ولكن المسألة الأخطر علينا نحن المسلمين هي قوله: {إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ}؛ لأنها تنبئ أنَّ الوضعية التي تمكَّن فيها هؤلاء من أن يتحركوا لضرب الأمة، واستهداف الأمة، وأن يبنوا لهم كياناً في قلب منطقة هي داخل هذه الأمة، هي وضعية خطيرة، هي وضعية تقصير، هي وضعية عصيان، هي وضعية تفريط، هي تدل على خللٍ كبيرٍ في واقع الأمة، لدرجة أنَّ يسلط الله عليها هذا العدو، لدرجة أنَّ يتمكن أولئك الذين ضرب الله عليهم الذلة من إذلال أبناء الأمة إلى حدٍ كبير، ألم يتمكنوا من إذلال الجيوش العربية؟ ألم يتمكنوا من إذلال أمة بأكملها آنذاك، ولا يزالون يذلون الكثير من أبناء الأمة إلى حد اليوم، ما عدا من يخرج عن هذه الوضعية السيئة، وهذه بحد ذاتها كافية في أن يلتفت المسلمون بجدية إلى بحث أسباب السخط الإلهي، الذي كانت من نتائجه هذا التسليط، أن يتاح لأشر عباد الله، لأسوأ خلق الله، أن يبنوا لهم كياناً، وأن يواجهوا هذه الأمة، وأن يذلوها على مدى عقود من الزمن، وأن يهددوها، وأن يقف الكثير من زعماء هذه الأمة في موقف الذلة أمامهم.
وصل الحال فعلاً إلى أن كان معظم زعماء هذه الأمة من ملوك وأمراء أذلاء أمام من قد ضربت عليهم الذلة، وأمام من قد ضربت عليهم المسكنة، والحال السائد لدى معظم الجهات الرسمية في العالم العربي هو هذه الذلة، وهم يعيشون حالة من اليأس والشعور بالضعف، والشعور بالذلة والضعة أمام العدو الإسرائيلي، بل يروِّجون أنه من المستحيل مواجهته، من المستحيل طرده، من المستحيل التخلص منه، وأنه أصبح حالة قائمة واقعية لا مناص منها إلَّا بالتعامل معها، والقبول بها، هكذا يروِّجون، أليست هذه حالة ذلة رهيبة جدًّا.
ونحن نقول: أنَّ هذه الآية المباركة هي كافية في أن يلتفت المسلمون بجدية إلى تصحيح وضعهم؛ لأنه وضعٌ خطير، وضعٌ يكون فيه سخطٌ من الله -سبحانه وتعالى-، ويكون من نتائجه هذا التسليط الإلهي، وضعٌ خطير، يستوجب التفاتة جادة لتصحيح هذا الوضع؛ لأن ثمرة الإسلام في هديه، في تعليماته، في توجيهاته، في برنامجه، هو يبني هذه الأمة لكي تكون أمةً عظيمةً، قويةً، عصيةً على أعدائها، منيعةً، ولكي يكون وضعها الداخلي واقعاً صحيحاً، وقائماً على أساس المبادئ والقيم الإلهية، قائماً على العدل، على الخير، ثم تؤدِّي دورها في العالم على أساس ذلك، تتحرك في الساحة العالمية على هذا الأساس، ولكن ما وصلت إليه الأمة، ولنتائج خطيرة جدًّا، ولتراكمات عبر الزمن، أوصلتها إلى وضعية من التفكك، وغياب المشروع، والضعف، يطمع أعداءها فيها، ويعطي فرصةً لأولئك الذين قد ضرب الله عليهم الذلة أن يتحركوا فيها، معنى ذلك: أنَّ الأمة فرَّطت وقصَّرت في جوانب مهمة من دينها، جوانب رئيسية من إسلامها، كانت كفيلةً ببناء واقعها ليكون واقعاً مختلفاً، لا يمثل فرصة مطمعة لأعدائها، وكذلك تحظى فيه بالتأييد الإلهي، والنصر من الله -سبحانه وتعالى-، فتكون في موقع أن تحظى بالتأييد الإلهي والنصر من الله، لا في موقع أن يسلِّط الله عليها شر خلقه، فهذا درسٌ مهمٌ جدًّا، يعطينا نظرةً عن منشأ المشكلة التي وقعت فيها هذه الأمة، والتي يجب عليها أن تسعى للخروج منها.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
يوم القدس العالمي 1441هـ 21-05-2020م.