مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} وهنا تباين، اختلاف كبير بين الطرفين، عكس، عكس أولئك تماماً.
المؤمنون والمؤمنات أيضاً ليس فقط الإيمان خاص بالرجال، ولا فضل الإيمان وأعمال الإيمان وشرف الإيمان خاص بالرجال لا{وَالْمُؤْمِنَاتُ}، مثلما هناك منافقون ومنافقات، الإيمان كذلك هناك رجال مؤمنون ونساء مؤمنات يحزنَّ فضل الإيمان وشرف الإيمان وعمل الإيمان وموقف الإيمان.


1 ـ بعضهم اولياء بعض:


{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} أول صفة من أوصافهم هنا {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}،{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} هم مع بعضهم البعض يتناصرون يتعاونون يتكاتفون في الموقف الواحد في المسيرة الواحدة. {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} ليسوا متفرقين ولا متباغضين ولا متنافرين، يجمعهم الولاء لبعضهم البعض في إطار القضية الواحدة والموقف الواحد والمسيرة الواحدة. {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} أمة واحدة متعاونة متناصرة متكاتفة مع بعضها البعض، هذا حال المؤمنين والمؤمنات.
ونرى هنا الفرق فيما حكاه بالنسبة للمنافقين والمنافقات وعما حكاه بالنسبة للمؤمنين والمؤمنات. قال هناك عن المنافقين{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ}، قال هنا عن المؤمنين والمؤمنات{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}،{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}.. لماذا لم يقل عن المنافقين والمنافقات هكذا{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}؟ لأنه لا ولاء بين المنافقين حقيقي.
{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ} صحيح يتشابهون يندفعون بدوافع واحدة متشابهة، مواقف متشابهة، لكن هم في واقعهم فيما بينهم ليسوا في واقع الأمر منسجمين متآخين متحابين متوادين لا، قال عنهم في آية أخرى:{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}(الحشر:14)، {وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} إنما يرون فقط يرون فقط أنها جمعتهم قضية واحدة، وجمعهم موقف واحد، وبالتالي يتعاونون لأنهم يرون في المؤمنين عدواً مشتركاً، عدواً للجميع هكذا توجههم. وإلا أحياناً منافق ينافس، ينافس منافقاً أخر، ومنافق يكره منافقاً أخر، بينهم تحاسد، بينهم تعالٍ وتكبر وأطماع وأهواء، أحياناً يختلفون بسبب أطماعهم فيقتتلون أو يتباغضون أو يتحاسدون أو ما شابه.
أما المؤمنون ـ الروابط فيما بين المنافقين هي رابطة النفاق لا حب فيها بالدرجة الأولى خصوصاً بشكل عام، قد يحب البعض منهم البعض في مستوى معين، ويكره الأخر وهو مثله منافق، يتنافر هو وإياه أو يتنافس هو وإياه أو يتحاسدان على مطمع أو ما شابه، لكن في واقع الحال هناك يعني مسألة أخرى مختلفة بالنسبة للمؤمنين ـ واقع المؤمنين فيما بينهم محبة وإخاء وألفة ونفوس منسجمة، ليس هناك أطماع يتحاسدون عليها أو يتنافسون فيها، أو يتحاقدون على بعضهم البعض.
هنا نرى مثلاً في اليمن ألم يتحارب علي عبدالله وعلي محسن ويختلفان مع أن لهما قواسم مشتركة في البغي والظلم والعدوان والحقد والنفاق وما إلى ذلك، لكن مطامعة وحسد وأحقاد فيما بينهم.
واقع المؤمنين فيه ألفة وأخوة ومحبة وليس فيه تنازع على أطماع وأهواء ورغبات ومن تلك الأشياء، ولذلك قال عن المؤمنين:{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} أما أولئك {بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ} تشابه في الطريقة والدوافع والعمل ونهاية واحدة. هذه الحالة من الأخوة والألفة والمحبة والمعية والتعاون والتناصر فيما بين المؤمنين هي في مسيرة عملية، مسيرة عمل وموقف وقضية تجمعهم، واجتمعت فيها كلمتهم ونفوسهم وقلوبهم ومشاعرهم.


2 ـ يأمرون بالمعروف:


{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} فللمؤمنين مسئولية، من قال أن الإسلام هو فقط أن تجلس في مسجدك فلا يكون لك لا أمر ولا نهي ولا موقف ولا قضية، وتدع الساحة بكلها والميدان بكله تحت هيمنة المجرمين والفاسدين والمتسلطين والأشرار، من قال أن الإيمان كذلك من؟ من هو بعيد عن هدى الله، من لم يتأمل كتاب الله أو هو معرض عن كتاب الله.
في مسيرة الإيمان مسئولية، مسئولية، أمر بمعروف وسعي لإقامة المعروف. المعروف في دائرته الواسعة يشمل كل ما هو طاعة لله، كل ما هو خير، كل ما هو نفع، كل ما هو مصلحة حقيقية، دائرة الطاعة لله فيما أمر به الله وفيما أرشد إليه.
يشمل المعروف العدل والحق والخير، كل هذه تدخل في إطار المعروف، وتشمل كل ما فيه خير للناس. فالمؤمنون لهم مسئولية وعلى أساسها يتعاونون يتناصرون ويتأخون، وتجتمع كلمتهم، ويتوحد موقفهم، فيتحركون كتفاً بكتف ويداً بيد، أخوة متعاونين.{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} يأمرون به ويعملون على إقامته في واقع الحياة؛ لأنهم يريدون للحياة أن تكون حياة قائمة على أساس الحق والخير والعدل والصلاح والرشاد، ولا تكون ساحة تحت سيطرة الشيطان وأولياء الشيطان، ساحة فساد وظلم وطغيان وإجرام.


3 ـ ينهون عن المنكر:


{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} والمؤمنون يتحركون بدافع رضا الله والاستجابة له ودافع المسئولية ناهين عن المنكر، مواجهين للمنكر، متحركين ضد المنكر، عاملين على إزالة المنكر بكل الوسائل والأساليب المشروعة. مسيرة عمل فيها مسئولية، فيها مسئولية.
وللأسف الشديد عندما أصبح لدى كثير من الناس نوعية جديدة من الإيمان غير الإيمان القرآني والمحمدي، إيمان غير الإيمان الذي حكى عنه القرآن، وغير الإيمان الذي كان عليه محمد، وربى عليه محمد، وقدمه محمد، وكان الأسوة فيه محمد، إيمان بدون مسئولية، إيمان مالك حاجة، من بيتك إلى مسجدك ومالك حاجة، هذا إيمان غريب، إيمان غريب، لم ينسجم مع القرآن ولم ينسجم مع ما كان عليه رسول الله، إيمان لا يتبنى أي موقف ضد الظالمين والفاسدين والجائرين، إيمان لا يتخذ أي موقف من أي منكر، إيمان يحاول أن يصنع المبررات والأعذار للتهرب من المسئولية.
لا، لا ينفق، لا ينفق، ومن يريد أن يخدع نفسه فذلك إليه يمكنه أن يخدع نفسه، يمكنه أن يخدع نفسه لكن المنتهى جهنم. من يريد رحمة الله فليسلك طريق الرحمة، ومن لا يرحم نفسه فهو الهالك وهو الخاسر وهو الذي يستحق.
{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} فهم يتحركون في مواجهة المنكر، يستخدمون كل الأساليب المشروعة وكل الطرق المشروعة في مسيرة عملية نشطة.


4 ـ يقيمون الصلاة:


{وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ} لديهم مسئولية وأهل عبادة، يعبرون في صلاتهم عن عبوديتهم لله، يكسبون من صلاتهم الخشوع لله والخضوع لله والعزة في مواجهة أعدائه، فالصلاة لهم مدرسة زادت من إيمانهم وزادت من حبهم لله، وعبروا فيها عن خضوعهم له، وعن طاعتهم له، وعن تذللهم له، كما كسبوا منها قوة الإيمان لمواجهة المنكر وأهله.
5 ـ يؤتون الزكاة
{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} ليسوا بخلاء أبداً، على العكس من أولئك {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ}. المؤمن ليس بخيلاً، يبادر، يبادر ويؤتي، يؤتي زكاته ويخرج من ماله وينفق فيما أمره الله أن ينفق فيه، فهو أولاً يدرك قيمة الإنفاق وفضله وأجره وأنه يقربه إلى الله، وأن الله سيخلف عليه بالخير والبركة والأجر في الآخرة، فعنده رغبة في الإنفاق فهو يبادر ويؤتي، لا يتمسك ويتقبض في زكاته فلا يخرج البعض منها إلا بشق الأنفس وكأنه سيخرج روحه التي بين جنبيه لا. البعض في شدة حرصهم على المال كأنه إذا أخرج شيئاً من ماله سيخرج روحه، بخل شديد والعياذ بالله، فهم منفقون ومبادرون بذلك.


6 ـ يجعلون طاعة الله  فوق كل شيء:


{وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} هؤلاء مرتبطون بالله لم ينسوا الله كما نسيه المنافقون، يحسبون حساب الله فوق كل شيء، ويجعلون طاعة الله  فوق كل شيء، وهذه كلمة جامعة:{وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} مطيعين عمليين مستجيبين، هؤلاء هم الذين سلكوا طريق الرحمة، رحموا أنفسهم وسلكوا طريق الرحمة والله رحمهم. {أُوْلَـئِكَ} أولئك بتلك الصفات {سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} وما أعظمها من بشارة، سيرحمهم الله في الدنيا والآخرة، من رحمته لهم في الآخرة أن ينجيهم من عذابه، وأن يصرف عنهم عذابه، ومن رحمته لهم في الدنيا أن ينصرهم أن يوفقهم أن يهديهم، أن ينور قلوبهم، أن يأخذ بأيديهم، أن يسددهم، أن يمن عليهم بجميل رعايته وعظيم لطفه.
{إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} عزيز ومن عزته أن لا يمنح رحمته للمفسدين والجائرين والمنحرفين والمنافقين، من عزته أن لا يرحم إلا عباده المؤمنين، ثم هو العزيز الذي من رحمته أن يعز أولياءه، وحكيم يفرق بين المحسن والمسيء والمطيع والعاصي، وحكيم في تدبيره وتشريعه وخلقه وكل أمره.
هؤلاء هم المؤمنون وهذا هو طريق الإيمان، طريق الرحمة، طريق الخير، طريق الفلاح، طريق السعادة، فما منتهاه لنعرف من هو الرابح الفائز ومن هو الخاسر الخائب؟.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم.
دروس من سورة التوبة / الدرس الخامس.
ألقاها السيد:
عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بتاريخ
19/رمضان/1434هـ
اليمن - صعدة.

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر