النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- حج ما عرف بين أوساط المسلمين في السيرة والتاريخ بحجة الوداع، حجة الوداع كانت في العام الأخير من حياة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- يعني: أواخر السنة العاشرة، النبي دخل في السنة الحادية عشرة لم يلبث فيها إلا شهر محرم وصفر، على اختلاف الأخبار في أنه: (هل توفي في اليوم الأخير من شهر صفر، أم في بداية ربيع؟).
على كلٍ النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- حج هذه الحجة التي سميت بحجة الوداع، أعلن فيها للأمة تأهبه للعروج إلى الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- للرحيل من هذه الدنيا الفانية، وأن مهمته الكبرى في: (إبلاغ رسالات الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- وإقامة دين الله -جلَّ وعلا- ومحاربة الظلام والضلال والباطل والكفر والإجرام والطغيان، وإقامة الحق وإحقاقه، وإقامة العدل في الحياة)، هذه المهمة- بالنسبة له- قد اكتملت، لم يبقَ له إلا الشيء اليسير ثم يرحل من هذه الحياة، ولذلك تلك الرحلة: سواءً فيما تضمنته من إعلانات، وكذلك نصوص مهمة أثناء حجة الوداع نفسها، أو في الطريق. النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- عاد من رحلته تلك وقد أتم مهمته، ما كان منها في أثناء الحج، في صعيد عرفات في خطبته الشهيرة، ما كان منها في طريقه عائداً من مكة، وسيأتي الحديث عن هذه المحطة (محطة غدير خم).
في عودة النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- من حجة الوداع، وقد ودّع الأمة في ذلك اليوم، نزل عليه قول الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى-: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة:67]، الآية في مضمونها- على حسب التعبير المعتاد- ساخنة، قوية في مضمونها وتعبيرها وأسلوبها، يعني: أتت تأكيداً على النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- فيها بشكل كبير، بشكل عجيب: {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة: من الآية67] وأرفقت بضمانة للحماية الإلهية، كالضمانة التي أعطاها الله لموسى وهارون في ذهابهما إلى فرعون، {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه: من الآية46] هنا ضمانة إلهية: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: من الآية67] من المؤكد أن النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- كان دائماً في حالة استعداد تام للتضحية في سبيل الله -جلَّ شأنه- ولم يكن ليتردد عن إبلاغ أي شيء من أوامر الله وتوجيهات الله ودين الله نتيجة مخاوف من الناس. |لا| هو كان منذ البداية، ولكن هنا كان لهذه القضية شيء من الخصوصية، لربما أكثر من مسألة القتل، لربما أكثر من مسألة الاغتيال، لربما أكثر من المخاوف في أن يُعاجل بالتصفية قبل أن يتم عملية البلاغ، أو أن يتعرض لإساءات كبيرة تمسّ بعرضه، تمسّ بكرامته، تمسّ بمقامه في أوساط الأمة، من خلال توجيه الإساءات إليه، والاتهامات إليه بالمحاباة والإيثار لعلي بن أبي طالب لاعتبارات أخرى.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة يوم الولاية 1438هـ