مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

شعفل علي عمير
تظل الموانئ البحرية نقاطَ التقاء بين الدول والثقافات، بل وأحيانًا نقاطَ انطلاق للقرارات والسياسات التي تعكس توجّـهات الدول ورؤاها. وفي السياق عينِه، تبرُزُ مفارقاتٌ عجيبةٌ بين ميناء جنوة الإيطالي وبعض الموانئ العربية في السعوديّة ومصر، لتكشف عن تناقض صارخ في المواقف تجاه الكيان الصهيوني، ذلك الكيان الذي ما برح يرتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني العربي المسلم.

في ميناء جنوة الإيطالي، شهد العالَمُ موقفًا مشرفًا للضمير الإنساني والمبدئي؛ فقد اعترض عُمَّالُ الميناء السفينة السعوديّة "بحري ينبع" المحمّلة بالأسلحة والمتجهة إلى الكيان الصهيوني!!!، ليعلنوا للعالم أجمع أن المساهمة في دعم آلة القتل والتدمير أمر مرفوض، مهما كانت المصالح الاقتصادية أَو الضغوط السياسية.

وقف هؤلاء العمال بشجاعة في وجه خطط سوداء تعبث بأمن واستقرار المنطقة، وأرسلوا رسالة واضحة مفادها أن الإنسانيةَ تسمو فوق الخلافات الفكرية والسياسية والمصالح الاقتصادية.

هذا الموقف البطولي يعكس وعيًا عميقًا لدى هؤلاء العمال؛ إذ أدركوا أن موقفهم ليس مُجَـرّد اعتراض على شحنة أسلحة، بل هو تجسيد لقيم إنسانية سامية تدعو إلى السلام والعدالة.

إنهم يمثلون صوت الضمير العالمي الرافض للاعتداء على حقوق الشعوب، والمعبر عن التضامن مع المظلومين والمضطهدين.

وعلى النقيض، نجد مواقف مغايرة تمامًا في بعض الموانئ العربية مثل مصر والسعوديّة، حَيثُ تُسخَّر لخدمة الكيان الصهيوني، متجاهلةً ما ارتكبه من جرائم حرب وعمليات إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.

إن تحويل الموانئ العربية إلى أدوات بيد كيان محتلّ، في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من حصار خانق وظلم ممنهج، يعكس حالة مؤسفة من الانكسار والهوان أصابت بعض الأنظمة العربية، التي قدّمت مصالحها السياسية الضيقة على حساب الواجب الديني والإنساني والعروبي، فتخلّت عن مبادئ الحق والعدالة وحقوق الشعوب.

مفارقاتٌ تُثِيرُ تساؤلاتٍ جادةً حول طبيعة الروابط والقيم التي تجمع بين الشعوب وحكوماتها. ففي الوقت الذي يتخذ فيه عمال ميناء جنوة موقفًا شجاعًا ضد تسليح الكيان الصهيوني الذي يمعن في قمع وإبادة الشعب الفلسطيني، نرى تراخيًا وتهاونًا في موانئ دول يُفترض بها أن تدعم الحق العربي وتقف مع القضية الفلسطينية.

تناقُضٌ يكشفُ الفجوة الواسعة بين تطلعات الشعوب العربية وممارسات حكوماتها، كما يعكس أزمة هوية وانتماء تعانيها بعض الأنظمة.

هذا التباين الصارخ يدعو إلى التأمل في حال الأُمَّــة العربية ومستقبلها، ويحفز على التساؤل عن دور الشعوب العربية في مواجهة هذه السياسات، وعن كيفية استعادة الإرادَة الحرة التي تعبّر عن طموحات الشعوب وتطلعاتها نحو العدل والسلام.

فمتى تستعيد هذه الشعوب قدرتها على التأثير في مسار السياسات؟ ومتى تتمكّن من التعبير عن رغباتها في تحقيق السلام والعدالة؟

إن تحقيق المصالح المشتركة لا يعني التنكّر لمبادئ الحق والعدالة.

والمواقف المبدئية والتحَرّكات الشعبيّة التي شهدناها في ميناء جنوة تذكرنا بأن الضمير العالمي لا يزال حيًّا، وأن هناك أملًا في تغيير الأوضاع عندما يقف الناس متحدين ضد الظلم والطغيان.

تلك اللحظات من التضامن تعيد إلينا الثقة بقدرة الشعوب على صناعة التغيير، وبأن الوعي الجمعي يمكن أن يكون قوة دافعة نحو تحقيق العدالة.

وفي هذا الإطار، يظل الأمل قائمًا في أن تستعيد الأُمَّــة العربية وحدتها وقوتها، وتتخذ من مواقف الشعوب الحرة نموذجًا يُحتذى لتحقيق السلام والعدالة في العالم العربي بأسره.

فالصراعات السياسية يجب ألا تعيق الشعوب عن تبني مواقف إنسانية، بل ينبغي أن تكون حافزًا أكبر للعمل؛ مِن أجلِ حقوق الإنسان وتحرير الشعوب من نير الظلم والطغيان.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر