مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

ثم على الإنسان أن يدرك خطورة أن يفرط في مثل هذه الفرص، في مثل هذه النعم التي أتاحها الله “سبحانه وتعالى” لنا، الإنسان إذا أمضى عمره وهو يفرط، وهو يهمل، وهو لا يبالي، وهو لا يقدر هذه النعم وهذه الفرص، سيتحسر في وقتٍ لا يمكنه تدارك شيءٍ فيه أبداً.

 

أولاً عند الموت، إن الإنسان المستهتر، إن الإنسان المهمل، إن الإنسان الذي لا يقدر مثل هذه الفرص، ستنقضي حياته، وسيأتيه الموت، فيتفاجأ بذلك، هو لا يدري متى سيأتيه الموت، ولربما البعض يمكن ألَّا يدركه رمضان القادم، رمضان الآتي، في السنة القادمة، يمكن ألَّا يدرك البعض ذلك الشهر، أو ألَّا يأتي إلا وقد خذلوا، وسلبوا التوفيق نهائياً، أو غير ذلك.

 

فالإنسان إذا لم يغتنم هذه الفرص، سينقضي عمره، وسيتحسر أشد التحسر عندما يأتيه أجله، عندما يأتيه الموت فيرى أنه فوت الفرصة، والقرآن الكريم أكد على هذه النقطة: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}[المؤمنون: 99-100]، عند الموت يستشعر الإنسان أنه أضاع فرصةً كبيرة، وداخل هذه الفرصة، التي هي فرصة العمر، فرصة الحياة، فرصة الوقت، أضاع داخلها فرصاً عظيمةً وثمينة، مثل هذه الفرصة، مثل: فرصة اغتنام ليلة القدر، فيتحسر، يطلب من الله، يرجع إلى الله ويطلب منه بكل إلحاح أن يمهله فرصةً إضافية ليعمل فيها العمل الصالح، ولكنه لا يمكن أن يحظى بفرصة إضافية أبداً، {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: الآية100].

 

عند البعث وفي ساحة القيامة الإنسان كذلك يتحسر، يتندم، يتذكر، يتمنى لو أنه لم يضع تلك الفرصة: فرصة الحياة والعمر، وما داخلها من الفرص العظيمة، فيقول آنذاك وهو يتذكر، لكن بعد فوات الفرصة: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر: من الآية23]، فات الوقت، لا تنفعه في تلك اللحظات، {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}[الفجر: الآية24]، رأى الحياة الحقيقية، الحياة الأبدية، الحياة المهمة، التي الخير فيها خالص، والشر فيها خالص وعلى أشد مستوى وأرقى مستوى، وللأبد، فيتندم، ولكنه يصبح ندمه جزءاً من عذابه النفسي، ولا يفيده بشيء، لكنه يتحسر جداً، يعض على يديه، على أنامله من شدة الأسف والندم والحسرة الشديدة.

 

في داخل نار جهنم، بعد أن يلقى بك إلى نار جهنم، وتحترق بنيرانها المستعرة، وتشرب من حميمها، وتأكل من زقومها، وتعيش الآلام الشديدة فيها، أنت في تلك الأحوال تتضرع إلى الله، تصرخ وأنت تتلوى وتتساقط وتتخبط من شدة الألم والاحتراق، فتدعو بذلك الدعاء كما قال الله عن أهلها: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: من الآية37]، أنت تدعو أن يخرجك الله منها {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}، فالإنسان وهو يدعو أن يخرجه الله ليعمل صالحاً غير الذي كان يعمله في الدنيا؛ لأنه كان في الدنيا مستهتراً، مهملاً، مفرطاً، شغل نفسه باهتمامات هامشية على حساب الاهتمامات الرئيسية، فالحسرة فيها كبيرةٌ جداً، {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}، فما الذي ستكون الإجابة لهم؟ هل يمكن أن يعطوا هذه الفرصة؟

 

الله يحتج عليهم فيقول: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا}[فاطر: من الآية37]، ليس هناك إمكانية أبداً لفرصة؛ لأنها قد أعطيت لكم الفرصة، وأنتم من أضعتموها، وجاءكم النذير فأنذركم وحذركم، فلم تحذروا، ولم تلتفتوا، ولم تتعاملوا بجدية، وكنتم مصرين على إهمالكم، على تجاهلكم، على غفلتكم، {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}، انتهت الفرصة، لم يعد هناك من فرصةٍ إضافية أبداً، فكم ستكون حسرات الإنسان، وهو يتذكر أن الله أعطاه في فرصة العمر، فرصاً عظيمةً وثمينة لمضاعفة الأجر، هذه من أبلغ مظاهر رحمة الله “سبحانه وتعالى”، يدخل زمن معين، كل عملٍ فيه يتضاعف بأضعاف كثيرة جداً، بآلاف الأضعاف، كيف إذا كان هذا العمل الصالح جهاداً في سبيل الله، ووقفةً مع الحق، وعملاً صالحاً شاملاً، أنت تنفق، أنت تعطي بروحٍ خيِّرة، أنت تستقيم على منهج الله “سبحانه وتعالى”، أنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أنت تعطي الفقراء والأيتام والمساكين، وهكذا عملٌ متكامل.

 

لا ينبغي إضاعة هذه الفرصة، ينبغي الاهتمام بالعشر الأواخر بكلها، والاستفادة منها، في كل هذه الاتجاهات، ومع الالتجاء إلى الله بالتوفيق لذلك، والتوفيق لاغتنام ليلة القدر.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

سلسلة الدروس الرمضانية، بتاريخ 21 رمضان 1442هـ


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر