لم ينخدع السّيد حسين بقضيّة الإرهاب والإرهابييّن, ولم تنطل عليه هذه المسرحيّة, الّتي انطلت على الرأي العام العالمي, ولم تتكشّف خيوطها للبعض إلاّ في هذه المرحلة المتأخّرة, فلقد كان السّيد على يقين بأنّ هذه لعبة مدبّرة, ومخطّط لها من زمان, فهو عندما يتحدّث عن الإرهاب والإرهابييّن يعود للجذور الأولى لتأسيس وانطلاق الحركة "الوهابيّة" في الجزيرة العربيّة, باعتبارها البداية الأولى لزراعة هذه التّنظيمات الّتي تعتبر الوجه الآخر للمخابرات الأمريكيّة, والبريطانيّة, والإسرائيليّة, وتحظى بكامل الدّعم, والرّعاية, والتّمويل من قبل هذه الأجهزة المخابراتيّة منذ نشأتها الأولى, وتعتبر هذه الأجهزة المخابراتيّة هي الّتي هيّأت السّاحة لانتشار الحركة الوهابيّة, وتمكينها من التّغلغل في مفاصل وأجهزة الدّولة الأساسيّة, ووسط الحياة الدّينيّة, والسّياسيّة, وبرعاية رسميّة في أغلب الأحيان, كما هو الحال في اليمن بالنّسبة للحركة الوهابيّة, وحركة الإخوان المسلمين, كما يوضّح السّيد في هذا النّص حيث يقول: (ولنعد عندما يقول البعض: [هؤلاء هم يريدون الإرهابيين وأنتم تريدون أن تطلعوا إرهابيين من جديد]. نقول: أنت مخدوع، أنت تظن أن أمريكا وإسرائيل أن اليهود والنصارى أنهم إنما يريدون أولئك الذين يسمونهم إرهابيين، أنت مخدوع بهذا سواء أكنت كبيراً أم صغيراً، لماذا؟ نحن حسب معرفتنا نرى ونسمع أن من يقال عنهم أنهم إرهابيون هنا في اليمن هم الوهابيون، أو أشخاص من الوهابيين ومعاهدهم وجامعاتهم، أليس هذا هو الآن ما يقال بأنه إرهابي ومراكز إرهاب، ومنابع وجذور إرهاب؟.
لكن من الذي دعم هؤلاء في البداية؟ من الذي مكنهم من أن يتغلغلوا في مؤسسات الدولة؟ فيأخذوا أهم المجالات داخل هذا الشعب، وهو مجال التربية والتعليم، أخذوا التربية والتعليم، وأخذوا الأوقاف، وأخذوا وزارات أخرى، أمريكا هي المهيمنة، وأمريكا تسمع وترى، مخابراتها واسعة، هل ستسمح في شعب كاليمن أن يتحرك أولئك على ذلك النطاق الواسع مئات المعاهد، الجامعات الكبيرة، مئات المساجد أخذوها، ومنطقهم معروف، وكلامهم معروف، ثم لا يكون هناك إيحاء لهذا أو هذا بدعمهم، وإيحاء بإخلاء الساحة أمامهم والتعاون معهم وإفساح المجال لهم، هذا شيء ملموس.
حتى تعرف أن الشعب نفسه هو المستهدف وليس أولئك، وأن الدين بكله هو المستهدف وليس أولئك، أن أمريكا من البداية هي من تعطي ضوءاً أخضر لدعم هؤلاء وإفساح المجال أمام هؤلاء، والتعاون مع هؤلاء وهي من شغلتهم هم في مناطق أخرى في مجال تكون نتيجته مصلحة لها ولمصالحها في المنطقة، ثم تأتي بعد فترة لتقول بأن أولئك إرهابيون.
إذاً فمن هو المستهدف؟ إنها إنما عملت هؤلاء من البداية عبارة عن مبرر لأن تضرب الشعب بكله، وأن تتغلغل في أوساط هذا الشعب، وتبني لها قواعد فيه، هي من بنتهم، أليست هي التي بَنَت طالبان؟ أليست هي التي تدعم الوهابيين وتوحي بدعمهم؟ ثم في الأخير تبدو وكأنها إنما تهيئ حجة لها في المستقبل، تزرع أشخاصا وتوحي للآخرين بدعمهم، فمتى ما أصبح وجودهم معروفاً لا شك فيه في هذا البلد، قالوا هؤلاء إرهابيون، إذاً بلدكم فيه إرهاب، لا شك.
من الذي يستطيع أن يقول هنا في اليمن ليس هناك وهابيون؟ هناك وهابيون لا شك، أمريكا سمتهم إرهابيين، هل تستطيع أن تقول: لا.. ليس هناك وهابيون؟ أولئك الذين تعتبرهم إرهابيين، إذاً أصبحت الإدانة على وجهك ماثلة، وهابيون موجودون عندكم؟ نعم، إذاً هم إرهابيون.
وحينئذٍ سيأتي العمل الطويل كما قالوا هم - عندما تحركوا ضد أفغانستان - :أن الفترة ستكون طويلة، لماذا؟ لأن المسألة ليست مسألة أن هناك إرهابياً يُضرب، ثم يعودون، سيقولون: إذاً هذا إرهابي، صحيح. إذاً باقي جذور إرهاب، باقي منابع إرهاب، باقي وباقي وهكذا، ثم سيصنعون إرهاباً هم - كما قلنا أكثر من مرة - ستسمع تفجيرات هنا وتفجيرات هناك، ثم يقولون: إذاً من الضروري - وسيكونون "متجملين" ومحسنين كما يبدو لنا - أن تأتي التعزيزات من مختلف البلدان تحت قيادة الأمريكيين إلى اليمن كما حصل في أفغانستان، حينئذٍ سيفهم الناس - إذا لم نفهم من الآن - أن المستهدف هو الشعب نفسه، الشعب بكله بدولته، حتى الدولة إذا ما جندوها لأن تعمل ضد أبناء هذا الشعب فإنها هي مستهدفة؛ لأنهم لن يرضوا عنها مهما عملت، هل رضوا عن عرفات على الرغم مما عمل؟ ألم يملأ السجون من شباب [حماس] ومن شباب [منظمة الجهاد الإسلامي]؟ ملأ السجون وحاول أن يعلن بأنه حريص على السلام وأنه، وأنه، لم يقبلوا منه أبداً، قالوا: أنت قصرت في مكافحة الإرهاب، ماذا يريدون منه أن يعمل؟ هل يريدون أن يكون أشد على الفلسطينيين من الإسرائيليين أنفسهم؟ إذا كانوا يريدون هذا من عرفات فإنه ما يريدونه من أي زعيم) محاضرة وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرات السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.