أتى هذا التعبير من الله سبحانه وتعالى حينما قال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} يعني: أن الله لن يترككم على حالكم، مستوى معين من الانتماء للإسلام لا يتضح فيه الواقع. الله سبحانه وتعالى في سنته مع عباده وهي سنّة حتى مع الأمم السابقة {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت:2) فسنّة من سنن الله أن يكشف حقيقة انتماء كل منا إلى هذا الدين إلى الإيمان، هل هو مؤمن صادق مع الله سبحانه وتعالى؟
تأتي وقائع، تأتي ظروف، تأتي أحداث، تأتي تحديات، مواقف تفرض علينا أن نجاهد في سبيل الله، عدوان على ديننا، عدوان على أمتنا، استهداف لنا، تحرك من جانب الأعداء، كل هذا يفرض علينا أن نتحرك لمواجهة شرهم، وأن نجاهد في سبيل الله لدفع خطرهم، وحينها يتضح الإنسان الذي سيصدق مع الله فيجاهد، ويصدق مع الله فلا يكون له أي ارتباطات أو ولاءات خارج مساره الإيماني.
المسار الإيماني يفرض عليك أن يكون ولاءك لمن؟ لله ورسوله والمؤمنين. ولاءك كمؤمن كمؤمن إذا كنت مؤمناً سيكون لله ولرسوله وللمؤمنين، لن يخرج عن هذه الدائرة. الولاء بما يعنيه المعية، مع من أنت في الموقف والنصرة والتأييد مع من أنت؟ موقفك في ولاءك سيكون في هذه الدائرة فقط الله ورسوله والمؤمنون. والله سبحانه وتعالى يكشف حقيقة من ينتمون إلى الإسلام ليتبين من هو صادقٌ أيضاً في ولاءه، في جهاده وولاءه.
{وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً}، {وَلِيجَةً} دخيلة، دخيلة في ارتباطاتهم وولاءاتهم، معه هناك من خلف بعيد عن المؤمنين ارتباطات وولاءات بجهات أخرى هي جهات معادية للإسلام.
في هذا السياق نفسه يستمر الحديث عن مسألة الولاء والجهاد كقضايا أساسية في الإسلام، قضايا أساسية وإن حاول الكثير من الناس تهميشها أو تجاهلها أو اللامبالاة نحوها، فأتى هذا النص القرآني:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} ويتكرر الخطاب لنا بهذه الصيغة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} ليذكرنا على أساس انتماءنا، على أساس انتماءنا كمؤمنين، يا مؤمن أنت كمؤمن فيما يلزم عليك أن تكون عليه، فيما يجب أن تكون عليه، فيما ينبغي أن تكون عليه، فيما يفرضه عليك إيمانك، فيما يفرضه عليك هذا الانتماء، يذكرنا بإيماننا، وما ينبغي أن نكون عليه كمؤمنين؛ لأن البعض ينسى هذا الموضوع، ينسى أن موقفه يجب أن يكون منسجماً مع إيمانه، وعلى أساس من إيمانه، وعلى أساس من انتماءه للإيمان، فيتخذ ولاءه موقفه وقراره ويوجه ولاءه على أساس اعتبارات أخرى بعيداً عن إيمان وما إيمان ينسى المسألة بالكامل.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(دروس من سورة التوبة الدرس الثالث)
ألقاها السيد/عبد الملك بدر الدين الحوثي/ حفظه الله.
بتاريخ: 12/ رمضان/1434هـ
اليمن – صعدة.