مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
{خطبة الجمعة الثالثة من شهر ذي الحجة 1446هـ
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️


*العنوان:* ( *يـوم الــولايــة* )

التاريخ: 16/ 12/ 1446هـ

المـوافــق: 13/ 6 / 2025م

الرقم: (51)
➖➖➖➖➖➖➖
🔹أولاً: نقاط الجمعة  
1- *التولي حالة قائمة بين البشر جميعا،* والغريب هو الحساسية المفرطة لدى البعض تجاه الولاية بمفهومها القرآني
2- *ولاية الله هي ولايةربوبية* *وألوهية* وملك وهي ولايةتدبير وهداية وتشريع وله الحق الكامل في ذلك، وهي قائمة على حكمته ورحمته وتكريمه لخلقه
3- *ولاية رسول الله هي امتداد لولاية الله* ، وهو لا يقول ويفعل إلا ما أمره الله، وله على المؤمنين واجب الطاعةوالتسليم 
وقدرسم رسول الله في غديرخم للأمة مسارها الصحيح
4- *ولاية الإمام علي هي امتداد لولاية الله ورسوله* ، والولاية الإلهية هي مفتاح النصر والغلبة للأمة على أعدائها{ *وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزۡبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ* } (المائدة:٥٦)

5- *النظرة القاصرة لدى المسلمين إلى الولايةالإلهية مثلت إساءة* إلى الله وإلى الإسلام، وفتحت المجال للظالمين والمستهترين أن يلوا أمر الأمة، وذلك هو السبب الأساسي الذي أوصل الأمة إلى هذا الحال من الذل والضعف والتفرق
6- *إحياء الشعب اليمني لمبدأ الولاية هو اقتداء برسول الله* وتبليغا لبلاغه، وشهادة بكمال الدين، وإيمانا بالولاية الإلهية ومكاسبها، وبراءةمن ولاية الشيطان وأوليائه.

🔹 *ثانياً: نـص الخطبة.* 
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ العليِّ عن شَبَهِ المخلوقين، الظاهِرِ بِعجائبِ تدبيرِهِ للناظرين، والباطِنِ بجلالِ عِزَّتِهِ عن فِكْرِ المُتَوَهِّمِين، القائلِ في كتابه العزيز: *{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}.* 
ونَشْهَدُ أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ لِإِنْفَاذِ أَمْرِهِ، وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ، وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ؛ فأدى أميناً، ومضى رشيداً، وخلّف فينا راية الحق، من تقدمها مَرَقَ، ومن تخلف عنها زَهَقَ، ومن لَزِمَها لَحِقَ، صلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار، ورضي الله عن صحابته الأخيار المنتجبين، وعن سائر عباده الصالحين والمجاهدين. 
*أما بعد/ أيها الإخوة المؤمنون:* 
أوصيكم ونفسي بتقوى الله الذي قال في كتابه الكريم: { *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ* }.
عباد الله:
إنّ الولاية والتولي والانتماء والارتباط بجهة معينة هي حالة قائمة بين البشر جميعا؛ فالولاء يوجد عند المسلمين وعند غير المسلمين كالوثنيين واليهود والنصارى، وكل فئة أو جماعة في العالم من المسلمين ومن غيرهم لها ارتباط بجهة معينة، ولديها رموز تقتدي بهم، وتتأثر بسلوكهم وأقوالهم، وتستلهم منهم المواقف والدروس، وتتلقى منهم التوجيهات والإرشادات، وتقدس ما يأتي من جانبهم من آراء وأفكار؛ وللكل رموز وقدوات، وكل هذا ليس بغريب، ولكن الغريب أن تجد لدى البعض من المسلمين حساسية مفرطة تجاه الرموز والقدوات الذين يختارهم الله، وتجاه الولاية التي قدّمها القرآن الكريم؛ لأن البعض أصبح ينظر إليها نظرة مذهبية طائفية، وينسى أنّ الولاية في القرآن قدّمها الله تعالى الوالي والملك والقيوم على أمور عباده، ولا يجوز أن تكون النظرة نحوها ضيقة محصورة.
وقد بيّن الله في آياته أنّ له ولاية وللشيطان ولاية، والبديل عن ولاية الله حتما هي ولاية الشيطان، ولا حصانة للإنسان من ولاية الشيطان وأوليائه إلا بولاية الله كما قال تعالى: { *وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً* }.
أيها المؤمنون:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: { *إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ* }، هذه الآية تقدم لنا الولاية بمفهومها القرآني؛ فعندما يقول الله: { *إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ* } فهو يقدم لنا ولايته التي تقوم على أنها ولاية ألوهية؛ فلا معبود في هذا العالم بحقٍ سواه، وولاية ربوبية؛ فكل من في هذا العالم عبيد له، وولاية ملك حصري لهذا العالم وكل ما فيه؛ فالله

هو ربنا وإلهنا وملكنا ومالكنا، ونحن عبيده الذين أوجدهم لهدف مشروع ودور عظيم، وولاية الله تشمل التدبير لمقادير الكون لكي يقوم الإنسان بمسؤوليته، كتدبيره لليل والنهار والشمس والقمر، وولاية الله تشمل الإرشاد والتوجيه لعباده لإخراجهم من الظلمات إلى النور: { *اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ}* فيجعل الله للناس نورًا ووعيًا وبصيرةً وحكمةً وفهمًا صحيحًا وتفريقًا بين العدو والصديق.
وولاية الله تشمل الهداية كما قال تعالى: *{إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى}* *{وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ}* ، وولاية الله تشمل التشريع للناس، ولا حق لأي طرف أن يشرع للناس إلا الله؛ لأنه ربهم وملكهم، وله الحق تعالى في التصرف في مملكته وفي عبيده؛ فيأمر وينهى، ويحلل ويحرم، ويثيب ويعاقب، وهذا العالم بكله هو مملكته، وهو الملك والمالك والخالق والرازق والمحيي والمميت، وهو الذي يحدد لنا من نتولى، ويختار لنا من يقودنا في الحياة، يقول تعالى: { *قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* } وولاية الله قائمة على الرحمة والتكريم لعباده؛ فلا يختار لقيادتهم إلا من يرحمهم ويكرمهم ويحرص على كرامتهم، وقد أرسل أنبياءه وأنزل كتبه كي يتحرر الناس فلا يُظلموا، كما قال تعالى عن رسوله: { *لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ* }.
أيها المؤمنون:
{ *إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ* } وولاية رسول الله هي امتداد لولاية الله من موقعه في الرسالة؛ فيبلغ رسالة الله، ويجسد مبادئ هذه الرسالة، ويقودنا في الواقع العملي، ويتحرك بنا في مسيرة حياتنا على أساس هذه الرسالة؛ ليربينا ويهذبنا ويزكينا: { *لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ* }، ويجب علينا أن نعتبر رسول الله أولى بنا من أنفسنا: { *النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ* }، ونرتبط به كقدوة: { *لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ* }، ولكي ينجح المشروع الإلهي؛ فإنّ الله يفرض على الناس طاعة الرسل والأنبياء؛ لأن ما يقدمونه ليست مجرد مواعظ بل هي أوامر من الله: { *وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ* } *{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.* 
فولاية الرسول هي امتداد لولاية الله وليست بديلا عنها، وتأتي ولاية المؤمنين امتدادا لولاية رسول الله: *{وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}،* ويذكر المفسرون أنّ هذه الآية خاصة وليست عامة، وقد نزلت في الإمام علي (عليه السلام) عندما تصدق بخاتمه لسائل وهو راكع أثناء صلاته للنافلة في مسجد رسول الله، وما قدّمه الرسول صلى الله عليه وآله في يوم الغدير للناس ليس إلا أمرا من الله تعالى؛ ليحفظ للأمة مسار الإسلام؛ فالنبي بأمر الله بلّغ الناس أنّ وليهم من بعده: الذي له القدرة على تزكية النفوس، وتربية الأمة لكي تقوم بمسؤوليتها، وقيادة الأمة لكي تحقق الانتصار على أعدائها وخاصة أهل الكتاب؛ هو الإمام علي (عليه السلام)، ولهذا جاء بعدها: *{وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}،* ولو تمسكت الأمة بهذا المبدأ لبقيت غالبة، ولكنها أصبحت مغلوبة عندما ضيعت مفتاح النصر الإلهي الذي حدده الله تعالى، والمفترض بأمتنا المقهورة أن تتمسك بما فيه عزتها وكرامتها وحريتها واستقلالها.
*المؤمنون الأكارم:* 
ولاية الله لها امتداد في مختلف شؤون الناس العامة والخاصة؛ فتشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية، وعندما نتأمل نظرة المسلمين إلى الولاية الإلهية نجد أنّ البعض ينظر إلى أنّ ولاية الله هي ولاية خدمية فقط، أي: يخلق ويرزق ويعطينا ما نحتاج ثم لا يتدخل في شؤوننا، والبعض الآخر يرى أنّ ولاية الله أوسع من ذلك؛ فيرى أنّ الله يخلق ويرزق ويشرع ولكنه لا يتدخل في تنفيذ تشريعاته، وهاتان النظرتان فيهما إساءة بالغة إلى الله وإلى الإسلام، وقد فتحت المجال للجائرين والظالمين والفاسدين والمستهترين؛ لأن يتبوؤوا هذا المقام، وقدمت التبرير والشرعية لكي يدير شؤون الأمة أي إنسان حتى ولو كان متسلطًا وجبارًا بلا رحمة وبلا معايير إلهية، وحتى لو تمكن من السيطرة بقوة السلاح وإغراء المال أو غير ذلك، والأسوأ من ذلك هو أنهم يوجبون على الأمة طاعة ذلك الظالم؛

فأصبح للطغاة سلطة مطلقة يشرعنها الانحراف؛ ففصلت الدين عن الحياة، وألغت دور الإسلام في تزكية النفوس، وحصرت الإسلام في طقوس عبادية منفصلة عن شأن وحياة الناس، وهذا ما نرى عليه واقع الأمة حين سيطر عليها الطغاة، وجاء من علماء السلطة من يدعو الناس إلى طاعتهم، فما هي النتيجة حين غابت الولاية الإلهية؟ وما الذي حصل؟
حين غابت الولاية الإلهية: أُهينت المقدسات، ورأينا الأقصى مسرى النبي يعاني الاقتحامات تلو الاقتحامات من قِبل أنجس الخلق، حيث يدنسه اليهود ويرقصون فيه ويسبون رسول الله، ويمزقون المصاحف ويرتكبون الفاحشة فوقها، ورأينا دماء المسلمين تُسفك، ورأينا أطفال المسلمين يُقتلون بالآلاف، ورأينا نساء المسلمين يُغتصبن ويُهَنّ ويُقتلن بالآلاف في الأرض التي باركها الله، ورأينا اليهود يقتلون المسلمين بالآلاف في الليل والنهار، وفي شعبان ورمضان، وفي ليلة القدر وعيد الفطر وعيد الأضحى، وفي يوم الجمعة، وفي كل وقت وحين، ويقتلون النائمين والمصلين والمرضى في المستشفيات، ويبيدون أمة الإسلام، ورأينا الترليونات من أموال الأمة توهب لليهود والنصارى، حتى أصبحت تلك الأمة التي أُمرت أن تجاهد أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية تعمل العكس؛ لأنّ الولاية أصبحت معكوسة، ورأينا الأمريكي يأمر المسلمين أن يمتنعوا عن تطبيق أحكام الدين التي شرعها الله وأن يلغوها كالقصاص والمواريث وأحكام الزواج وحدود الله التي حددها الله في القرآن؛ فيستجيبون له ويلغونها، ورأينا الأمة تتعامل بالربا، ويشيع فيها الزنا والفساد، وتكتسي الذلة والمهانة، وكل هذا دليل على أنّ ولاية الشيطان هي التي أصبحت تحكم الأمة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، إنه تعالى جواد برٌ رؤوف رحيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

  • *الخطبة الثانية* 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورَضِيَ اللهُ عن أصحابه الأخيار المنتجبين.

في حجة الوداع في العام العاشر للهجرة: وضّح رسول الله صلى الله عليه وآله أنه على وشك الرحيل من الدنيا حيث كان يقول للمسلمين في مناسك الحج وفي خطبة عرفة: (ولعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا)، وأثناء عودته إلى المدينة وبعد أن بلّغ وعلّم الأمة كل شعائر الإسلام؛ جاءه الأمر من الله ونزل قوله تعالى في يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة: *{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}* ، ولحرارة هذا الأمر، وسخونة هذه الآية جمع رسولُ الله الناسَ في وقت الظهيرة تحت حرارة الشمس، وفوق حرارة الرمضاء؛ ليبلغهم ما أمره الله بتبليغه، وجمع الرسولُ الناسَ ليبلغهم بلاغا حارا تتضح أهميته من حرارة الجو ومن كلام رسول الله الذي أخبر الناس مرة أخرى بقرب رحيله من الحياة بقوله: (إني أوشك أن أدعى فأجيب)، ومن فوق أقتاب الإبل التي رصت له؛ يأمر الأمام عليًا بالصعود ليراه الناس، وأخذ بيده ورفعها، ولحساسية البلاغ يخبر الناس أنه يبلغ عن الله فقال: (( *يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ مَوْلَايَ، وَأَنَا مَولَى المُؤمِنِين، أَوْلَى بِهِم مِنْ أَنفُسِهِم، فَمَن كُنتُ مَولَاهُ، فَهَذَا عَلِيٌّ مَولَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُر مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُل مَنْ خَذَلَهُ))،* ولتأكيد الأمر قال للناس: (ألا هل بلغت) فقالوا: نعم؛ فقال: (اللهم فاشهد)، ثم قال: (فليبلغ الشاهد منكم الغائب).
وقد رُويت هذه الحادثة عند كل المحدثين، حتى قال بعضهم لكثرة رواته: (إن لم يكن هذا معلوما وإلا فما في الدنيا معلوم)، وبذلك وضع رسول الله بأمر الله للأمة ضمانة من الاختراق، وبديلا عن ولاية اليهود والنصارى الذين حذّر الله من أنهم يعملون على السيطرة على الأمة وحرف بوصلة ولائها.
وإيماننا بمبدأ الولاية هو إيمان بكمال الدين، ولكن البعض أصبح لا يدرك الحق ولا يراه بسبب أكبر بلاء أصاب الأمة وهي العصبيات المذهبية التي تصنع الحواجز حتى أمام الواضحات والبديهيات.

أيها المؤمنون:``` 
يحيي أبناء الشعب اليمني يوم الولاية اقتداء بالآباء والأجداد الذين أحيوها عبر التاريخ، وهم بذلك يقتدون برسول الله صلوات الله عليه وآله الذي يعدّ أول من أحياها في يوم الثامن عشر من ذي الحجة عند غدير خم بين مكة والمدينة أثناء عودته من حجة الوداع، واليمنيون يحيون هذا اليوم ليبقى صدى صوت رسول الله، وليبقى بلاغه صادحًا متجددًا عبر الأجيال، وليكونوا صوت رسول الله في هذا الزمن الذي اختُرقت فيه الأمة، وسيطرت عليها ولاية الطاغوت ممثلة بأمريكا وإسرائيل، وليعلنوا

فيه ولاءهم لله ولرسوله وللمؤمنين في زمن صدحت الأصوات فيه بالتطبيع والولاء لليهود.
وحينما تمسك الشعب اليمني بالولاية الإلهية؛ فإنه بقي صامدًا في مواجهة ~أمريكا وإسرائيل،~ وأصبح عزيزا بعزة الله وعزة رسوله وعزة المؤمنين: { *وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ* }، وها نحن نرى زعماء هذه الأمة الذين لم يتفهموا ما قاله الرسول في غدير خم يقولون لترامب: نعم، مع أنّ الله يقول حاكيًا عن الشيطان وأوليائه: { *أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً* }، وترامب اليوم يمثل ولاية الطاغوت والشيطان في الأرض، ويفرض الطواغيت على الأرض ليحكموا بالإثم والعدوان، ويستخدم كل قوته بما فيها حق النقض (الفيتو) ليبقى الإثم والعدوان الصهيوني على الأمة، ومن لا يعرف ما هي خطورة ترك الولاية الإلهية فلينظر إلى مجزرة القرن في غزة، ولينظر إلى ذلة الزعماء عند ترامب، ولينظر إلى حال الأمة التي أصبحت كغثاء السيل، ولا أثر لها في الساحة العالمية.
وبهذا ندعو أبناء شعب الإيمان والحكمة إلى أن يحيوا يوم الولاية كما أحياه رسول الله؛ ليوصلوا بلاغه للعالم، وليوصلوا رسالة للعالم: أننا على الدرب الذي سار عليه رسول الله حتى فتح خيبر، وسنبقى على ولائنا لله ولرسوله ولفاتح خيبر ولمن سار على ولايته؛ ليتحقق على أيدينا وعد الآخرة: { *إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.* 
وكيف لا نُحيي ذكرى ولاية الإمام علي وهو الذي كان من أول الناس صُحبةً وإيمانًا برسول الله حتى قال له: ( _أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)_ ، وقال له أيضاً: (لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق).
هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليم: *{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}* ، اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِّك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان واليمن، وانصر مجاهدينا في البر والبحر والجو، وفي كل الجبهات والثغور والميادين، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: { *رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* } { *رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ* }.
عباد الله:
{ *إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* }.
الخطبة الأولى

➖➖➖➖➖ ➖➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين 
بديـوان عــام الــوزارة.
------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر