بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
الكلام من بدايته يتجه نحو محاولة محاولة في أنفسنا كيف نـثق بالله سبحانه وتعالى، كيف تعظم ثقتنا بالله، كيف تكون ثقتنا بالله قوية.
وقلنا بالأمس: بأن الحديث عن نعم الله سبحانه وتعالى يتسع الحديث عنها في مجالاتٍ أخرى، وبشكلٍ آخر، من حيث: كونها مظاهر من مظاهر حكمته، وقدرته، وعلمه، وتدبيره، ورعايته، وملكوته، وألوهيته، وربوبيته. إلى غير ذلك.
وشيء آخر مما يساعد على أن نعرف الله سبحانه وتعالى بالشكل الذي نحصل من ورائه على تعزيز لثقتنا به سبحانه وتعالى هو: حديثه في القرآن الكريم عن ذاته سبحانه وتعالى في الثناء على ذاته، وعما ذكره من مخلوقاته الكثيرة باعتبارها مظاهر من مظاهر ملكوته، وأنه هو من له الْمُلك، هو رب العالمين، هو من له الملك، ونفاذ الأمر في العالمين.
منها: ما ذكره سبحانه وتعالى في أول [سورة الحديد]: بِسم الله الرَّحمنِ الِّرحيْم {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (ال حديد1). سبح لله: نزهه، وشهد بنزاهته وقدسيته، نزاهته عن كل ما لا يليق به، نزاهته عن كل عيب ونقص، نزاهته عما لا يليق بكماله، فكل ما في السماوات والأرض يشهد بنزاهة الله، سواءً من كان ينطق بذلك، أو من كان في نفسه شاهداً على ذلك.
هو العزيز: المَنِيع الذي لا يُقهر، لا يُغلَب ولا يُغالَب، هو غالب على أمره، هو العزيز الذي يَمنح مِن عزته من اعتزّ به، يمنح مِن عزَّتِه أولياءَه، فيصبحون كما قال عنهم: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (المائدة: من ال آية54).
الحكيم فيما يصدر منه، الحكيم في تدبيره، الحكيم في هدايته، الحكيم في تشريعه، الحكيم في تدبيره لشؤون خلقه.
{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الحديد2) هو مَلِك السماوات والأرض، مَلِكُها ومَالِكُها. قد يكون الإنسان في هذه الدنيا ملكاً فيَحدُث انقلاب فيصبح مطروداً منفياً فيَملِك غيرُه، أمَّا الله سبحانه وتعالى فهو الملك، هو المالك، هو الملك ذو المُلك الدائم في سلطانه {يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الحديد: من الآية2)، كل شيء يريده هو قادرٌ عليه، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، ليس هناك أشمل من هذه العبارة، ولا أوضح منها في: أنه لا أحد يستطيع أن يحول بينه وبين ما يريد أن ينفذه، فهو قادر وهو قاهر في الوقت نفسه.
{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الحديد:3) ثَناءٌ على الله، وبيان لكماله المطلق سبحانه وتعالى. {هُوَ الْأَوَّلُ} عبارة: {الْأَوَّلُ} تعني: لا شيء قبله، لا أولَ لأوَّلِيَّته، ليس هناك شيء سبقه أبداً في الوجود {هُوَ الْأَوَّلُ} وهذه العبارة أفضل بكثير من عبارة [المتكلمين] التي يرددونها: [القديم] فيسمون الله قديماً، وهذه - في ما أعتقد - لم تَرِد في القرآن الكريم ولا مرة واحدة: أن يصف نفسه, وأن يجعلها من أسمائه [القديم]؛ لأن كلمة:[قديم] ليست مما يصح أن يُمدَح الله بها سبحانه وتعالى؛ لما فيها من إيهام وهو: أنها تُوهِم العمق الزمني, توهم العمق الزمني، كلمة: قديم، وهي في الوقت نفس ه إنما تعني.. تعني ماذا؟ أنه لم يسبقه عدم، [قديم]: لم يسبقه عدم.
بينما كلمة: {الأول} هي أهم بكثير، فهي لا تُوهِمُ هذا الإيهَام، وهي تتجه إلى المطلوب نفسه بِدَايةً، دون ترتيب مُقَدِّمات، الله هو الأول فلا شيء قبله، وهذا هو المطلوب: أن يثبت أن كل من سواه هو مخلوق له سبحانه وتعالى،
{وَ}هو {الْآخِرُ} بعد فناء الأشياء، {وَ}هو {الظَّاهِرُ}، الظاهر لعباده، الظاهر لمخلوقاته، ليس غائباً كما يقول [المتكلمون] فيقولون: [قياساً للغائب على الشاهد]، يعرف هذا من قرأ في كتب [علم الكلام] هذه العبارة القاصرة التي ترسخ غياب الله في ذهنية الإنسان، وفعلاً الإنسان الذي يتأمل سيجد كم كان لهذه من آثار سيئة جداً، ترسيخ غياب الله في ذهنية الإنسان بهذه العبارات: [من باب قياس الغائب على الشاهد] وهكذا يكررونها.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
(الدرس السادس)
آيات من بداية سورة الحديد
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ:10من ذي ال قعدة1422 هـ
الموافق 23/1/2002م
اليمن – صعدة.