمكَّن الأمريكي والإسرائيلي من أن يغنموهم، وأن يجعلوا منهم غنيمةً لهم يتحركون لصالحهم فقط، وهم في حقيقة الأمر سيخسرون، هم سيخسرون، الأمريكي سيستفيد من غبائهم، من ضلالهم، من انحرافهم، والإسرائيلي كذلك، والإسرائيلي يعرف كيف يستفيد منهم، الأمريكي والإسرائيلي كلاهما يعرف كيف يحلب هذه البقرة أكثر فأكثر، وكيف يستغلها، وكيف يستغل أيضاً قرونها في الإضرار بهذه الأمة، فترفس وتنطح أبناء هذه الأمة، وتقدِّم ضرعها للعدو الصهيوني والأمريكي ليحلب، فحليبها لليهود الصهاينة والأمريكيين؛ أما الرفس وأما النطح فلأبناء هذه الأمة!، هذا هو واقعهم الذي جعلوا أنفسهم فيه، موضعهم الذي وضعوا أنفسهم فيه، فمواقفهم وسياساتهم العدوانية، واتجاهاتهم التي سيتحركون فيها في كل المجالات: على المستوى الثقافي، والإعلامي، والسياسي، والفكري، والاقتصادي، والعسكري، والأمني، أصبحت قائمةً على أساس هذا الانحراف، الذي نعبِّر عنه بالتبعية العمياء لأعداء الأمة، والوقوف في صفهم، والانحياز إلى جبهتهم ضد أبناء هذه الأمة، وهذا شيءٌ بالنسبة لهم يمثِّل خسارةً كبيرة، وأمراً خطيراً عليهم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد 1442هـ