لم نجد في القرآن الكريم آية واحدة بعد أن يذكر الله كثيراً من مظاهر خلقه, ومفردات هذا الكون فيقول: [أليس ذلك دليل على أني حي، أو على أني قادر]؟. أبداً يقول لك: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (القيامة:40) أي أليس مَن صنع هذا بقادر على أن يصنع هذا؟.لاحظوا حتى في [سورة الحج] لم يفْرُق بين الموضوع إلا حرف واحد هو حرف [الباء]: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الحج:6) بعد أن ذكر في بيان الأدلة التي تقمع كل ذلك الريب الذي لدى المشركين في ما يتعلق بالبعث {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}، لم يقل: ذلك أن الله هو الحق؛ فتوهم العبارة: أنه استدل على أنه حق بهذه الأشياء، فهي دلت على أنه حق. ذلك بسبب أنه هو الحق، بسبب أنه هو
الحق كانت على هذا النحو. {وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، أي ولأنه يحيى الموتى، ولأنه على كل شيء قدير.في آخر سورة [القيامة] قال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (القيامة: 36-40) هل تستطيع أن تقول: أن ذلك هو إشارة إلى الله؟.. لا.. أليس هذا دليل على أن من قدر عليه هو قادر على أن يحيى الموتى، فيوجه الاستدلال إلى الفعل وليس إلى الدلالة عليه هو، من قدر على هذا قادرٌ على هذا، من صنع هذا قادر على صنع هذا, وهكذا تأتي.تجد أيضاً في [سورة هل أتاك حديث الغاشية] بنفس الأسلوب؛ بحيث لو لم تحمله على نفس الطريقة ستقول الاستدلال هذا غير منطقي. عندما قال - وهو يبين قدرته سبحانه وتعالى على البعث - : {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}(الغاشية:1) القيامة..
إلى أن قال: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}(الغاشية:17- 19) في مقام ماذا؟ في الاستدلال على أن هناك بعث، لا بد من بعث.ما العلاقة بين الجمل والجبل والسماء منطقياً - كترتيب مقدمات منطقية - وبين البعث؟ ما العلاقة بين قامة الجمل وارتفاعه وطول قوائمه وبين البعث؟. هل هناك علاقة؟ إلا من هذا القبيل: أن من قدر على هذا, وظهر في هذا حكمته وقدرته على كل شيء، هو قادر على هذا الشيء الآخر؛ فلهذا كان الجمل دليلاً على البعث, من حيث أن من قدر على صنع هذا الجمل, وعلى خلق هذا الجبل, وعلى رفع هذه السماء بما فيها من وضوح على أنه هناك قدرة لا حد لها، لا يعجزها شيء.. إذاً فالبعث ممكن, فهو قادر على أن يحيي الموتى، قادر على أن يبعث الناس من جديد.
الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة معرفة الله عظمة الله الدرس السادس
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 23/1/2002م
اليمن-صعدة