محمد فاضل العزي
إن الحربَ التي لا هدنة فيها، والعداءُ الذي لا ينام عنه، هي تلك الجرائم بحق القرآن الكريم التي يديرها طواغيت العصر ورواد مشروع الصهيونية العالمية.
فبين كُـلّ فترة وأُخرى نشاهد جرذان الصهيونية في مشاهد استفزازاتٍ، بل أفعال وتحَرّكات تعد حربًا شاملة، وهجومًا استراتيجيًّا ممنهجًا يستهدف "غرفة العمليات" في هذه الأُمَّــة؛ لضرب أصل دينها وهدايتها وأقدس مقدساتها، بل وفصل الإنسان المسلم –ذهنيًّا ونفسيًا– عن مصدر رشده ونوره: كتاب الله العزيز، وذلك بعدد من الطرق والأساليب أبرزها:
أولًا: صراع البُوصلة.. القرآن في مواجهة "مراكز التضليل"
إن بناء "الاتّجاه الإيماني النقي" هو التهديد الحقيقي لمشاريع الهيمنة؛ ولذلك أدرك الأعداء، وعلى رأسهم اليهود والصهيونية العالمية، أن "الأمة المتصلة بالقرآن" هي أُمَّـة مستعصية على التدجين؛ لأَنَّها تستمد رؤيتها من هدى الله لا من مراكز التضليل الغربي.
فمن القرآن تتشكّل البُوصلة الفكرية، وتتحصن القلاع الثقافية من الانحراف والتيه.
ثانيًا: استراتيجية "الفصل والتدجين"
يسعى الأعداء بكل ثقلهم الإعلامي والفكري والثقافي والديني المدجن، لصناعة "انفصال وجودي" بين الأُمَّــة وكتابها، ليكون حضور القرآن حضورًا طقسيًّا شكليًّا كما هو موجود الآن في المجتمعات الإسلامية، وتغيب فاعليته في توجيه الموقف وصناعة الوعي.
إنهم يريدون قرآنًا لا يتدخل في السياسة (فصل الدين عن الدولة)، ولا يوجه الأنظمة لاتِّخاذ أي موقف ضد أعداء الأُمَّــة، ولا يحرك الشعوب، بل يجعل الشعوب تنحرف، حَيثُ يريد عدوها.
إن رأس الصهيونية العالمية أمريكا والكيان المحتلّ يخشون القرآن؛ لأَنَّه كتاب "هداية وموقف"؛ يكشف عورات الطغيان، ويفضح كيد الاستكبار، ويجلي حقائق الصراع التي يحاولون طمسها.
ثالثًا: قياس "النبض" وضرب القدسية
تبدأ هذه الحرب بضرب "جدار القدسية" في النفوس؛ فتدنيس المصحف إنما هو "اختبار" وقياسٌ لردود الفعل: هل ما زال القرآن نبضًا حيًّا في وجدان المسلمين؟ أم أصبح حدثًا عابرًا لا يحرك غيرةً ولا يصنع موقفًا؟ إنهم يراقبون لحظة "البلادة" لينقضّوا على ما تبقى من وعي، وُصُـولًا إلى الانفصال الذهني التام حتى وإن بقي المصحف شعارًا يُرفع في المناسبات.
رابعًا: الغزو التعليمي.. صناعة الوعي المشوه
في أخطر مسارات هذه الحرب، يتجه الأعداء نحو المناهج التعليمية والمنصات التثقيفية، لتحويل أنظار الأجيال عن كتاب ربها.
تُحذف آيات "العزة والجهاد" وتُحرّف المعاني وتُغيّب المفاهيم الحقيقية الإيمانية الكبرى، والهدف: صناعة جيلٍ "تائه ومتبلد" ثقافيًّا، منقطع الصلة بالقرآن الكريم والعترة، ضعيف المناعة أمام التضليل، يسهل سياقته في مشاريع التغريب.
خامسًا: الرد الحقيقي.. القرآن منهج جهاد
إن الرد على هذه الحرب لا يكون ببيانات الاستنكار الباردة فقط، بل "بالمسارعة نحو القرآن" وإعادته إلى موقعه الطبيعي كمرجعية فكرية وثقافية ومنهج حياة، ومصدر وعيٍ وموقف.
الرد الحقيقي هو أن يتحول القرآن إلى "مشاريع عمل" تكسر هيمنة الطاغوت؛ فبقدر تمسكنا بالقرآن الكريم نمتلك الرشد ونحافظ على الهُوية الإيمانية ونسحق كُـلّ مشاريع الفصل والتبعية.
خاتمة: الموقف الحقيقي: من غضبِ العاطفة إلى ثورة القرآن الكريم
إنَّ المعركة اليوم قد تجاوزت حدود "الاستفزاز" لتصبح اختبارا لوجودنا التاريخي؛ فإما أن نكون أُمَّـة "قرآنية الموقف"، تُسقِط مشاريع الطاغوت بوعيها وعملها، وإما أن نرضى بالدونية تحت سياط التغريب والذلة.
إنَّ الرد الصاعق على الحرب ضد القرآن الكريم وتغييب الآيات لا يكون إلا بالاستمساك الذي يورث التمكين؛ عبر تحويل كُـلّ آية إلى رصاصة في صدر التضليل وكل مفهوم قرآني إلى مشروع بناءٍ وتحدٍّ.
إنَّ صراعنا مع قوى الاستكبار هو صراعٌ بين "نور الوحي" و"ظلمات الطاغوت"، ولن ينكشف هذا الزيف إلا بجيلٍ يتخذ من القرآن وقرين القرآن قائدًا في الميدان، لا مُجَـرّد نصٍّ للبركة؛ فبالقرآن الكريم نكسر قيود التبعية للصهيونية العالمية، وبه نستردُّ ريادة العالم، وما ذلك على الله بعزيز.




.png)

.jpg)
