العنوان الأول: نتحدث فيه عن أهمية الإيمان للإنسان، الإيمان ليس عبارةً عن عبءٍ إضافيٍ يضيِّق على هذا الإنسان حياته، ويضيف إليه الكثير من المشاكل في مسيرة حياته، الإيمان هو حاجة لهذا الإنسان،
الله "سبحانه وتعالى" قال في كتابه الكريم آيةً عظيمةً ومهمةً ومباركةً ومفيدة، قال "جلَّ شأنه": {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل: الآية97]، الحياة الطيِّبة، يفترض بأي إنسان أن يكون تواَّقاً إليها، تكون أمنيَّةً له، وأن يكون راغباً في أن تكون حياته حياةً طيِّبة؛ لأن البديل عن الحياة الطيِّبة هو الشقاء، هو الحياة السيئة، الحياة التي يعاني فيها الإنسان من الشقاء والنكد والسوء، فهذا العنوان (الحياة الطيِّبة) يبين لنا أنَّ الإيمان هو بالنسبة للإنسان حاجة لصلاح حياته، ولتكون حياته حياةً طيِّبة، من منا كإنسانٍ يتجه أو يفكِّر في أن تكون مسيرة حياته، ويحرص على أن تكون مسيرة حياته إيجابيةً، وصحيحةً، وسليمةً، وطيبةً، وصالحةً، وأن يسعى للنجاة فيها من كل عوامل الشقاء؟ من منا لا يرغب في ذلك؟! فالإيمان هو الذي يحقق لك هذه الحياة الطيِّبة، هو الذي يمكن من خلاله أن تنال هذه الحياة الطيِّبة التي تحتاج فيها إلى من؟ إلى واهب الحياة، إلى ملك السماوات والأرض، إلى الخالق "جلَّ شأنه"، إلى المنعم العظيم، إلى رب العالمين، إلى مدبِّر الأمر، إلى من له الدنيا والآخرة، ولذلك قال "جلَّ شأنه": {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}، نحتاج إلى الله؛ لكي ننال هذه الحياة الطيِّبة، نحتاج إلى رعايته الدائمة المستمرة الشاملة الواسعة في كل شؤون حياتنا؛ لكي ننال هذه الحياة الطيِّبة.
كيف يتحقق من خلال الإيمان هذا الهدف السامي للإنسان؟ الإيمان هو صلة يصلنا بالله "سبحانه وتعالى"، الإنسان هو مخلوقٌ ضعيف مفتقر، افتقاره هذا هو حالة غريزية يعيشها كغريزة، ويعيشها كشعور، ويعيشها كوجدان، ويعيشها كواقع في حياته، يشعر دائماً بالضعف والحاجة والفقر، يشعر دائماً بحاجته إلى السند الذي يسنده، إلى المعين الذي يعينه، ويحتاج، يشعر بهذه الحاجة أنه بحاجة إلى من يتكفَّل له برزقه، بعونه، بنصره، بتسهيل أموره، بدفع الضر عنه، بكشف الكرب عنه... احتياج شامل، يعيش هذه الحالة كعبدٍ لله "سبحانه وتعالى"، وكمخلوقٍ ضعيفٍ مفتقرٍ إلى الله "سبحانه وتعالى".
من أول ما يوفره الإيمان: أنه يجعلك تعيش شعور الصلة بالله "سبحانه وتعالى"، يصلك بالله "سبحانه وتعالى"، تشعر دائماً أنَّ الله معك، وأنك مع الله "سبحانه وتعالى"، من خلال هذا الشعور تجد أنَّ المجال مفتوحٌ بينك وبين الله "سبحانه وتعالى" للالتجاء إليه عند كل كرب، عند كل شدة، عند كل محنة، عند كل تحدٍ، في مواجهة كل خطر، وبثقةٍ بالله "سبحانه وتعالى"، وبرجاءٍ وأملٍ في فضله ورحمته وكرمه؛ لأنك تؤمن به أنه ربك، وأنه أرحم الراحمين، وأنه الكريم العظيم، وأنه ذو الفضل الواسع العظيم، وأن بيده الخير كله، وأنه القادر القاهر، الذي يقدر على صرف الشر عنك، وعلى جلب الخير لك، وأنه المنعم العظيم، وما بك من نعمةٍ فمنه، هذا الإيمان يجعلك تعيش حالة الاطمئنان؛ لأنك في ظل رحمته، وفي كنفه "جلَّ شأنه"، وترجو دائماً فضله ورعايته، أنت لا تشعر أنك لوحدك، وأنك منقطع، أو أنَّ سندك في مواجهة التحديات، وظروف الحياة، وشؤونها، وهمومها، ومشاكلها، وتحدياتها، وظروفها الصعبة، أنك بمفردك، أو تعتمد على سند قد تكون طاقته محدودة، قدراته محدودة، إمكاناته محدودة. لا، هذا أولاً.
وهذه الصلة لا تعيش فيها شعوراً مجرد شعورٍ يخدِّرك، أو أملٍ كاذب، أو رجاءٍ خائب. لا، هذه الصلة بالله "سبحانه وتعالى" هي صلةٌ تصلك برحمته بالفعل، تحظى من خلال الصلة الإيمانية برحمة الله "سبحانه وتعالى"، وهو وعد عباده المؤمنين برحمته، برعايته الواسعة والشاملة، التي تعيش كثيراً من تفاصيلها في واقع حياتك على نحوٍ ملموس، تلمس رحمة الله في قضية، في مشكلة، في همّ، في دفع كرب... في حالات كثيرة من شؤون وظروف حياتك، فلذلك تشعر دائماً بالطمأنينة، وتشعر بأنك في هذه الحياة تواجه أعباء هذه الحياة وتحدياتها وظروفها وأنت مستندٌ إلى الله "سبحانه وتعالى" العلي العظيم، والرحيم الكريم، والعلي الكبير، هذا جانب من الجوانب الإيمانية التي تطبع حياتك في هذه الحياة لتكون حياةً طيِّبةً تعيش فيها الاطمئنان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة جمعة رجب 1442هــ