علينا أن نعيد اتصالنا بهذه النعمة، بهذه الرحمة، بهذا الفضل؛ ليكون اتصالاً صحيحاً، سليماً من الشوائب التي أثَّرت سلباً، ورأينا تأثيراتها السلبية في واقع الحياة، إذا أعدنا هذا الاتصال السليم من الشوائب بالرسول، وتعرفنا على رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” من خلال القرآن الكريم، ثم يكون القرآن نفسه في آياته المباركة، فيما نتعرف من خلاله على رسول الله هو المعيار الأساس حتى فيما ينقل إلينا في السير، فننظف مناهجنا، وننظف موروثنا كله: الثقافي، والفكري، والتاريخي، من كل ما يحسب على رسول الله، وهو يختلف مع القرآن، هنا سنجد عظمة رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، سنجد كم سيكون هذا الارتباط الصحيح وهذه الصلة التي تنظف من الشوائب فاعلةً ومباركةً ومؤثرةً في واقع حياتنا، فنرى فضل الله “سبحانه وتعالى” علينا في واقع هذه الحياة، نتصل حينها بالتعليمات الإلهية بشكلٍ صحيح، بالنور الإلهي بشكلٍ صحيح، ونرى أثر ذلك في أنفسنا، وفي واقع حياتنا، وفي مسيرة حياتنا، فنبني على ذلك أسمى حضارةٍ في الواقع البشري؛ لأن الإسلام هو يهيِّئ بتعاليمه العظيمة، بمنهجه العظيم، بهذا القدوة العظيم، والأسوة العظيم: رسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، يهيِّئ لنا أن نبني أرقى حضارة، تتميز بأنها حضارة مبنية على قيم إلهية، على مبادئ عظيمة وسامية وراقية، وعلى مكارم الأخلاق، الأخلاق الكريمة، فتكون حضارة المبادئ الإلهية، وحضارة مكارم الأخلاق، وحضارة التعاليم الإلهية، التي تبني هذه الحياة على أساسٍ من العدل والخير والرحمة والفضل، وتسمو بالإنسان. التوجهات الحضارية المنحرفة، والتي هي مطبوعةٌ بكلها بالطابع المادي، هي تبني ناطحات السحاب، ولكنَّها تدمِّر في الإنسان إنسانيته، ولكنها تسحق المجتمعات البشرية بلا رحمة.
إننا عندما ننظر إلى كل الحضارات القائمة اليوم والتي تَكفُر بالأنبياء وتبتعد عن تعاليمهم ولا تقبل بتعليمات الله “سبحانه وتعالى”، وترفض الأخلاق الكريمة الفطرية التي أتى الأنبياء من أجل إحيائها من جديد في واقع البشرية، نرى تلك الحضارات أنها تفقد الرحمة، كم هي حاجة البشرية اليوم إلى الرحمة!.
اليوم عندما نأتي لنقيم الدور الأمريكي كحضارة مادية، الدور الغربي كحضارة مادية، نراها حضارة ليس فيها ذرةٌ من الرحمة، تدوس المجتمعات البشرية، تُضل وتظلم، تطغى وتُجرِم، تستكبر على بني البشر، تصادر حريات الشعوب، تنهب ثرواتهم، تعتدي عليهم، تحتل بلدانهم، ترتكب بحقهم أبشع الجرائم، ثم تقدم مجرد عناوين تتحدث عن حقوق الإنسان، ومتى وجدنا للإنسان عندهم أي حقٍ حقيقيٍ يحترم؟، هل احترموا حق الإنسان في اليمن، هل احترموا حق الإنسان في فلسطين، هل احترموا حق الإنسان في أي بلدٍ من بلداننا الإسلامية، سواءً في بلاد العرب أو في غيرها؟. لا، هم بكل بساطة يصادرون الحقوق.
يتباهى ترامب في أحد لقاءاته التطبيعية السابقة ويقول بكل وضوح: إذا أرادت إسرائيل أن تحتل أي أراضٍ أخرى – يعني على العرب- فهو مستعد أن يعطيها، أن يصادرها لها، يوم أعلن عن مصادرة الجولان السورية لإسرائيل، قال: إذا أرادت إسرائيل أن تحتل أي أراضٍ أخرى فلا بأس سنعتبرها لها، أي حضارة هذه؟! قائمة على التوحش، على الجريمة، على الاستكبار، على الافساد، على تدمير القيم والأخلاق، وتأتي بعناوين زائفة، لا مصداقية لها في الواقع، يأتي بعنوان الحرية وهو يسلب الشعوب حريتها ويستعبدها.
عندما نأتي لنجد كيف أنهم يهيئون للرذيلة، للفساد، يدمرون القيم، يستهدفون الأخلاق، ويؤسسون للعداء حتى للأنبياء، والإساءة حتى للأنبياء، ويأتون بعنوان الحرية كغطاء لكل هذا العمل الفوضوي والإجرامي والسيء، ثم عندما تأتي المسألة إلى موقف من اليهود الصهاينة لا نرى هذا العنوان يحضر أبداً، ولا نراه مقبولاً أبداً.
في فرنسا على سبيل المثال: ممنوع أن تنتقد اليهود الصهاينة، ممنوع أن تشكك فيما يزعمونه بالمحرقة، ويمكن أن تحاكم لو شككت في ذلك حتى لو امتلكت الأدلة، ولو قدمت ما قدمت، كما فعلوا مع )روجيه غارودي)، كتب كتاباً وقدم فيه أدلةً وشواهد، وحاكموه، ممنوع، ليس هناك حرية في أن تنتقد اليهود الصهاينة، يسمح لك في فرنسا وفي الغرب وفي أمريكا أن تعادي الأنبياء، وأن تسيء إلى الأنبياء، وأن تسيء إلى الله “سبحانه وتعالى”، وأن تلحد به، وأن توجه الكلام المسيء إلى الله “سبحانه وتعالى”، لكنه لا يسمح لك أبداً بأن تسيء إلى اليهود الصهاينة، أن تعادي اليهود الصهاينة، أن تتكلم بعبارات تتناقض مع التوجهات السياسية التي تجعل منهم حالةً استثنائية، وإذا صدر منك أي شيء يقولون: [أنت تعادي السامية]، وستحاكم تحت عنوان: معادات السامية، وليس لك حرية أبداً، لا بأن تكتب بطريقة فكرية وتفند أو تظهر حقائق معينة عن إجرامهم وسوئهم وظلمهم، معاداة السامية هي عنوان حاضر لاستهدافك.
حتى في مواقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك مثلاً وغيره، يبيحون ويتيحون الفرصة من على منابرهم تلك الإعلامية لكل شيءٍ سيء، لكل الرذائل والمفاسد، لكل ضلالٍ ولكل باطل، لكن عندما تأتي المسألة إلى موقف من اليهود الصهاينة المعتدين، موقف للحق، موقف صحيح، يمكن أن يحضروا عليك صفحتك.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
في افتتاح الفعاليات والأنشطة التحضيرية لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1441