بقلم / د. أسماء الشهاري
تجتمع الكلمات ثم تتبعثر، تترتب الأفكار ثم تتناثر، تزدحم العبارات ثم تتفرق، تحضر معاجم اللغة وأمهات الكتب ثم تتوارى، يخفت توهجُّ الشمس ويتضاءل ضوء القمر، تتساقط أوراق الأشجار اليانعة والورود المتفتحة وتنحني هامات الجبال الشامخة، تطأطئ السماء رأسها في خجل وتكاد أن تدنوا فتقبل الأرض، تتبخّرُ المحيطات والبحار، وتجف وتعود إلى باطن الأرض مياه الينابيع والأنهار، وتفتحُ أبوابُ السماء بماءٍ غزيرٍ مُباركٍ مِدرار..
لم أعد أدرِ أهي دموع الاستبشار والفرحة أم زخّاتٌ للتعبير عن الألمِ والفرقة واللهفة؟
لكنني أعلم لماذا اختفى وتوارى كل هؤلاء؟
فمهما استدعيتهم أن هلموا واحضروا، اختفوا حياءً وخجلا وتبعثروا!
وكيف لهم أن يظهروا وقد حضرت ذكرى الشهداء؟!
نعم، إنها الذكرى المجيدة والمناسبة المقدسة السعيدة التي استمدت عظمتها وقداستها من عظمة وقداسة تلك التضحيات المبهرة والدماء الزكية الطاهرة،
ها نحن نستقبلها في كل عام ونُقرئ الأرواح الطاهرة منّا التحية والسلام، وكل المحبة والتقدير والإكرام..
ها نحن نُسارِع إلى رحابها المقدس لننهل أجمل معاني التضحية والإيثار ونقف في خشوعٍ وهيبة في مدرسة المكارم والرفعة والقيّم العظيمة السامية بكل إجلالٍ ودهشةٍ وانبهارٍ وإكبار..
ها نحن بين طياتِ هذه القصة نسمح لأرواحنا وأنفسنا أن ترتدي أجنحةً من نور وأن ترتفع وتعلو وتُحلق بنا بعيدا بعيدا إلى عالم آخر، عالم رباني، عالم روحاني، عالمٍ لا يضاهيه عالم، إنه عالم النعيم والسعادة، والخلود والزيادة، إنه عالم الأصفياء والأولياء والأنبياء، إنه عالم الشهداء الأحياء، إنه عالم الطمأنينة والبشرى والابتهاج والرضى، وما عند الله خيرٌ وأبقى، من لا يبلغ وصفه الواصفون ولا مدحه المادحون ولو تعاقبت عليهم السنوات والقرون، وكيف لهم أن يبلغوا مدحة من هم في جناتٍ وعيون وفي نعيم الخلد يرزقون ويستبشرون.
فالشهداء.. هم من يظلون في شوقٍ إلى رفاق دربهم، ويترقبون فوزهم بما فازوا به، وفي الجنة كم تطيب الرفقة وكم يحلو اللقاء..
إنَّ الشهداء يظلون في شوق لرفاق دربهم الذين لم يلحقوا بهم بعد لما يرون من المكرمات وهم في ضيافة الله العظيم ونعيمه الخالد المقيم، ويظلون في حالة من الترقب والفرح والاستبشار بأن من كانوا معهم في ساحات النزال ومواقع البطولة والنضال، يتصدون للأعداء ويقارعون الأهوال، أنهم لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون،
فهم بمجرد أن ينالوا هذا الشرف العظيم الذي نالوه هم من قبل فسيختفي عنهم الخوف والحزن بل وسيولي من غير رجعةٍ إلى الأبد فلا موت ولا سقم ولا شقاء بل رفعةٌ وعظمةٌ وفوزٌ وسعادةٌ أبديةٌ وارتقاء إلى جوار الصالحين والأنبياء، فأيُّ فوزٍ وشرف قد يضاهي جوار ربِّ الأرضِ والسماء!
وكأنَّهم في لهفةٍ يدعون الله أن يُعجل لأخوانهم الصادقين الأوفياء من أهل التضحية والفداء بأن يرفعهم كما رفعهم إلى أعلى عليين وفي الجنة كم تطيب الرفقة وكم يحلو اللقاء..
