{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} هو خطاب لمن؟ للعرب، هو خطاب للعرب، ظهرت للناس، من أين ظهر؟ ألم يظهر من مكة ومن المدينة؟ ثم توسع في الجزيرة، داخل بلاد العرب، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وعبارة للناس لمن؟ للبشر، للعالمين.
{إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} أليست هذه أشياء تدل على أنهم يعيشون حالة الذلة في نفوسهم، اليهود؟ ذلة، مسكنة، غضب من الله. لاحظ هنا يقول: بأنه سيكون معنا, فمن هو غاضب عليه لن يكون معه، أليس هذا واحد من العوامل المهمة؟ أن من الله غاضب عليه سيسلطك عليه، من ضربت عليه الذلة والمسكنة لن يقف بجرأة وشجاعة أمامك في ميدان المواجهة.
فالآية هذه هي تتحدث بكل ما يدفع بالناس إلى أن ينطلقوا في العمل ضدهم، لكن ما هو الذي يحول دون كل ذلك؟ هو ضعف الإيمان بالله، عندما لم نكن كمن قال: {وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} سيجعل كل هذا الكلام فاضي، كلام ما له معنى، نرى الدبابة كبيرة، نرى الصواريخ، فنقول: هذا يمكن هو ما هو داري ماذا سيأتي بعد، فكأنه هكذا أصبحنا, بمعنى أنه: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} حتى وإن كانوا يمتلكون أسلحة فتاكة، وأسلحة خطيرة.
والواقع شهد على هذا، المجاهدون في جنوب لبنان يمتلكون أسلحة خفيفة، فكانوا يفجرون الدبابات، وأصبحت تلك الدبابات، وتلك القطع المتطورة، قد أصبحت وسيلة للهروب، وهم يولون الأدبار، ومتى ما كانت الدبابة متثاقلة، ينزلون منها ويهربون، قد هي ثقيلة الدبابة، يولوكم الأدبار، يخرجون من هذه العربات، يخرجون بأي طريقة ويهربون، أليس هذا شاهداً حياً من واقع الحياة، من واقع مشاهدتنا نحن؟.
أن نقول: يمكن هذا يوم كان عادهم يهود ما قد معهم إلا سيوف، ما قد معهم إلا رماح، أما الآن فقد معهم صواريخ، ومعهم قنابل نووية، ومعهم دبابات متطورة، ومعهم كذا أسلحة، وأصبحوا هم من يبيعون من دول أخرى التكنولوجيا العسكرية، من الصين، ومن غيرها، فيمكن ما .. لكن لا، آيات الله هي حقائق، عندما يقول: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} (البقرة: من الآية252) {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ} (آل عمران: من الآية103) هي حقائق مهما كان بحوزة اليهود من أسلحة، فمتى انطلق الناس على هذا النحو، وعلى هذا المستوى الذي هداهم الله إليه فإنهم سيولونكم الأدبار ثم لا ينصرون، وإن كان معهم ما معهم من الأسلحة.
فمن المهم جداً، مهم جداً أن يتابع الناس عن طريق الأفلام، أن يتابعوا العمليات الجهادية، التي ينفذها حزب الله، وتجد فيها الآيات، وليس فقط مشاهد عسكرية، تجد فيها مصاديق للقرآن الكريم، مصداق للقرآن الكريم، تأييد للقرآن الكريم، وهم عندهم، عند رؤوسهم، يستطيعون أن يضربوهم بالقنابل، لكن لا، اليهود {ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} لا يوجد في داخل أنفسهم ما يجعلهم ينتصرون عليك، ولا أحد من حولهم يجعلهم ينتصرون عليك، ولا حبل من الله يبقى، ولا حبل من الناس، كل شيء يصبح متخلياً عنهم، فلا ينصرون فعلاً.
عندما قال: {ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} أحيانا قد تكون عوامل النصر هي من كونك تحمل نفساَ قوية أحياناً، قوة معنوية، معنويات مرتفعة، وصبر، وفتك، وفروسية، هذه مفقودة فيهم؛ لأنهم ضربت عليهم الذلة والمسكنة، معهم حبال، حبل من هنا، وحبل من هنا، ستنقطع هذه الحبال إذا ما أصبحتم أيها المؤمنون على هذا النحو. فماذا بقي، ماذا بقي من عوامل النصر؟ عوامل الانتصار في المعارك هي تأتي بارتفاع معنويات الجنود، ارتفاع معنويات أنفسهم، نفوس قوية تجعلهم يستبسلون، ويقاتلون، ويصبرون، أو تأييد من هنا، ومن هنا، أليس هكذا؟.
إذاً عرض لك المسألة كلها بأنه معهم حبل من عند الله، وحبل من عند الناس، ستنقطع هذه الحبال، وهم في أنفسهم ليسوا مهيئين، هم ممن ضربت عليهم الذلة والمسكنة، ترى أنفسهم ذليلة، وأنفسهم مسكينة، وإنما نحن العرب من جعلنا أنفسهم كبيرة أمامهم، وهم باءُوا بغضب من الله، فلن يبقى حبل، وسيقف ضدهم، متى كنا معه، على هداه في مواجهتهم سيكون معنا، سيكون معنا في الميدان وسيضربهم.
{وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} ونفس الشيء, نفس ما يتحدث عنه القرآن الكريم من أن المسألة هي لها أسبابها، لماذا ضربت عليهم الذلة والمسكنة؟ لماذا باءوا بغضب من الله؟ لأنهم اقترفوا ما استوجبوا به هذا، وهم من كان منوط بهم مهمة ماذا؟ مهمة إبلاغ الرسالات، وحمل الرسالات لإصلاح البشرية، فتحولوا إلى مفسدين في الأرض، وتحولوا إلى محرفين لدين الله، وإلى ملبسين للحق بالباطل، فأضاعوا أنفسهم، وأضاعوا البشرية، فأصبحوا جديرين بأن تضرب عليهم الذلة والمسكنة، وأن يبوءوا بغضب من الله.
فعندما يذكر بأسباب هذه يقول: والآخرون كذلك، أنتم يا من كنتم خير أمة أخرجت للناس، أنتم يا من ترون أنفسكم الطائفة المحقة، أنتم يا من ترون أنفسكم بأن الله اختاركم، وفضلكم، وأوجب على الأمة محبتكم، إذا ما تخليتم ستضرب عليكم الذلة والمسكنة، وتبوءوا بغضب من الله، كما ضربت على أولئك.
لأنه لاحظ فيما عرضه القرآن الكريم من الآيات: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة:47) يتحدث عما حظوا به من رعاية عظيمة من قبل الله؛ ليعرف الناس بأنهم مهما حظوا به من عناية ورعاية، مهما حظوا به من تفضيل وشرف وتكريم، ولم يكونوا بمستوى المسؤولية التي أنيطت بهم، بمستوى هذا الشرف فإنها ستضرب عليهم الذلة والمسكنة، ويبوءوا بغضب من الله؛ لأنه قال هنا: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} ذلك، يعني ما هو؟ ضْرب الذلة والمسكنة، وأن يبوءوا بغضب من الله. {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} كيف يمكن أن يكون الكفر بآيات الله؟ أن يتحدث معك بآيات هي أعلام على حقائق، أنت في واقعك لا تؤمن بها، هذا كفر.
هل أن اليهود كفروا بالتوراة والإنجيل، وهم من يفتخرون بها، ويحملونها معهم أينما حلوا في بقاع الدنيا؟ ألم تكن التوراة مع اليهود في اليمن؟ ومع اليهود في المغرب، مع اليهود في العراق، مع اليهود في كل مكان؟ هل كانوا كافرين بالتوراة؟ لا، هم كفروا بحقائق التوراة، كفروا بالسنن الإلهية في التوراة، من حيث أنهم لم يعوها، لم يؤمنوا بها كحقائق لا بد أن تقع، وسنن لا بد أن تكون نافذة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.