إن خروج الملايين من أبناء الإسلام في عددٍ من شعوب أمتنا في ذكرى هذا المصاب الجلل، والفاجعة العظيمة الكبرى في تاريخ أمتنا هو من الوفاء لرسول الله (صلى الله وسلم عليه وعلى آله)، وهو من الوفاء للإسلام ومن الوفاء والعرفان لإمام المسلمين الحسين بن علي (عليهما السلام) بما قدمه لأمة جده، وهو أيضاً إعلاءٌ للقيم الإنسانية والمبادئ الإلهية.
إن إحيائنا لهذه الذكرى هو واحدٌ من تعابير حبنا وولائنا وارتباطنا بسيد الشهداء الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله): ((حسينٌ مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسينٌ سبطٌ من الأسباط))، وهو أيضاً واحدٌ من تعابير ارتباطنا بالمنهج والرؤية والموقف التي تَحرَّك على أساسها ومن خلالها وبها الإمام الحسين (عليه السلام)، وهي رؤية القرآن الكريم، وهي منهجية الإسلام العظيم، وهي مسلك رسول الله محمد (صلى الله عليه وعلى آله).
وإحياؤنا لهذه الذكرى هو تخليد لنداءات ومواقف الحسين (عليه السلام) بكل عطاءاتها وآثارها الإيجابية العظيمة في أنفسنا وواقعنا وبكل ما تُزودنا به في عزمنا، واندفاعنا، وتفاعلنا، وإحساسنا بالمظلومية، وإحساسنا بِعِظَم مأساة الأمة التي استهدفت حينما استهدف الحسين بكل ما يُمثّله الحسين في نهجها القويم، وفي عزها ومجدها، وفي قيمها ومبادئها، ووقع ما وقع من محسوبين عليها، وبتخاذلها، وحدث كل ما حدث في كربلاء بكل بشاعته وسوئه وفظاعته وقبحه، في الوقت الذي هي تنتمي للإسلام دين العدل، دين القيم، دين الأخلاق، هذا الإحساس بالمظلومية وبالمأساة وهذا الشعور يحيي فينا روح المسئولية والتفاعل حتى لا نكون كما البعض بلا إحساس، وبلا شعور فلا يتفاعلون مهما كان حجم المأساة، ولا يُدركون مهما كان مستوى الخطر، ولا يَعون ولا يفهمون مهما كان حجم المؤامرات، ولا يتحركون مهما كان حجم المسئولية، كما هو حال ميت الأحياء.
وإحياؤنا لهذه الذكرى تعبيرٌ أيضاً عن موقفنا المبدئي الإيماني الديني ضد الظلم والظالمين في كل زمان ومكان، وتجاه أفظع جريمة في تاريخ الأمة، وداخل الأمة على أيدي محسوبين عليها، من يستسيغها يمكن أن يستسيغ ويتقبَّل ويشرعن أي ظلمٍ، وأي فسادٍ، وأي إجرامٍ، وأن يقدِّسه، فالذين يقدسون من مضى من الظالمين هم اليوم أنصار الظلم وحملة رايته في حاضر الأمة.
من خطاب السيد / عبدالملك بدرالدين الحوثي - حفظه الله.
في ذكري عاشوراء/ بتاريخ
10/ محرم /1435هـ اليمن - صعدة.