مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

لذلك الإمام الحسين وهو يخاطب أصحابه، أنصاره المخلصين، الفئة الصابرة الصادقة الوفية، يقول لهم: ((ألا وإنه قد نزل من الأمر ما ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، واستمرَّت جداً - أي صارت مرة - واستمرَّت جداً فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا يُتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا شقاوة وبَرَما)).

الدنيا في المنظور الحقيقي الحياة، الحياة؛ لأن من أكثر ما يسيء إلى الناس الشدة أو الحرص الشديد على الحياة ولو كانت حياة مهينة ذليلة، حياة يعيش الإنسان فيها بشقاء وهوان وذلة، وبعدها يكون إلى جهنم، يكون في شقاء للأبد، شقاء امتداد لشقاء، وهوان أكبر امتداد لهوان أصغر.

الإمام الحسين (عليه السلام) يقدم لنا هذا الدرس المهم، عندما يصبح - أيها الإخوة - عندما يصبح الحق لا يُعمل به؛ لأن الحق هو منهج للعمل، هناك أشياء كثيرة هي حق يجب أن نعملها، وعندما نعملها وهي حق فإن في ذلك صلاح دنيانا, صلاح حياتنا، الخير لنا في الدنيا والآخرة، عندما يصبح الحق، الحق وهو من الله، دين الله، تعاليم الله، الأعمال والمواقف التي هي حق تصبح ضائعة، لا يهم الناس فيما يعملون أن يعملوا الحق، ولا يهم الناس في مواقفهم التي يقفونها أن تكون مواقف حق، حينما يصبح الحق بعيداً عن واقع العمل، يصبح الحق لا وجود له إلا في بطون الكتب، أو في طيات الآيات القرآنية، لكن لا وجود له في الواقع، لا وجود له في الحياة، لا يُعمل به، لا يُطبَّق، ماذا يكون البديل؟ ماذا يكون البديل عن الحق؟ أليس هو الباطل؟ أليس هو الظلم؟ أليس هو الفساد؟ أليس هو الطغيان؟ إنه هو البديل عن الحق!.

وعندما تصبح الحياة هكذا، لا وجود لها في الحق، لا وجود فيها للحق في واقع العمل، والموجود بديلاً عن الحق هو الظلم والفساد هوالطغيان، هو الهوان والخسران في الدنيا والآخرة، هل للحياة قيمة؟ لا.

في مثل هذه الحال، في مثل هذه الحال، من أهم ما يجب أن يحرص عليه الإنسان أن يلقى الله محقاً، إذا تخلى الآخرون عن الحق، وتنازلوا عن الحق، وتركوا الحق، وابتعدوا عن الحق فلتحرص أنت ألا تفعل ذلك كمؤمن؟ ((ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً)) أنت ستلقى الله، الناس بطواغيتهم, بمستكبريهم الذين يرهبونهم ويخافونهم أحياناً أكثر من الله، الكل سيلقى الله، الكل سيلقى الله، ومصير الجميع إلى الله، وأمام الله سيتحمل الإنسان المسؤولية، سيسألك الله، ويحاسبك على الحق الذي أضعته، وعلى الحق الذي خذلته، الموقف الحق الذي لم تقفه سيحاسبك الله عليه، ويسألك عليه، ويعاقبك عليه، ولا يفيدك أولئك الطغاة والمجرمين، أولئك الطغاة والمجرمون الذين من أجلهم أضعت الحق وخوفاً منهم، أو رغبة فيما لديهم من حطام الدنيا الزائل، بعت الحق، وضحيت بالحق، وتركت الحق، لا يفيدونك.

يهم الإنسان المؤمن, هذا درس مهم - أيها الإخوة - قدمه لنا سبط رسول الله، سيد شباب أهل الجنة، قدمه قولاً وقدمه موقفاً، قدمه عملاً، قدمه بصوته، وقدمه بدمائه الزكية، وقدمه بمظلوميته الكبيرة، وقدمه بأشلائه التي تقطعت في أرض كربلاء، ((ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً)) لتحرص، لتكون هذه رغبة لديك، أمنية لديك أن تلقى الله محقاً، على الحق عاملاً به، ناصراً له، متمسكاً به؛ لأن الحياة فعلاً حياة ((الحياة مع الظالمين شقاوة)) تحرص، قد تبيع الحياة، أو قد تبيع الحق، وقد تسكت عن قول الحق، قد تخذل الحق من أجل ماذا؟ من أجل أن تبقى حياً! حياً مع من؟! تحت هيمنة من؟! تحت قيادة من؟! الظالمين، حياً مع الظالمين ليذيقوك سوء العذاب.

أيها الإخوة أليست الشعوب العربية في عصرنا هذا شعوب مقهورة ومظلومة؟ أليست تُظلم يومياً؟ ظُلمت في اقتصادها! تُظلم في معيشتها! تُظلم في كل شيء في كل شيء، ظلم بكل أشكاله، ظلم بكل ألوانه، قد تحرص أن تبقى حياً وتبيع الحق وتسكت عنه وتخذله ولا تنصره؛ حفاظاً على حياة، ولكن حياة شقاوة، حياة برما، حياة ممقوتة، وبعدها جهنم.

لكن الموت في سبيل الله، الموت مع الحق، الموت محقاً هو سعادة، هو رحيل من ساحة الظلم، رحيل من واقع الظلم والاضطهاد والقهر والهوان والمعاناة والمتاعب إلى جنة الله، إلى رحمة الله، إلى رضوان الله، إلى السعادة عند الله، فكيف يتهرب الناس من هذا؟! كيف يتهربون؟ كيف يحرص الناس على الإبقاء في حياة وعلى حياة مملوءة بالظلم والمتاعب والمعاناة والشدائد والهوان والقهر والطغيان، على أن لا يرحلوا إلى حياة سعيدة هنيئة، حياة الشهداء، حياة الأبرار، في رحمة الله، في رضوان الله، في جنة الله، في سعادة لا نهاية لها، حياة عزيزة عند الله، في ضيافة الله، في دار الله، في رحمة الله.

((ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً فإني لا أرى الموت إلا سعادة ولا الحياة مع الظالمين إلا شقاوة وبرما)) ووقف الإمام الحسين (عليه السلام) ذلك الموقف العظيم، جسد هو هذا الموقف، لم يقل فقط ولكنه فعل، عندما قال: ((ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً)) فإن الإمام الحسين بالقلة القليلة وفي غربة كبيرة بين أوساط هذه الأمة، لقي الله محقاً، وبالحق لقي الله مخضَّباً بدمائه مظلوم، لقي الله وفيه أكثر من ثلاثين طعنة، وأكثر من ستين ضربة، وهو مشكوك بالسهام، لقي الله، وحينما أسقطته الأمة على الأرض صريعاً، وهو حفيد رسول الله، وريث رسول الله, سبط رسول الله، فإن الأمة سقطت، سقطت وأسقطت نفسها.

عندما أصبحت الأمة هكذا تٌسقِط أخيارها في ميادين القتال، بسيوفها وفيما بعد ببنادقها ومدافعها وصواريخها، فإن الأمة تسقط أكثر فأكثر، للأسف، للأسف الشديد بدلاً من أن تخطو الأمة في خطأ نبيها وعلى دربه، فإنها خطت خطوات على درب بني إسرائيل، بني إسرائيل الذين لهم تاريخ طويل في قتل أنبيائهم، وقتل الآمرين بالقسط فيهم، قتل أخيارهم، ومناصرة مجرميهم وطغاتهم.

وهذا ما سبب فعلاً الهوان والذلة لهذه الأمة، مثلما كان هناك الهوان والذلة مثلما ضُرِبت الذلة والمسكنة على بني إسرائيل فيما سبق، كانت النتيجة هي نفس النتيجة.

 

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

بمناسبة ذكرى عاشوراء

للعام الهجري 1429هـ.

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر