نحن كشعبٍ يمني؛ في إطار ما نعانيه من جهة تحالف العدوان، من إصرارهم على الاستمرار في الحصار لنا، من إصرارهم على الاستمرار في احتلال أجزاء واسعة من بلدنا، من مساعيهم المستمرة لتفكيك بلدنا، واستقطاع مساحات وأجزاء منه، ونشر الفتن بين أبنائه، نواجه ذلك من منطلق انتمائنا الإيماني، كمسؤولية إيمانية، كمسؤولية دينية في المقدمة، وكضرورة واقعية، ونحن واثقون بنصر اللّٰه "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى". ولذلك أمام هذه المرحلة التي تشهد خفضًا للتصعيد، وإفساحًا للمجال للوساطة العمانية، إلا أننا لسنا في غفلة عن مساعي الأعداء، عن خططهم، عن تحركهم السيئ جدًّا لأهدافهم الشيطانية. ومشكلة السعودي والإماراتي، بالرغم مما قد كلَّفه عدوانه على شعبنا، سواء الإماراتي وما قد كلفه ذلك، أو السعودي قبله وما قد كلفه ذلك، مشكلتهما في الخضوع لأمريكا وبريطانيا.
الأمريكي حريص على استمرار الاستهداف لبلدنا، حريص على أنه في الحد الأدنى إذا لم يتمكن من احتلال كل بلدنا، فاستقطاع ما قد احتله منه.
طالما بقي السعودي مرتهنًا للأمريكيين، ومتوجهًا ضمن إملاءاتهم، فهذه مشكلة كبيرة عليه؛ لأنه لا يمكن بالنسبة لنا أن نسكت على استمرار هذا الوضع، الذي يعاني فيه شعبنا معاناة كبيرة، أن يتصور السعودي أن بإمكانه أن يأتي ومعه الإماراتي، لتنفيذ أجندة وإملاءات وتوجيهات ومخططات أمريكا وبريطانيا، ضد بلدنا: بالحرب، والدمار، والاحتلال، والحرمان من الثروة الوطنية، والتسبب بمعاناة شعبنا، وتجويعه، وبؤسه، ومعاناته، ومع ما حصل أثناء القصف والاستهداف لهذا البلد من تدمير هائل لمنازل المواطنين، لمصالح أبناء هذا البلد، لمنشآتهم الحيوية، لخدماتهم العامة، مع ما حصل من حرب اقتصادية ظالمة، لإفقار شعبنا وتجويعه إلى أقصى مستوى، لا يمكن أن نسكت عن الاستمرار تجاه ذلك، فيتصور السعودي أن بإمكانه أن ينتقل إلى (الخطة ب)، إذا لم يمكنه الاستمرار في حرب عسكرية شديدة مستعرة، تهدئة فيها إلى مستوى معين، خفض للتصعيد إلى مستوى معين، ثم استمرار في الحصار، واستمرار في التجويع، واستمرار في نهب الثروة الوطنية، أو في الحرمان للشعب منها، والتسبب بمعاناة شعبنا نتيجةً لذلك الحصار، ثم لا إعمار، لا انسحاب، لا إيقاف للحصار، ويتصور أن بإمكانه أن يضيع مع الوقت كل شيء، أن ينسى شعبنا ما فعلوه به، من قتل وتدمير، وأن يصبر على حالة الحصار ويتحول سخطه إلى مشاكل داخلية فقط! هذا تصور خاطئ، لا يمكن للحال الراهن أن يستمر بما هو عليه أبدًا، على السعودي أن يعي هذه الحقيقة، وأن يدرك أن استمراره في تنفيذ الإملاءات الأمريكية والبريطانية ستكون عواقبها الوخيمة عليه؛ لأنه لا يمكن أن يعيش في أمن ورفاهية، وتحريك للاستثمارات في (نيوم) أو في غيرها، واهتمامات وأنشطة اقتصادية، ثم يتسبب باستمرار الحصار والمعاناة والبؤس في واقع شعبنا العزيز، فيتصور أن بإمكانه أن يبقى بلدنا مدمرًا وخرابًا ومحاصرًا، وأن يبقى شعبنا جائعًا ومعانيًا، ويشغله أيضًا بمشاكل داخلية، ويبقى هو هناك نائن بنفسه عن كل التبعات لما قد فعله ويفعله، ولما هو مستمر عليه من سياسات عدائية، وظالمة، وخاطئة، وتدخُّل سافر ومكشوف ومفضوح في كل شؤون شعبنا. هذا لن يحقق له السلام، ولا يمكنه أن ينأى بنفسه عن التبعات والالتزامات نتيجة عدوانه الظالم على بلدنا، ثمان سنوات من التدمير، والقتل، والحصار، والتجويع، والتضييق في كل شيء.
عندما تصل سفينة إلى ميناء الحديدة تصل بعد سلسلة طويلة من الاتصالات، والمتابعات، والوساطات، ورحلات محدودة جدًّا من مطار صنعاء بعناء وجهد جهيد، والبقية لا شيء! حصار مستمر، خراب مستمر على ما هو عليه، دمار، سعي لتفكيك هذا البلد، سعي لاستقطاع أجزاء واسعة منه، لا يمكن أن تمر هذه الأمور.
نحن لا يمكن أن نسكت عما هو حاصل طويلًا، أفسحنا المجال للوساطة بالقدر الكافي، إذا لم يحصل تطورات إيجابية، إذا لم يحصل معالجة لتلك الإجراءات الظالمة بحق شعبنا، إذا لم يُقلع السعودي عن سياساته العدائية، وعن إصراره في الاستمرار على النهج العدائي ضد شعبنا، والاستمرار في حالة العدوان، والحصار، والظلم، والمؤامرات، والاحتلال، فإن موقفنا سيكون موقفًا حازمًا وصارمًا، ونحن -بحمد الله- لسنا غافلين خلال هذه المدة، نحن نسعى إلى تطوير قدراتنا العسكرية بكل ما نستطيع، من أجل هدفنا المقدس في التصدي للأعداء، في دفع الظلم عن شعبنا، في السعي لتحقيق الأهداف المقدسة لتحرير وإنقاذ بلدنا، ولأن يحصل شعبنا على حقه في الحرية والاستقلال التام.
أنا في هذا المقام أوجه التحذير الجاد إليهم، وأقول لهم: لا يمكن أن نسكت ولن نسكت، تجاه الاستمرار في حرمان شعبنا من ثروته الوطنية، تجاه الاستمرار في الاحتلال لبلدنا، تجاه الاستمرار في حالة العدوان والحصار، وإذا كنتم تريدون السلام فطريق السلام واضحة، وليس هناك من جانبنا أي شروط تعجيزية.
في وضعنا الداخلي أتمنى أن يدرك الجميع أهمية العمل على الاستقرار الداخلي، وإفشال كل مؤامرات الأعداء لإثارة الفتن في الداخل تحت عناوين متعددة، عناوين ومشاكل اجتماعية، سياسية، غير ذلك. الحالة التي نحن فيها لا زالت حالة حرب، حالة عدوان، حالة حصار، نحن لا زلنا نعاني من العدوان، والحصار، والاستهداف، وجزء كبير من بلدنا هو في حالة احتلال. أولوياتنا واضحة، ويجب أن يبقى كل اهتمامنا بالدرجة الأولى متجهًا إلى التصدي للأعداء، وإلى الوصول إلى تحقيق سلامٍ عادل بكل ما تعنيه الكلمة، لا نفرط فيه لا باستقلالنا، ولا ببلدنا، ولا بديننا، ولا بكرامتنا، ولا بحقوق شعبنا المشروعة، ومنها الإعمار، وتعويض الأضرار.
فيما يتعلق بالجانب الرسمي نأمل- إن شاء اللّٰه- أن نعمل على إحداث تغييرات جذرية، نحن نُخضِع الواقع الرسمي الآن للتقييم، وتشخيص الإشكالات، ولديه الآن الكثير من الخطط والبرامج والأنشطة، ومن الواضح أن واقعه يتطلب الإجراء لتغييرات جذرية، ولكن نحن الآن في حال التمهيد لذلك.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
القاها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام زيد 1445هـ