فالتذكر للمراحل الماضية مهمٌ في كل الأحوال، ويساعد على الاستجابة العملية لله -سبحانه وتعالى-.
عندما يتذكر الذين آمنوا ما كانوا فيه من الاستضعاف، ويمكن في عملية التذكر هذه أن يتذاكروا فيما بينهم الكثير من التفاصيل عن تلك المراحل الصعبة والظروف تلك، الكثير من القصص الحقيقية والواقعية التي عاشوها في واقعهم، كيف كانوا، كيف كانت ظروفهم، أحوالهم في تلك المرحلة، في قضايا معينة، في أحداث معينة؛ أما في هذا الزمن فيمكن الإنتاج الإعلامي الذي يوثق لمراحل معينة، ثم يبين الفارق والنقلة التي تحققت من ذلك الظرف إلى ظرف مختلف تماماً، من ذلك الواقع العصيب إلى واقع متمكن ومريح، وحينها يستحي الإنسان من الله -سبحانه وتعالى- الذي منَّ بالنصر، منَّ بالسعة في الحال، منَّ بالتأييد، مكَّن في الأرض... أن يتنكر له بعد هذه النعمة، بعد هذه الرعاية، أن تتغير نفسيتك بعد كل الذي قد عشته أنت من تجربةٍ وواقع، وعشت هذه النقلة من ذلك الواقع الصعب، من واقع الاستضعاف، في مراحل معينة قد لا يمثلون أي قوة في الواقع، المستضعفون مستضعفين بكل ما تعنيه الكلمة ومطاردين ومهددين ومعانين، ولا يستطيعون أن يدفعوا العدو، ثم تأتي مراحل تتغير فيها الأحوال.
نحن في مسيرتنا القرآنية عشنا هذه التجربة، ولربما البعض ممن عاش هذه التجربة وعاش هذه المراحل ينسى، ينسى إلى حدٍ كبير، ينسى تلك المراحل وتلك الظروف، والنسيان هذا يصيبه بالغرور، يصيبه بالكفران لنعمة الله، يتنكر للنعمة، فتفسد نفسيته، تتغير نفسيته، وتتغير اهتماماته وتوجهاته، كما قلنا يتحول في اهتماماته وتركيزه على المنصب أو على المال والأطماع المادية، أو الأمور الشخصية والمكاسب الشخصية، وقد يطغى، قد يطغى عندما يرى نفسه في موقع القوة وفي موقع المسؤولية، قد يطغى فيظلم أو يتجبر، أو يتكبر على عباد الله -سبحانه وتعالى-، أو يفرط في المسؤولية، يقسو قلبه، يفقد التركيز على المسؤولية، على الاهتمامات المهمة، ينسى المستضعفين، ينسى أشياء كثيرة، فهذه الآية المباركة هي آية مهمة جدًّا، ونرى أن الله -سبحانه وتعالى- قدَّم الوعيد والتحذير في: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً}، {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً} إلى قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وأيضاً ذكَّر بالنعمة، ذكر بالنعمة، إما أن ينفع فيك ذلك التحذير، أو أن تتذكر هذه النعمة إذا كنت ممن قد انطلق وتحرك، وهذا يحصل للبعض، نحن في مسيرتنا القرآنية نرى البعض يتجه للتنصل عن المسؤولية، نرى البعض يجمد، نرى البعض تتغير نفسياتهم، تتغير اهتماماتهم، تتغير توجهاتهم، يفترون، أو ينشطون في اتجاه سلبي، هذا فيه تذكيرٌ مهمٌ لكل الذين آمنوا عندما يعيشون هذه المراحل وهذه النقلات.
والخلاصة هي: أهمية أن يبقى الإنسان بشكلٍ مستمر في موقع الاستجابة العملية لله -سبحانه وتعالى-، ويرى الفضل لله، لا يصيبه الغرور؛ لأن الغرور أيضاً يؤثر عليك في الاستجابة العملية لله -سبحانه وتعالى-، فلا يصيبه الفتور وكأنه قد أكمل وقد أدى ما عليه، الإنسان عليه مسؤولية كبيرة حتى يلقى الله -سبحانه وتعالى-، ولا تؤثر عليه الدوافع الأخرى، أيضاً من الدروس المهمة في: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ}، ما يستجد من تحديات، قد تضغط على البعض وتؤثر على البعض، فالإنسان إذا واجه تحديات جديدة تذكر التحديات السابقة، والمخاطر السابقة، والتي قد عبرها وتجاوزها بمعونة الله -سبحانه وتعالى-، بألطاف الله، بنصر الله، بتأييد الله، بفضل الله، فيحافظ على ثقته بالله، أمله بالله، رجائه فيه الله، لا يتصور أن هذه التحديات الجديدة لا يمكن أن يدفعها الله، الله على كل شيءٍ قدير، {وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ}[آل عمران: من الآية 150]، {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}[الأنفال: من الآية 40].
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية الثانية والعشرون: 1441هـ 15-05- 2020م.
يوم الفرقان (5) استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم.