[هكذا يعمل الناس الذين وعيهم قليل، من لا يعرفون الرجال، من لا يقدرون القادة المهمين، لأني أنا آمن جانب علي لا أخاف أن يقتلني على التهمة أو الظِنة كما كان يعمل معاوية، لا أخاف أن يدبر لي اغتيالاً، لا أخاف أن يصنع لي مشاكل، لا أخاف أن يوجد لي خصوماً يصنعهم من هنا أو من هنا فكانوا يأمنون جانبه].
وبالتالي عندما كانوا بيأمنوا جانبه كانوا يتعنتوا، يتمردوا، يتخاذلوا، ما يبالوا، عبيد عصى، عبيد عصى.
[وفعلاً من الذي سيخاف من الإمام علي أن يمكر به، أو يخدعه، أو يضره، أو يؤلب عليه خصوماً من هنا وهناك، كما يعمل الكثير من [المشايخ]؟ أليس الكثير من المشايخ يعملون هكذا؟ إذا لم تسر في طريقه يحاول أن يمسك عليك بعض وثائقك [بعض البصائر] ويحاول أن يوجد لك غريماً من هناك وغريماً من هنا؛ لترجع إليه راغماً، الناس الذين وعيهم قاصر، إيمانهم ضعيف هم الذين يعيشون حالة كهذه، كلام كثير وتحدي وتحليلات وتثاقل وتثبيط، وهم في ظل شخص عظيم كعلي بن أبي طالب (عليه السلام)؛ لأنهم يأمنونه.
انظر إلى شخص ذلك القائد العظيم، سترى نفسك آمناً في ظله، إذاً هو الشخص الذي يجب أن أكون وفياً معه، إن حالة الشعور نحوه بأنني آمن جانبه يعني أنه رجل عدل, رجل إيمان، رجل حكمة، فهذا هو الذي يجب أن أفي معه أن أقف بجانبه وأن أضحي تحت رايته بنفسي ومالي، هي الحالة التي لا يحصل عليها أتباع الطواغيت حتى أبناؤهم، حتى أسرهم، حتى أقرب المقربين إليهم لا يحصلون على هذه الحالة؛ لأنه يعرف ربما ابنه يخدعه، يمكر به ويأخذ السلطة، ربما قائده ذلك العظيم يخدعه ويمكر به ويأخذ السلطة, فهو يخطط له في الوقت الذي هو ينفذ مهامه، القائد يخاف، وهو يخاف، المستشار خائف منه، وهو خائف من مستشاره, هكذا، ومن يعرف الدول هكذا يكون حالهم.
الدول الطاغوتية هكذا يكون حال الناس فيها، وهكذا يخاف الناس حتى وهم يعملون لله. أليس هذا هو ما يحصل؟ في البلاد الإسلامية على طولها وعرضها، من هو ذلك المؤمن الذي يقول كلمة حق وهو لا يخاف, يخاف أولئك الذين هم من كان يجب أن يصدعوا بالحق، وأن يعلوا رأس هذه الأمة, وأن يرفعوا رايتها؟! لكن هكذا يصنع ضعف الإيمان. فمتى ما جاء لأهل العراق كصدام كالحجاج انقادوا وخضعوا وتجاوبوا وخرجوا بنصف كلمة، نصف كلمة يصدرها فيتجاوبون سريعاً!.
لكن الإمـام علياً (عليه السلام) كان يقول: ((قاتلكم الله يا أهل العراق لقد ملأتم صدري قيحاً)) وكان يوبخهم ((يا أشباه الرجال ولا رجال)) يوبخهم].
طبعاً التوبيخ من الإمام علي (عليه السلام)، أسلوب التوبيخ والعتاب كان فقط بعد مرحلة طويلة جداً من التذكير والعمل الجاد لتوعيتهم، وتبصيرهم، وتذكيرهم، يعني: أسلوب أسلوب التذكير القائم بتكريم كبير ما كان عاد يفيد معهم أبداً. حتى وصل الحال معهم إلى هذا، اضطر إلى أن يتكلم معهم الإمام علي (عليه السلام) بتوبيخ شديد.
[((يا أشباه الرجال ولا رجال)) يوبخهم، لا يخرجون ولا يتحركون، إلا بعد الخطب البليغة، والكلمات الجزلة، والكلمات المعاتبة، والكلمات الموبخة، والكلمات المتوعدة بسخط الله، والمتوعدة بسوء العاقبة في الدنيا حتى يخرجوا، فإذا ما خرجوا خرجوا متثاقلين؛ لأنهم كانوا يأمنون جانبه.
هل هذا هو السلوك الصحيح لأمة يقودها مثل علي؟ ثم إذا ما قادها مثل الحجاج ومثل يزيد ومثل صدام تنقاد ويكفيها نصف كلمة!].
ما عاد تحتاج محاضرات طويلة، ولا عاد تحتاج توبيخ، ولا عاد تحتاج أي شيء نصف كلمة.
[ما هذا إلا ضعف الإيمان، ضعف الوعي، عدم البصيرة. في ذلك الوقت الذي كانت تثير تلك الحالة دهشة القليل من أصحاب الإمام علي (عليه السلام) الذين كانوا يعرفون عظمة ذلك الرجل، ثم يندهشون وهم ينظرون إلى تلك المجاميع الكثيرة الشقاق والنفاق والتثبط والتراخي والكلمة المفسدة المثبطة من أطرف منافق فيهم تحطمهم وتجعلهم يتقاعدون، كان هناك مجموعة لكنها كانت قليلة.
وهل أن الإمام علياً (عليه السلام) لم يكن يعمل على أن يصنع لدى الآخرين بصيرة، بل كانت خطبه خطب مهمة جداً، خطب مهمة جداً قادرة على أن تحول الرجال إلى كتل من الحديد، لكنهم أولئك الذين كانوا لا يفتحون آذانهم].
لأن المسألة في الحصول على الوعي تستدعي أن يكون عندك أولاً إدراك لأهمية الوعي، إدراك لضرورة الوعي فهم بأن النقص في الوعي مسألة خطيرة عليك، خطيرة على دينك، خطيرة على إيمانك، سبب للهلاك، سبب للضلال، سبب للخسران.
إذا عند الإنسان شعور، معرفة، إدراك، فهم لضرورة الوعي، والوعي العالي وليس فقط القليل من الوعي، ثم يحرص على أن يحصل على الوعي، فإذا سمع هدى الله يسمع بإصغاء وتفهم، ويحرص على أن يتفهم جيداً، أن يستوعب، هذه مسألة مهمة جداً، حتى في هذه الدروس إذا الإنسان يحضر ولا يحرص على أن يتفهم، ولا يحرص على أن يستوعب، أو يعتبر نفسه قد فهم فالمسألة خطيرة عليه، المسألة خطيرة عليه.
مثلما تكرر في الكلام تأتي متغيرات وأحداث كثيرة، فيكون الإنسان في موقف خطير دون مستواها، لا بوعيه، ولا بإيمانه، لا بوعيه ولا بإيمانه، قد يغتر الإنسان بنفسه، قد ينخدع هو بنفسه، يصاب بالغرور والعجب بالنفس يعتبر نفسه واعي فاهم ما يحتاج إلى أن يتفهم ولا يصغي، ثم يمر بمرحلة خطيرة جداً، ينحرف فيها انحراف كامل عن طريق الحق، فالمسألة مهمة جداً.
[لكنهم أولئك الذين كانوا لا يفتحون آذانهم].
لا يصغون، لا يتفهمون، لا يستوعبون، حتى لو استمع بدون تفهم، يستمع بدون تفهم ولا تركيز، أو قد يحضر اجتماع أو مناسبة أو محاضرة أو درس لكن معظم وقته حتى وهو يجلس حاضر بجسده، وغير حاضر بعقله، بقلبه، بفهمه بلبه، لا. شارد الذهن، منشغل هناك، ما بيتفهم، فمسألة التفهم والإصغاء والحرص على الاهتداء والاستيعاب مسألة مهمة جداً.
[هذه هي مشكلة الناس، مشكلة الناس في كل زمان، في أيام رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم)، في أيام الإمام علي (عليه السلام)، في كل زمان، الذين لا يفتحون آذانهم لا يمكن أن يؤثر فيهم أي شيء].
ذي بيصّا مم عن الاستيعاب للحق، ذي ما عنده اهتمام أن يستمع، أن يصغي، أن يتفهم، أن يستوعب هذه مشكلة، ما يمكن ينفع فيه شيء، لا كلمات الله وآيات الله، ولا توعية وتذكير، حتى من رسول الله، ما يمكن، ما يمكن يؤثر فيه.
[هم الذين يعجزون القرآن، ويعجزون محمداً، ويعجزون علياً، ويعجزون كل أولياء الله، يجعلونهم عاجزين أمامهم، الذين لا يفتحون آذانهم، أو يفتحونها فترة ثم يضعون لأنفسهم خطاً معيناً ويرون بأنهم قد اكتفوا].
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس مــــــن هـــدي القرآن الكريــــــــــم
في ضلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول.
الدرس الخامس
ألقاها السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بتاريخ: 6/جماد أول/1434هـ
اليمن – صعدة.