مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عادل الرازحي

في الذكرى السنوية للشهيد من كل عام والتي نتذكر فيها كل عزيز وغالٍ علينا، والتي قدم ويقدم حتى كتابتي لهذا المقال قوافل من الشهداء، قوافل عظيمة من الشهداء لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه علمونا روح العطاء، والإيثار، والتضحية، والصمـود، والشجاعة، والثبات. كل هذه المعاني حملها هؤلاء بصبرهم وإخلاصهم، فقد قدموا أموالهم وأنفسهم، وعبّروا من خلال مواقفهم، وثباتهم، وصمـودهم وفي النهاية شهادتهم وفوزهم، عبّروا بذلك كلّه عن هذه القيّم، والمبادئ الإيمانية، وجسّدوها في أرض الواقع قولًا وموقفًا، وعملًا، وتضحيةً، وعطاء لا يساويه عطاء في الواقع.

عندما نتحدث عن الشهادة وثقافة الشهادة التي صارت بفضل الله وجوده وكرمه وبالوعي القرآني، ثقافةً متأصلةً عمّدتها دماء الشهداء الأحرار الذين أثبتوا أنهم مدرسة التاريخ، وعنوان المستقبل، ومنهج الأحرار. فالشهيد ذلك الإنسان الكامل الذي كرّمه الله وحباه، فارتقى ماضيًا في زفاف ملكي إلى الفوز الأكيد. إنها ذكرى الوفاء التي خطتها أنامل العظماء بمواقفهم القوية والخالدة.. قصة شموخ وثبات، وتضحية لم تعد تسعها الكتب والمجلدات والمقالات.

 

 إنها الهامات التي عرفناها وعرفها الجميع بالتفاني والتحرّك العملي، والشخصيات النادرة التي تميزت بالأخلاق، والقيم، والإحسان، والتعاون، والإنسانية المتفردة، فكم قد عايشنا وعشنا مع أولئك العظماء أمثال الرئيس الشهيد صالح الصماد منذ أن كان مشرفا على القسم الثقافي، والشهيد أبو حيدر الحمزي، والشهيد عبد الكريم جدبان، وأحمد شرف الدين، وكثير من الشهداء العظماء الذين يسطرون ملاحم البطولة في كل الجبهات ففي يومنا هذا فقدنا أحد الشباب الذي تربى ورضع من منبع الجهاد وثقافة الاستشهاد من مران الإباء والهدى وفجر الحرية، وقد تخرج من دورة عسكرية وهو في ريعان شبابه. وحين طلبوا تعزيزات لجبهة حرض مثلث عاهم انطلق بكل شجاعة واستبسال وإقدام حيث لم يترك لأقاربه فرصة إعداد وتجهيز فرحة العمر الذي كان يتم الإعداد لها قريبًا، فكان وسام الشهادة ينتظره بشغف.. إنه الشهيد عبد السلام الشب، وهناك على خط المواجهات الكثير أمثال عبد السلام (سلام الله عليهم) من الشباب الذين أثبتوا باستبسالهم، وعزمهم، وقوة إيمانهم، وحميتهم على الأرض والعرض، وتألمهم مما يقوم به حلف النفاق من تدمير وهتك للأعراض، وقتل للأسرى، ونقض للاتفاقات والعقود، أثبتوا أنها هي الثقافة التي جعلت رايات الحرية ورايات الحق ترفرف في كل بيت يمني أبيّ يحمل روحية الفداء للشعب والوطن.

 

 كل من في هذه القافلة العظيمة التي تقدم أغلى ما تملك من شبابها وفلذات أكبادها لتعلو راية الحق، وتحفظ لنا الكرامة، هم العمليون من لا يهدأ لهم بال، وهم المتابعون للأحداث في كل مكان، ويقدمون على المواقف القوية والصلبة التي تجعلنا نقف ونفخر بهذه المواقف، ونستلهم منها التحرك الجاد لمواصلة المشوار، وكما يشير السيد (سلام الله عليه) وهو يتحدث عن وفاء الشعب وعطائه اللامحدود، والدور الريادي للجيش وأبناء القبائل الذين اتخذوا هذا الخيار المشرف خيار الإباء والصمود والصبر، والذين يدافعون، ويضحون، ويفهمون معنى الشهادة وثقافة الشهادة، في سياق حديثه عن عناصر وضباط الجيش وأبناء القبائل الاحرار، وأنهم سطروا أعظم المواقف التاريخية العظيمة في مواجهة العدوان التي سيخلدها التاريخ، وتتناقله الأجيال كتجربة فريدة ستدرسها الأكاديميات بالفعل كما يقول السيد حسن نصر الله (يحفظه الله)؛ فقد سطروا في صفحات التاريخ قصة المجد، والعظمة، والإيمان، والوعي، وأخلاق المحارب اليمني.

 

فهذه الذكرى نستقي منها النتائج المثمرة التي عجز أقوى تحالف وأقدر الدول الاقتصادية في الإمكانيات على المدى الطويل في تاريخ الحروب، عن تحقيق ولو نسبة بسيطة مما يصبون إليه. إن حجم المظلومية على شعبنا كبيرة مقارنة بكل شعوب العالم، لكن عطاء الشهداء ومواقف رجال الرجال الصادقة أثبتت للجميع أننا أمة أصبحت تقدس ثقافة الشهادة. إن شهداءنا صفحة مفتوحة لم ولن تطويها الظروف والمتغيرات، فهم الوقود، وهم الرمز.

 

أمتنا بحاجة إلى ترسيخ هذه الثقافة، فلن تحرر الأوطان ولن يعرف الناس معنى الأمن، والحق، والعدل إلا بالتضحيات الجسيمة، ومواجهة الأخطار بروح إيمانية تفهم معنى الشهادة المستمدة من عمق الثقافة القرآنية، لقوله تعالى: )مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا(. إنهم العظماء من فهموا القرآن الكريم وآياته العظيمة التي أنزلها الله، فتوجهم الله بتاج الشهادة حين انطلقوا بجد فجعلوا من أجسادهم سلمًا للنصر، أو معراجًا للشهادة كما قال سيد شهداء المسيرة الشهيد زيد على مصلح. وهم من عرفوا قيمة الشهادة والاستشهاد والفداء لله والوطن.. لقد سقطوا وهم يسطرون حروف مدادها الدماء، وقلمها بنادقهم، وورقها صفحات خالدة من التاريخ اليماني العظيم تملؤه الحكمة والإيمان، وعنوانها مواقفهم العظيمة التي جعلت التاريخ يقف مشدوهًا.

 

هنا توجد ثقافة كريمة يتثقف بها الصادقون من عباد الله المؤمنين.. ثقافة لا تهاب الموت، ولا تخشى كيد المعتدين.. تثقف بها حفاة الأقدام، الذين صنعوا من خطواتهم قصة حضارة أصل العرب، ومنبع الرجولة، ونبض الأحرار.. تلك القلوب التي تمتلئ قوة إيمانية وحكمة يمانية، فبهذه الثقافة تراجعت أخطر المنظمات السرية بلاك ووتر، وبهذه الثقافة انكسر قرن الشيطان، وهزم وتحطم معنويًا وماديًا ونفسيًا، وتعرّى أمام العالم وتعرت كُلّ قوى الوهابية الصهيونية، وأصبحت ورقة هشة لا قيمة لها ولا خوف منها، وبهذه الثقافة التي تثقف بها أحرار اليمن وشرفاؤه. لقد سقطت هيبة أكبر إمبراطوريات العصر، وأصبح سلاحها مجرد طنين ذباب كما أشار الشهيد القائد في حديثه عن قوة الإيمان في مواجهة أعتى الأسلحة.

 

ولكن عندما تخلت الأمة عن هذه الثقافة فقدت عزتها وكرامتها، وأصبحت أمة محبة للدنيا، وخاضعة للظالمين، ومعبدة نفسها لأهوائها ولقوى الشياطين فأصبحت مغيبةً بشكل كبير وشامل عن واقع حياة المسلمين، وعن مناهجهم الدراسية، وعن مواقفهم وفي تعاملهم مع أعداء الحق والعدل والإنسانية. وأثر ذلك يتجلى في الخبث اليهودي بالاستعانة بالمنافقين، وها هي الأمة الإسلامية تجني جزاء تخاذلها.

 

ونحن نعيش أجواء الشهادة والاستشهاد سنكون بإذن الله أوفياء لدمائهم، نعاهد الله بأن نسير على دربهم.. يد تحمي ويد تبني.. سنكون أوفياء لأسرهم، ولن نطوي صفحتهم الخالدة بخلود مواقفهم التي اثمرت نصرًا وعزًّا وقوة.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر