رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله أكمل الأنبياء وسيد الرسل، وهو أيضا خاتم النبيين، وهو الذي وصل إلى أرقى مستوى في الواقع البشري، في كل الصفات الحميدة ومكارم الأخلاق والحكمة والذكاء والفهم، أكمله الله سبحانه وتعالى وأعده إعدادا راقيا وخاصا ومتميزا، وكذلك دعوته دعوة حق، ودعوة رشد، ودعوة فلاح، ودعوة خير ورحمة، والله قال عنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، يأتي إلى مجتمع في مكة، المجتمع العربي وهو المعروف بينهم في كل ماضي حياته بالصدق والأمانة ومكارم الأخلاق، والرشد والحكمة والاتزان وما هناك أي إشكالية أو شبهة أو شيء يخدش في ماضيه، يخدش شيئا من كماله أو ينقص شيئا من قدر منزلته أبدا، ماضٍ راقي جدا ونظيف ومتميز جدا، يأتي ليقدم هذه الدعوة التي هي رحمة للناس، وبأسلوب راقي جدا وحكيم وبالموعظة الحسنة وبالحكمة، وبحرص كبير جدا جدا امتلك من الحرص على هداية الناس ما لا يمكن أن نتخيله، (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ)، يعني يصل إلى درجة أن يكاد أن يهلك، أن يموت من الألم على الناس، كيف لا يؤمنون، كيف لا يهتدون، يسعى لإنقاذهم مما هم فيه من وضع سيئ حدا جدا في الدنيا ومن مخاطرة كبيرة أمامهم في الآخرة من نار جهنم، رسول الله بكماله العظيم وأخلاقه العالية وحكمته وذكائه وحسن تصرفه وأدائه الراقي جدا جدا جدا على المستوى العملي وعلى مستوى الحركة، يتحرك في الساحة فيأتي أولئك ليتحركوا ضده بكل ما يستطيعون، على مستوى الاستهداف بالإساءة إليه شخصيا، وعلى مستوى التكذيب لدعوته، أولا وقفوا موقفا حاسما من دعوته وكانت دعوة حق واضحة جدا، فقفوا منها موقفا حاسما بالتكذيب، قالوا هذا كذب، هذا لا أساس له من الصحة، هذه الدعوة لا ينبغي أن يلتفت إليها الناس ولا أن يصدقوها نهائيا، وحذروا الناس بكل شدة من الاستجابة لها، الدعوة إلى توحيد الله في العبادة وأنه وحده لا إله إلا هو وترك تلك الأصنام الحجرية التي كانوا يصنعونها أو يشترونها من الأسواق ويدفعون ثمنها ثم يجعلون منها آلة يعبدونها ويعتبرون أنفسهم عبيدا لها، يشتري صنم ويملكه بثمنه، ثم يجعل نفسه ملكا لذلك الصنم الذي امتلكه، عجيبة يعني، مكارم الأخلاق التي دعا إليها، الصدق، المرؤة العدل، الطهارة، القائمة طويلة، الإحسان، العدل، ال، ال، كل تلك القائمة يرمى بها عرض الحائط وتحارب جدا، وتعتبر مشكلة كبيرة جدا، كل ما دعا إليه من الرحمة من العدالة، العدالة الاجتماعية فيما بين الناس، المعاملة الحسنة، ال، ال، القائمة طويلة كلها خير كلها مصلحة كلها جيدة، كلها ما يفترض أن يُستفز منها الإنسان، قالوا هذا لا ينبغي أن يستجاب له نهائيا وهذا ممنوع نهائيا، رسول الله الذي هو أعظم الناس رشدا، ما هناك أي شك في رشده في فهمه في اتزانه في عقله، يعني بحسب التعبير العام أعقل الناس، أكملهم، هذا الذي هو أرشد الناس يتهمونه بالجنون، أولئك الذين قادوا المستكبرين، الذين قادوا العمل ضد رسول الله، أبو سفيان، أبو جهل، أبو لهب، ومن معهم يعني، واتبعهم الكثير من الناس، حاولوا أن يشنوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حربا تستهدف شخصيته كي لا يسمع الناس منه، كي لا يتقبل الناس منه، كي ينظر الناس إليه نظرة بالشك والارتياب والاحتقار ومن جوانب متعددة، مثلا الجنون، تهمة الجنون، وهو معروف بين المجتمع أنه الأرشد والأعقل في البشرية بكلها، وأعقل البشرية بكلها منذ آدم إلى آخر مولود في البشر، قالوا هذا مجنون، مجنون تماما، قد جن، أصيب بالجنون، وهذه مشكلته أنه قد أصيب بالجنون فلذلك يتحرك ويدعو الناس هذه الدعوة، ويحاولون أن يعلموا هذه الدعاية ولربما البعض من سذج الناس قد يصدق، يقول ربما الرجل قد جن، قال أبو سفيان، قال أبو لهب، قال أبو جهل، وهذه شخصيات زعامات حاضرة في الساحة ونافذة، مش معقول أنها تقول هكذا ومش صحيح الموضوع، وجهت إليه التهمة بالجنون وحاولوا أن يروجوا لهذه التهمة في الساحة وأن يقنعوا بها الناس، فترة ما نجحت هذه الدعاية والكثير من الناس تبينت لهم الحقيقة والبعض من الناس وقليلون حتى ولو تأثروا بها تأثرهم لا يفيد في وقف هذه الدعوة، وفي القضاء على هذا الحق وفي إيقاف هذا المشروع الإلهي العظيم، بحثوا عن دعاية أخرى، شاعر، بحثوا عن دعاية أخرى، (إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ)، (لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) وسلسلة عريضة طويلة كثيرة من الدعايات والاتهامات، قالوا افتراه، بيكذب، لا تصدقوه أبدا، يشككون في مصداقيته، وهو أصدق البشر، وهو الذي نقل عن الله سبحانه وتعالى بكل أمانة، ليس هذا فحسب، عندما انتشرت الدعوة الإسلامية، وتوسعت، تحركوا لمنعها بالقوة وليس فقط بالدعاية الإعلامية المشوهة والتنفير والحرب الاقتصادية والمضايقات ووو، سلسلة من الإجراءات التي اتخذوها، إنما اتجهوا إلى محاربة هذه الدعوة بالقوة، أما من يؤمن بهذه الدعوة وبإمكانهم أن يسجنوه وأن يعذبوه وأن يضطهدوه وحتى إلى درجة القتل مثلما قتلوا ياسر، والد عمار بن ياسر وقتلوا زوجته وحاولوا، اضطهدوا آخرين أشد الاضطهاد، وفي الأخير تآمروا وأعدوا خطة لقتل رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله بنفسه، وهذا ما حكاه القرآن الكريم في سورة الأنفال نفسها وهو يتحدث عن هذه المؤامرة، (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) لاستهداف رسول الله بنفسه، لم يعودوا يطيقونه، خلاص، ما يتحملوا أن يكون هناك في الساحة من يدعو إلى الحق، من يدعو إلى العدل من يدعو إلى الخير من يدعو إلى الرحمة من يقدم تلك القيم، من يقدم تلك المبادئ، هذا أمر لا يطاق عندهم أبدا، ولا يمكن تحمله نهائيا ويستخدمون كل الوسائل والأساليب في محاربته والسعي لمنعه، فرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أتاه الإذن بالهجرة من مكة إلى المدينة، هاجر، ومعروفة قصة الهجرة تحدثنا عنها، الكثير من الناس يعرفونها من خلال المحاضرات، الكتب، الدراسة إلى آخره.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
في ذكرى معركة بدر الكبرى –
المحاضرة الرمضانية الخامسة عشرة/ 1439 هـ 02-06-2018 .