الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" كانت صلته بالقرآن وثيقة، وعلاقته بالقرآن عظيمة، وتميَّز بذلك؛ حتى عُرِف في المدينة المنورة بحليف القرآن، أصبح هذا لقب يُلَقَّب به، وعنواناً يُطلق عليه (حليف القرآن).
عُرِفَ أيضاً وظهرت معرفته الواسعة بالقرآن الكريم، في نشاطه التثقيفي، والتوجيهي، والتعليمي، في رسائله، في مناظراته، في لقاءاته... في مختلف أعماله، التي يسعى من خلالها إلى تبصير الأُمَّة، وإلى إعادة ارتباطها بالقرآن الكريم، وإلى تصحيح المفاهيم المغلوطة والظلامية.
عُرِفَ أيضاً واتَّضح جلياً مدى هذا الارتباط بالقرآن الكريم، القرآن الكريم حاضرٌ بآياته ونصوصه المباركة بشكلٍ كبيرٍ جدًّا في كل نشاطه، في كل تذكيره، في كل رسائله، في كل حركته في الأُمَّة، وكان ذلك ولا يزال جلياً واضحاً؛ لأن الكثير من رسائله موجودة، مطبوعة، معروفة، موثَّقة، تناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل، ويتَّضح من خلالها هذا الارتباط بالقرآن الكريم، وهذه الصلة الوثيقة العظيمة بالقرآن الكريم.
كان يسعى إلى أن يكون ارتباط الأُمَّة بالقرآن الكريم على هذا الأساس: ارتباط الاهتداء، والتَّمَسُّك، والالتزام، والاتِّباع، وأن يعود للقرآن الكريم تعود له هيمنته الثقافية؛ من أجل تصحيح كل المفاهيم التي لا تنسجم معه، في مواجهة كل حالات التزوير، والتزييف، والإضلال، والدَّسّ، التي كان قد عمل عليها طغاة بني أُمَيَّة.
ومن كلامه "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في هذا السياق، قال "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((وَأُوصِيكُم أَنْ تَتَّخِذُوا كِتَابَ اللهِ قَائِداً وَإِمَاماً، وَأَنْ تَكُونُوا لَهُ تَبَعاً فِيمَا أَحْبَبْتُم وَكَرِهْتُم، وَأَنْ تَتَّهِمُوا أَنْفُسَكُم وَرَأيَكُم فِيمَا لَا يُوافِقُ القُرْآن، فَإِنَّ القُرْآنَ شِفَاءٌ لِمَنِ اِسْتَشْفَى بِهِ، وَنُورٌ لِمَنِ اِقْتَدَى بِهِ، وَنُورٌ لِمَن تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَن تَبِعَهُ، مَنْ عَمِلَ بِهِ رَشِد، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَل، وَمَنْ خَاصَمَ بِهِ فَلَج، وَمَنْ خَالَفَهُ كَفَرَ، فِيْهِ نَبَأُ مَنْ قَبْلَكُم، وَخَبَرُ مَعَادِكُم، وَإِلَيهِ مُنْتَهَى أَمْرِكُم))، هكذا كان يسعى إلى أن تعود علاقة الأُمَّة بالقرآن الكريم: علاقة الاهتداء والاتِّباع؛ ليكون القرآن هو قائدها وإمامها، هكذا سعى "عَلَيْهِ السَّلَامُ".
وقال "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((فَلَعَمْرِي إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ أَعْلَمُهُم بِالقُرْآنِ، وَأَنَّ أَهْدَى النَّاس لَمَن عَمِلَ بِهِ، المُتَّبِعُ لِمَا فِيه، وَلَقَدْ قَالَ اللهُ "جَلَّ ثَنَاؤه": {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء:9])).
الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" يعرف أن مشكلة الأُمَّة تتلخَّص في أزمة علاقتها بالقرآن الكريم، كان لهذا أثره الكبير على الأُمَّة في كل شيء، بدءاً من علاقتها الإيمانية بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، علاقة مع الابتعاد عن القرآن، ونقص الاهتداء بالقرآن، ونقص التَّمَسُّك بالقرآن الكريم، هبطت إلى مستوى رهيب جدًّا، بحيث يصبح الانتماء للكثير من أبناء الأُمَّة إلى الإسلام وإلى الإيمان انتماءً شكلياً، الواقع العملي في كثيرٍ من تفاصيله، والحياة في كثيرٍ من مجالاتها، في اتِّجاهٍ آخر، بعيدٍ عن القرآن الكريم، وكان لهذا أثره السلبي والسيء على المستوى النفسي والمعنوي في واقع الأُمَّة، ثم كذلك على المستوى العملي؛ ثم يتفرَّع عن هذا العنوان الجامع والكامل تفاصيل مهمة.
الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" كان من العناوين التي ركَّز عليها في إطار هذا العنوان الجامع: عنوان (البصيرة) ويعني: الوعي، ((البَصِيرَةُ البَصِيرَة))، كان ينادي في الناس: ((عِبَادَ الله، البَصِيرَةُ البَصِيرَة))، الأُمَّة بحاجة إلى الوعي، من أهم ما تحتاج إليه الأُمَّة هو الوعي، الوعي القرآني الذي يعطي الأُمَّة بصيرةً عالية، وفهماً صحيحاً، عن الإسلام، عن مسؤوليتها عن أعدائها، عن واجباتها، عن المخاطر الحقيقية عليها، الوعي الذي تحتاج إليه الأُمَّة في مواجهة كل فئات الضلال، كل فئات الباطل، كل الظالمين والمستكبرين والطغاة، والأُمَّة بحاجة ماسَّة إلى الوعي، وإلى البصيرة، ومن أهم عطاءات القرآن الكريم هو الوعي العالي، الذي يُحَصِّن الأُمَّة من كل أشكال الاستهداف بما يسمَّى بالحرب الناعمة: الاستهداف الفكري، الاستهداف الإعلامي، الاستهداف الثقافي... كل أشكال الاستهداف التي تندرج بكلها تحت عنوان الضلال والإضلال، وهي من أخطر ما تُستهدف به الأُمَّة من فئات الضلال من اليهود، والنصارى، وسائر الكافرين، وفئات الضلال المحسوبة على الأُمَّة، والتي تعمل بما يخدم أعداء الأُمَّة.
الله قال عن القرآن الكريم: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}[الأنعام:104]، الأُمَّة بحاجة إلى البصيرة، إلى الوعي، من خلال القرآن الكريم، بدون البصيرة تعمى القلوب، وتغيب عن الناس الكثير من الحقائق، تكون الأُمَّة ويكون الكثير من أبناء الأُمَّة في قابلية تامَّة لأن يُخْدَعوا، لأن يُضِلَّهم المضلُّون، لأن تؤثِّر عليهم كل الأنشطة التي تأتي من أعدائهم بهدف إضلالهم، عُرضة للتأثر بالحملات الدعائية، عُرضة للتأثر بالحملات ذات الطابع التثقيفي والفكري، التي هي مليئةٌ بالشُّبَه والأباطيل؛ لإضلال الكثير من الناس، في حالة الفراغ من التَّحَصُّن بهدى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، ومفاهيم القرآن، وبصيرة القرآن، تعمى القلب، {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج:46].
من العناوين التي سعى الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" لإحيائها: مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه من المبادئ التي يعمل الطغاة والمستكبرون على تحريف معانيها من جهة ومضامينها، وعلى إضاعتها من واقع الأُمَّة من جهةٍ أخرى، وهو من العناوين المهمة في القرآن الكريم؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المهام الكبرى للأُمَّة الإسلامية، ومما أكَّد الله عليه في القرآن الكريم كثيراً، بل ارتبطت خيرية هذه الأُمَّة بها، وهي ميزةٌ كبرى في خيرية أخيار هذه الأُمَّة، وهداة هذه الأُمَّة؛ ولهـذا قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى" في القرآن الكريم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:110]، فأخيار هذه الأُمَّة وهداتها، بدءاً برسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، كان من أعظم ما تميَّزوا به، وما كانوا به أخياراً، هو هذه المواصفات العظيمة:
- الأمر بالمعروف.
- والنهي عن المنكر.
- والإيمان بالله تعالى.
ومسؤولية الأُمَّة أن تسير بسيرتهم، وأن تحذو حذوهم، في النهوض بهذه المسؤولية الكبرى، والمقدَّسة، والعظيمة؛ لكي تكون الأُمَّة في ارتباطها بالمعروف، ارتباط الالتزام من جهة، وارتباط الأمر به والتَّحَرُّك به كمسؤولية من جهةٍ أخرى، تكون علاقتها أيضاً في إطار هذا العنوان، وهذه المسؤولية الكبرى، فيما يتعلَّق بالنهي عن المنكر: الانتهاء عن المنكر، ومحاربة المنكر، وتطهير ساحتها من المنكر، والنهي عن المنكر كمسؤولية، تحاربه، تسعى لإزالته، تسعى للتَّصَدِّي له، لا تتقبَّله أبداً، تدرك أن هذا من أهم مسؤولياتها المقدَّسة، من أهم دلائل إيمانها بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، تتحرَّك في إطار كل هذه المسؤولية من منطلقٍ إيمانيٍ: {وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:110]، كما قال تعالى أيضاً في القرآن الكريم: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:104].
لأن الأُمَّة إذا أضاعت هذه المسؤولية، اتَّجهت الأمور بشكلٍ معاكس؛ فيكون المعروف محارباً حتى في أوساطها، فهي تُمنع من المعروف، وينهاها منافقوها، والكافرون أيضاً من أعدائها، ينهونها عن المعروف بكل ما يدخل ويندرج تحت عنوان المعروف، من معالم الإسلام، وشرائع الإسلام، وتفاصيل الحق في واقع الحياة وشؤون الحياة، ثم تتحوَّل الأُمَّة إلى أُمَّة تؤمر بالمنكر، يأمرها المنافقون، الذين قال الله عنهم في القرآن الكريم: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}[التوبة:67]، وكذلك أعداؤها، في المقدِّمة: اليهود، وأعوانهم وأولياءهم من النصارى ومن غيرهم، الذين مسيرتهم في الحياة هي في هذا الاتِّجاه السيء: الصادّ عن سبيل الله، المحارب للحق، والعدل، والخير، والقيم الإنسانية الفطرية، التي هي من الله فطرها في نفوس عباده، فهم يتَّجهون للأمر بالمنكر، بكل المفاسد، بكل المظالم، تبرز في مسيرتهم العملية، في سياساتهم، في توجُّهاتهم، في مواقفهم في ما يفرضونه على الناس في كل المجالات: في المجال السياسي، والمجال الاقتصادي، والمجال الاجتماعي؛ فيتحوَّل المنكر ليكون هو السائد والمسيطر والمهيمن في الساحة، ويعملون على أن يتحوَّل المعروف إلى غريبٍ في واقع الأُمَّة، مستهجن وغير مقبول، يواجه بالسخرية والازدراء، وبالمحاربة والمنع.
فالإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" سعى من جديد إلى إحياء مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن نقص هذا المبدأ العظيم، وشطبه من التزامات الأُمَّة الإيمانية والدينية، يغيِّر واقع الحياة إلى واقعٍ مظلم، مليءٍ بالمفاسد، والجرائم، والمظالم، والمنكرات، وهذا نقصٌ رهيبٌ جدًّا، يحوِّل الإسلام إلى حالة شكلية، فيه القليل من الطقوس والشعائر في واقع الأُمَّة؛ فتكون هذه الأُمَّة أُمَّة إسلامية، تنتمي للإسلام، ولكن واقعها مليء بالظلم، والفساد، والمنكرات، والجرائم، والفظائع، وهذا بعيد عن ثمرة الإسلام، التي هي ثمرة مختلفة تماماً، هي الحق، هي الخير، هي العدل، هي مكارم الأخلاق، هي كل ما يعبِّر عن الخير في امتداداته في واقع الحياة.
الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" عندما رفرف لواء الحق في قيامه "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، قال: ((الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْمَلَ لِي دِينِي، أَمَا وَاللهِ لَقَد كُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَقْدِمَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ آمُر فِي أُمَّتِهِ بِمَعْرُوف، وَلَمْ أَنْهَ عَنْ مُنْكَر))، كان فعلاً يدرك أهمية إحياء هذه الفريضة المقدَّسة والعظيمة، وخطورة نقصها في الدين نفسه، حينما يصبح دين الأُمَّة ديناً ناقصاً، فتغيب ثمرته عن واقع حياتها.
في هذا السياق نفسه، كان يكرِّر مقولته في مقامات متعدِّدة، عن أهمية الشعور بالمسؤولية، والتَّحَرُّك لإصلاح واقع الأُمَّة، ومواجهة الفساد، والظلم، والجور، والطغيان، بقوله "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((وَاللَّهِ مَا يَدَعُنِي كِتَابُ اللَّهِ أَنْ أَسكُت، كَيفَ أَسكُت وَقَد خُولِفَ كِتَابُ اللَّهِ، وَتُحُوكِمَ إِلَى الجِبْتِ وَالطَاغُوتِ))، كان يقول: ((وَاللَّهِ مَا يَدَعُنِي كِتَابُ رَبِّي أَنْ أَكُفَّ يَدِي))... وهكذا كان يذكِّر الأُمَّة بهذه المسؤولية، وهو يسعى إلى تحريرها، وإنقاذها من حالة العبودية للطاغوت، وإنقاذها من حالة الذُّلّ، التي استحكمت في واقع الأُمَّة؛ فقيَّدت الأُمَّة، وكبَّلتها، وأخضعتها للطاغوت، وأفقدتها الثقة بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، كان يقول "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((وَاللَّهِ مَا كَرِهَ قَومٌ قَطُّ حَرَّ السُّيُوف إِلَّا ذَلُّوا)).
حينما تفقد الأُمَّة تربية القرآن الكريم، وروحية القرآن الكريم، تصل إلى ذلك المستوى المتدنِّي من: الهبوط في روحها المعنوية، وفقدان الثقة بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، والنقص الكبير في الشعور بمسؤوليتها؛ حينها تصل إلى حالة التَّهَيُّب والتَّخَوُّف من مواجهة الباطل والضلال، تشعر بالضعف واليأس، تفقد الثقة بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، وتفقد الدافع الإيماني، والعِزَّة الإيمانية؛ فتقبل بالإذلال، وتقبل بالهوان؛ تَهَيُّباً وخوفاً من المواجهة للطاغوت وللظالمين، ((مَا كَرِهَ قَومٌ قَطُّ حَرَّ السُّيُوف إِلَّا ذَلُّوا))، كان يقول أيضاً: ((مَنِ اسْتَشْعَر حُبَّ البَقَاءِ، اسْتَدثَر الذُّلّ إِلَى الفَنَاءِ))، حينما يصبح هَمُّ الإنسان فقط أن يبقى في هذه الحياة على أي وضعيةٍ كان، في وضعية الذُّلّ، والخنوع، والباطل، والاستسلام للطغاة والمجرمين والمفسدين؛ تتحوَّل الحالة إلى حالة سيئة، يتهيَّب من أن يتحرَّك في سبيل الله؛ مخافة أن يُستَشهد.
الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في عطائه العظيم، وتضحياته الكبيرة، لم تَضِع جهوده سُدىً، بل امتد هذا العطاء عبر الأجيال، أرسى مدرسةً لامتداد الحق، تبقى في كل زمن، وستبقى إلى قيام الساعة.
الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، بالرغم مما عاناه من تخاذل الكثير من أبناء الأُمَّة، إلَّا أنه كان مُصَمِّماً، عازماً على القيام بواجبه، والنهوض بمسؤوليته، وكما قال: ((لَو لَم يَخْرُج مَعِي إِلَّا ابنِي يَحْيَى لَقَاتَلْتُهُم))، يعني: يحيى بن زيد، إلى هذه الدرجة من التصميم، والعزم، والثبات، والتفاني في سبيل الله تعالى، وعلى الرغم أيضاً مما واجهه من طغاة بني أُمَيَّة من الظلم، قتلوه، بعد قتله صلبوا جسده لأربع سنوات وهو في حالة الصلب، بعد استشهاده "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، بعد أربع سنوات من الصلب قاموا بإحراق جسده حتى حوَّلوه إلى رماد، ثم ذلك الرماد جعلوا جزءاً منه يُذرى في مهبِّ الريح وفي البر، وجزءاً منه يُذرى في النهر... هكذا حاولوا ألَّا يبقى منه شيء، وظنُّوا أنَّهم بذلك يطفئون نهجه، وينهون أثره في الأُمَّة؛ لكنَّهم فشلوا فشلاً تامّاً.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام
25محرم 1447هـ