هذا بين الأصحاب والخلان، فكيف إن كان رفيق دربك وصديق مسيرة نضالك وبذلك هو شقيقك وصديق طفولتك وأقرب الناس إليك، فكيف يكون الشوق؟ وكيف يكون اللقاء؟
وربما أن هذا قد يفسر ارتقاء الكثير من الأخوة من أسرة واحدة ولحاقهم سريعاً ببعضهم، فهم أحياء يرزقون وينعمون وكيف لله سبحانه أن يرد دعوتهم في من يحبون!
فما يكون منّا إلا أن نقول هنيئًا لهم جميعاً مهما صاحبها من حرقة القلب أو دمع العيون..
فما أن حلت الذكرى الأولى لرحيل الشهيد الماجد مجدالدين من كان مجدا في صفاته وشهامته ودماثة أخلاقه إلا ولحقه قبل تمامها بأسبوع واحد فقط أخوه محمد شهيداً مجيدا من الصالحين ليحلِّقا سوياً في عالم الخالدين، فتعانق الأخوان في أعلى عليين وانتشت الجِنان بهذا الفضل والنصر المبين، وليُتم الله فضله على أسرتهما الكريمة بهذه البشرى والقرابين..
كثيراً ما تحدثنا عن الشهداء ومناقبهم ومآثرهم التي أهلتهم لهذا الاصطفاء ولأن يكونوا أهلاً لهذه المنزلة والشرف العظيم الرفيع في الدنيا والآخرة، فالشهداء.. هم الصابرون الحامدون الشاكرون الذاكرون السائحون الراكعون، ويوم يخاف الناس هم الآمنون..
لكن دعونا نتحدث في قصتنا هذه عن سر عظيم من أسرار الشهادة والاصطفاء، وهي الأسرة الحاضنة والمعلمة والمربية لمثل هذه النماذج العظيمة المبهرة، فكما قال تعالى في كتابه الكريم :"وكان أبوهما صالحاً"
وقال تعالى :"وأصلحنا له ذريّته"، فالذرية الصالحة المباركة هبة عظيمة من الله ومنحة إلهية خاصة عندما توجد البيئة الإيمانية والتربوية العظيمة لتترعرع وتنمو وهي تستقي من كل الشمائل والخصال الطيبة والكريمة التي تجعل منها نماذج فريدة ومميزة بين قرنائها ومؤثرة في محيطها ومجتمعها..
فالأرض الطيبة والتربة الصالحة يخرج نباتها طيباً مزهرا يانعاً مباركاً فيه بإذن ربه،
والأسرة الكريمة كالشجرة الكريمة المباركة الراسخة في أعماق الأرض بجذورها وقيّمها والممتدة في أطراف السماء بفروعها وثمارها اليانعة البهية..
ولذلك نجد فتية في مقتبل العمر أمثال الشهداء العظماء الأخوين الخالدين مجدالدين عبدالله النعمي و محمد عبدالله النعمي
فمنذ نعومة أظفارهم أسروا القلوب والألباب فلا تقع عين أحد عليهم أو يحظى بمجالستهم إلا ويلمس فيهم أسرارا وأنوارا ويتركون في نفسه الأثر البالغ العظيم من طيب صفاتهم وخصالهم وعظمة أخلاقهم وتعاملهم مع غيرهم وبشاشة محياهم التي تلفت الأنظار وتجعل من يعرفهم يقف أمامهم موقف إعجاب وإكبار لهؤلاء العمالقة الصغار، فهم من قد رضعوا المجد في مهدهم زلالا ونهلوا من معين العلم الصافي في حجر أسرتهم الكريمة الرائدة ألوانا وأشكالا في كل ميادين البذل والعطاء والعلم والإباء وتشربوا كل تلك المبادئ السامية والقيّم العظيمة فأثمرت شُباناً ورجالا يمسكون القلم والمعرفة بيد والبندقية والجهاد باليد الأخرى، وتجدهم وهم في أعمار الثامنة عشر والعشرين قد استحقوا بجدارة أن يكونوا من المصطفين الأخيار، وأن تكون الأعمال والآثار التي تركوها وخلدوها هي أعمال العمالقة الكبار، وإن لم تكن أسرة الإنسان العظيم والتربوي الكبير والمجاهد الصادق الأستاذ عبدالله النعمي --مَن بيته من أرقى بيوت العلم والفضل والجهاد -- أهلا لأن تقدم شهيدين عظيمين في سبيل الله والمستضعفين، فمن سيكون أهلا لهذا الاصطفاء والاختيار ؟!!
رحلوا عن هذه الدنيا الفانية إلى عالم الخلد وجوار الرب العظيم وهم في مقتبل عمرهم وزهرة شبابهم لكن أمجادهم و بطولاتهم باقية لم ترحل خالدة بخلود سيرتهم العطرة وذكراهم الباقية ما بقي الدهر، فالشهداء قصصهم تروى كالأساطير والمعجزات، وذكراهم تبقى مهما تعاقبت الليالي والسنوات..
كانوا كباراً بأخلاقهم وأعمالهم وكأنهم عاشوا أضعاف عمرهم في هذه الحياة بوعيهم وإدراكهم ونضوجهم، وبمواقفهم العظيمة الكبيرة الخالدة التي تطوي بداخلها أعمارا طويلة وسنوات كثيرة خلدتها أعمالهم العظيمة خلال مسيرتهم القصيرة إن قورنت بغيرهم، لكنهم يفوقونهم ويتفوقون عليهم كثيراً في ما خلدوه بعطاءهم اللامحدود وبطولاتهم وتضحياتهم التي ستظل تروى كأجمل ما في الوجود..
وإن أردنا أن نقترب أكثر من الشهداء العظماء
الشهيد/ مجدالدين عبدالله علي أحمد النعمي، والشهيد/محمد عبدالله علي أحمد النعمي سلام الله عليهما فهما من مواليد قرية القزعة / المفتاح / حجة..
تربى الشهيدان في حجر والديهما الكريمين.. أبوهما الأستاذ التربوي/ عبدالله النعمي، وشيخ المسجد أيضا، مستشار وزارة التربية والتعليم حاليا،
كما حظيا باهتمام وعناية أعمامهما وعلى رأسهم السيد المجاهد/ محمد علي ( أبو رضوان )
وفي ظل هذه الأسرة الكريمة نشأ الشهيدان وترعرعا، والى جانب اهتمامهما بالتعليم الحكومي التحقا بالعديد من الحلقات العلمية في المسجد وغيره، وعند انطلاقة الثورة عام 2011 م كان والدهما من أوائل المنضمين إليها، فأخذ أسرته وذهب بهم إلى صنعاء ليكون من أبرز الثوار الفاعلين في ساحة التغيير، ويكون الشهيدان من الأشبال الناشطين فيها، وظلت الأسرة المعطاءة هناك تواكب الأحداث حتى وقتنا الحاضر،
فكان رب الاسرة من الأعضاء البارزين في ثورة 21 من سبتمبر وعضو في اللجنة الثورية، وأبناؤه ومن بينهم الشهيدان (مجدالدين -- وهو اكبرهم سنا -- و محمد ايضا) كانا من طلائع من يحضر الوقفات والمسيرات، هكذا كانت الاسرة الكريمة المجاهدة تبذل في سبيل العزة والكرامة أقصى ما تستطيع، وهكذا ظل الشهيدان يتغذيان التعليم الروحي والنفسي ويستقيان كل معاني الإيمان والعزة والكرامة من مدرسة بيت النبوة الطاهرة ونهرها الصافي الرقراق الذي لا ينضب،
كما واصلا تعليمهما الحكومي وأخذ مجدالدين العديد من الدورات في : الكمبيوتر والإنجليزي والتنمية البشرية وغيرها، كما التحقا جميعا بمركز المرحوم الشيخ / محسن أبو نشطان العلمي بأرحب برفقة عمهما أبو رضوان عندما كان مدرسا بالمركز واستمر الشهيدان يواصلان حياتهما العلمية والثورية على هذا المنوال حتى شن العدوان السعوصهيوأمريكي على اليمن فكانا وفقا لتربيتهما الإيمانية العظيمة من أوائل الشباب المندفعين إلى مواقع التدريب،
فقد أخذا العديد من الدورات الثقافية والعسكرية، وشاركا في العديد من الجبهات، حيث شارك مجدالدين في جبهة صعدة والجوف ومأرب وميدي واستمر بمأرب فترة طويلة وبها جرح وعندما تماثل للشفاء طُلب منه أن ينتقل إلى جبهة ميدي وظل بها ينكل بالعدو حتى لقي ربه شهيدا مجيدا في 2017/2/6 م وقد شيع في موكب جنائزي مهيب إلى مسقط رأسه/ القزعة، وبعد الصلاة عليه دفن فيها بروضة الشهداء..
هذا وقد كان للشهيد مواقف شجاعة منقطعة النظير سطر فيها أروع آيات البطولة والإباء تحدث عنها زملاؤه حيث يحكي أحد رفاقه عن بعض مواقفه البطولية الخالدة كخلود روحة الطاهرة في جبهة مأرب ويقول : كان ينكل بالعدو بضربات مسددة فقد كان لديه طقم يحمل معدلا 23 وذات مرة كان في مواجهة مباشرة مع العدو هو وبعض رفاقه،
ولا يوجد من يقود الطقم الذي يحمل المعدل، فكان يقود الطقم مسافة معينة ثم ينزل ليضرب بالمعدل، حتى أوقع بالعدو كثيرا، وفجأة أدرك بأنه شبه محاصر وقد فصل بينه وبين رفاقه، فحاولت إحدى مدرعات العدو اللحاق به لكنه انسحب سريعا مستخدما نفس الأسلوب السابق الضرب بالمعدل وقيادة الطقم حتى نجاه الله منهم،
وذات مرة أيضا زحف العدو بمدرعاته وجنوده وكان زحفا كبيرا وبحمدالله تصدى له جنود الله ومجدالدين في مقدمتهم يضرب بالمعدل 12 حتى أعاق تقدم مدرعات العدو، فما كان من العدو إلا التحقق من مصدر الضرب عليه وتحديده ومن ثم استهدافه بقناص، فأصيب مجدالدين بطلقة في كتفه.
غير أنه لم يكن ممن تعيقه الجراح عن مواطن عشقتها روحه وكل جوارحه مهما بلغت، فلم يكن يطيق البقاء بعيداً عنها فما إن تماثل للشفاء حتى سبقته أجنحة الشوق إليها..
هكذا هم العظماء الذين لا يوهنهم ما يصيبهم طالما هم في سبيل الله ولا يضعفهم بل يزيدهم بأسا إلى بأسهم، وانطلق مجدالدين مجدداً إلى جبهة الحدود إلى جانب الأبطال والأسود قتالا وذودا عن الدين والوطن وطلبا لجنات الخلود، فكان لها شرف الارتواء من دماءه العطرة المباركة التي أثمرت عزا وحرية ونصرًا رسمه بدمائه الحيدرية..
وعلى ذات الدرب ونفس المسار خاض أخوه محمداً حروب السيادة ومعارك الأحرار، ليرسم لنا بدمائه الغالية فجر الحرية والانتصار، ولتلتقي روحه المحلقة في سماء الوطن والعزة بروح مجد وجده الكرار.. فسلام ربي عليكم ما تعاقب الليل والنهار، وما صلى مُصلٍّ على طه وآله الأخيار.
كان استشهاد محمد في الساحل الغربي 2018م/26/1 قبل أيام قلائل من استعداد أسرته لإحياء ذكرى رحيل أخيه الأول إلى عالم الخالدين، ليقول لهم لست بأقل شأناً من أخي، فمن اختارني واصطفاني هو سبحانه من اختار أخي من قبل، فكلانا أهل لأن نكون من أهل السماء والسبق والفضل، ولوالدينا الكرام وأهلنا ومن عرفنا كل الشرف والفخر، ولتقرّ أعينكم وتطيب أنفسكم فقد حظينا بالرضى والرضوان وقريبا سيكون النصر المبين ان شاء الله.
استشهد محمد الذي ما إن عاد من الجبهة لفترة قصيرة حتى فزع إليها مهرولا عندما رأى في منامه أن هناك نقص في الجبهات من الرجال، وهذا إنما يدل على عظمة همته وسمو روحه وأنها كانت تشغل كل فكره واهتمامه..
أما عن قصة استشهاده فقد كانت تليق ببطل مثله حيث تصدى لزحف للأعداء هو وسبعة من رفاقه العظماء عندما زحفوا على المجاهدين الذين كانوا يقومون بتأمينهم من الخلف، فثبتوا في مواقعهم وقاتلوا قتال الأبطال دون جزع أو خوف أو تراجع، بل قارعوا الخطوب والأهوال بكل شجاعة واستبسال حتى لقوا الله شهداء سعداء في مواقع العزة والكرامة وساحات النزال والشجاعة والإقدام.. فسلام الله على روح الشهيدين وأرواح الشهداء العطرة من الله ذي الجلال والإكرام..
لقد تأثر الكثيرون لاستشهاد مجدالدين وأخيه من بعده لمعرفتهم بهم وبأسرتهم المجاهدة المؤمنة وهذا ما جعل الكثير منهم يكتبون عنهم، ومن بين هؤلاء الكثير من المفكرين والكتاب الذين كانوا يلتقون بالشهداء الأبرار في منزل والدهم ويعرفون طيب أصلهم ونبيل خلالهم، ومنهم من رفاق دربهم الذين يعرفون بطولاتهم وأمجادهم..
واستبشر العدوان وأذنابه وفرحوا كثيراً لمقتل اثنين من أبناء الاستاذ الفاضل/ عبدالله النعمي وتناولوا خبر استشهادهما في وسائلهم وبأساليبهم المختلفة، معتقدين بأنهم حققوا انتصارا عظيما بقتل اثنين من أبناء أحد القيادات الحوثية حسب قولهم، غير مدركين بأن هذا هو عين الاعتزاز والفخر بأن يكون أبناء القياديين في مقدمة جبهات المواجهة، وغير مستنكفين من أن يقدموا في سبيل قضيتهم الحقة العادلة أغلى ما يملكون، وليسوا كمثل أولئك الجبناء الذين يفرون هم وأسرهم ويبيعون أنفسهم بثمن بخس ويستلمون أموال الخيانة والعمالة والصغار والذلة، ويحملون ويظلون طوال حياتهم يحملون وصمة الخزي والعار..
أما عن شعور والدة الشهيدين وقد قدمت هذه القرابين بين يدي رب العالمين وفي درب حمزة والحسين فتقول :
الحمدلله الذي أنزل العصمة على قلبي، بالرغم من أني كنت أعتقد أنه إن أصاب أبنائي شيء فلا أعرف ما الذي سيحصل لي، ولم أستطع تخيل ما سيحل بي!!!
لكن الحمدلله ألهمني الله الصبر، وكنت أطلب من النساء اللواتي يتكلمن بكلام يسبب الإحباط وعدم الرضا أن يتوقفن عن ذلك، فأبنائي في ضيافة الرحمن، ويجب علينا الصمود والصبر ولولا هذه التضحيات العظيمة لكانت المآسي أكثر مما هي عليه اﻵن.
كما تقول أن دورها مستمر بالدعاء للمجاهدين وتقديم كل ما أمكن لدعم الجبهات، ورسالتها للمجتمع هو المزيد من الثبات والصمود ومواصلة الجهاد والمواجهة للعدوان الغاشم حتى النصر.
أما رسالتها للعدوان : تضحياتنا مهما كانت عظيمة فإنها لن تثنينا عن مواجهتكم وسنقدم كل ما نقدر عليه حتى أرواحنا نحن النساء ستكون رخيصة في سبيل الله وفداءً للوطن الغالي والمستضعفين من ابنائه..
كما تشيد أخوات الشهداء بالمناقب العظيمة للشهداء ويتحدثن عنهم بكل فخر واعتزاز، ويوجهن رسالتهن لكل أم وزوجة وأخت شهيد بالصبر والاحتساب وضرورة حث الرجال والدفع بهم إلى جبهات العزة والكرامة لكي يتحرر الوطن من رجس آل سعود وأنهن سيواصلن في درب الثبات والصبر حتى النصر.
ويؤكدنّ في كلامهن أن القضية الأولى والمركزية للأمة ولنا كشعب يمني هي القدس، وأننا سنظل على هذا الدرب ولن نتراجع أو نتوانى مهما بلغ حجم العدوان..
أما والد الشهيدين فيقول اللهمَّ
إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى، ويوجه رسالته لكل الأحرار المواجهين للعدوان قائلا : ينبغي أن ندرك أن التضحيات مهما عظمت وجلت فإنها أقل بكثير من مخططات قوى العدوان..
كما خاطب قوى العدوان قائلا : خلقنا أحرارا وسنعيش أحرارا ونموت أحرارا، ووالله لو استشهد كل أبنائنا وفقدنا كل رجالنا ووصلتم إلى أبواب منازلنا فإن ذلك لن يزيدنا إلا ثباتا وصمودا، ويقينا بعدالة قضيتنا واقتناعا بوجوب مواجهتكم والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين...