مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

بقلم / هاشم أحمد شرف الدين

من بين آلاف الأشخاص الذين تراهم خلال قيادتك للسيارة يحدث أن تشاهد أشخاصا يشيرون إليك بقبض أصابع أيديهم وفتحها سريعا ليفهموك بأن أنوار سيارتك مسرجة، بما يعني تنبيهك لتطفئها، بينما الغالبية منهم لم يهتموا..

يحدث أيضا حين تزدحم إحدى الجولات بالسيارات وتتوقف الحركة تماما أن تشاهد شخصا أو أكثر ينبري لأداء دور رجل المرور محاولا فك عقدة الزحام وإعادة حركة السيارات، بينما فضلت الغالبية التفرج..

كذلك الحال عند حدوث قصف طيران العدوان لأحد المنازل ستجد أن هناك من يندفع إلى موقع الجريمة ليسهم في إخلاء وإسعاف الجرحى، وستجد أن هناك من يندفع ليتفرج فقط..

عادة لا يكون لأولئك القلة الذين ينبهونك لإطفاء أنوار سيارتك أو يغطون غياب رجل المرور أو يحاولون إسعاف المصابين أي مصلحة من خلال مبادراتهم، فهم يفعلون ذلك لكونهم محسنين ولديهم شعور عال بالمسئولية، يمتثلون قول الله تعالى { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ }.

وحين يكون أولئك في حالة شراكة ما مع غيرهم، كأن يكونوا ساكنين ضمن عمارة سكنية بها عدد من الأسر، فإنك تجدهم الأكثر اهتماما بأوضاع العمارة وصيانتها وتوفير الخدمات المشتركة لجميع ساكنيها، في مقابل لا مبالاة أغلبهم، الذين يفضلون عدم فعل شيئ والحصول على الخدمات بأقل جهد يفترض مشاركتهم به أو دور..

في الشارع أيضا تجد امرأة مسنة تبيع المناديل أو قوارير المياه لتوفر قوت أطفالها، وتجد طفلا يغسل زجاج سيارتك مقابل ما تجود به عليه ليوفر علاج أبيه أو أمه، وستجد إلى جوارهما شبابا ورجالا يطلبون الصدقة أو شيئا من القات..

إنها أزمة أخلاق تمضي عبر التاريخ بصور مختلفة على مستوى الأسر والأحياء والقرى والمديريات والمدن والدول، بوسعك معها أن تجد تلك التباينات بين الإحسان والأنانية، والدرجات المتفاوتة بين الشعور بالمسؤولية واللامبالاة، وبين العمليين والطفيليين، بين الجادين المتحركين والمتواكلين..

غير أن الطور الثاني من الأزمة لا يكتفي بخذلان الأكثرية للقلة من المبادرين العمليين بل بالانتقال لمهاجمتهم والنيل منهم بشتى السبل المادية والمعنوية، خلافا للمعادلة الإلهية {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}..

ستجدهم يعمدون - ما أمكنهم - إلى إفشال جهودك، وإعاقة تحركاتك، وتخريب كل أعمالك.
تجد في الشارع من يتعمد بسبق إصرار على أن يخالف توجيه شرطي المرور، وستجد من يسره انتشار الفقراء في الشوارع، وستجد من يفرح لارتفاع الأسعار، ومن يتمنى انعدام المشتقات النفطية، وتجد أيضا من يسعى بكل جهد لإيقاف عملية التعليم، ومن يسر بانتشار الأمراض والأوبئة في اليمن..

ستجد الكثير من هذه الأكثرية اللامبالية، بل وستجد العملاء المرتزقة المخربين الأنانيين أعداء النجاح، الذين يعيقون عمل المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني..

لكن إن كنت ذا قلب سليم فيمكنك رغم كل هذا أن ترى صور الشهداء الأبطال المنتشرة في الشوارع فتتذكر عظمة هؤلاء القلة وعظمة المجتمع الذي بناهم وعيا فحركهم واقعا..

تلك القلة المؤمنة التي استجابت لنداء الفطرة، وتحركت بإيمانها، وقامت بواجبها، وانطلقت تجاهد في سبيل الله دفاعا عن الدين والوطن والمستضعفين..

تلك القلة التي جادت بأغلى ما تملك فداء للشعب اليمني العزيز، فباتت الأجدر بتمثيله والتعبير عن هويته الإسلامية والعربية..

تلك القلة التي لم تنس واجبها في التكافل الاجتماعي فبذلت وتبذل قصارى جهدها في ذلك..

القلة التي مع إدراكها لصعوبة المهمة التي تقوم بها إلا أنها ظلت مؤمنة صابرة شاكرة لربها، وإن أبطأت النتائج، وقلت الثمرة، وبهظت التكاليف، فقد وطنت نفسها على صور التكذيب والجحود، والسخرية والاستهزاء، والإيذاء والتعذيب، والعدوان والبغي.

إن أكبر تحد لنا اليوم ونحن نكمل العام الثالث من صمودنا بوجه العدوان هو العمل على بث روح الإحسان في المجتمع، بتقديم الشهداء كنماذج قدوة، وتحقيق الاندماج بين الأقلية المحسنة والأكثرية اللامبالية، وتقوية التلاحم والارتباط بينهما، والقضاء على أي مظاهر للتنافر والصراع فيما بينهما، فشعب الحكمة والإيمان لا بد أن يتعافى بانتشار هدى القرآن، فيكون - مصداقا لذلك التكريم النبوي - شعب الإحسان أيضا، وحينها سيتحقق بإذن الله تعالى النصر في الدنيا والفوز في الأخرى.
 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر