بين أن يكون هناك كتمان، وصمت، وسكوت عن أمور مهمة من دين الله، عن حقائق مهمة من دين الله، عن مواقف عملية مهمة من دين الله، نزلت بها آيات الله، ونطقت بها كلمات الله، وتضمنتها مساحة واسعة من كتاب الله، وكانت بارزة ورئيسية وأساسية فيما فعله وقاله رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- ثم يسكت عنها، وتهمَّش، ولا يسمعها الناس في كثيرٍ من المناطق، لا يعتادون أن يسمعوا شيئًا عنها، وبين أن يكون هناك نشاط لتقديم بدائل: بدائل ضالة مضلة باطلة تحسب على الدين، هذه كارثة، المحصلة واحدة: كتمان من جانب، وتقديم بدائل من جانب آخر؛ تنجح تلك البدائل في أن تنتشر هي ضمن مناهج دراسية، ضمن نشاط تثقيفي وتعليمي، من خلال المنابر، واليوم- أيضًا– من خلال وسائل الإعلام، وسائل هذا العصر في نشر الضلال بأكثر من وسائل الماضي، تكون المحصلة واحدة: وهي الضلال الذي ينتشر في الأمة، والتدين بالباطل، التدين باعتقاد عقائد على أنها من عقائد الدين، وهي باطلة، والتدين- أيضًا– بإحلال ما حرَّم الله، وتحريم ما أحلَّ الله، والتدين بمواقف أيضًا: ولاء، وبغض، وعداوة، ومحبة، كلٌ منها باسم الدين، ولكن بطريقة مغلوطة، وغير مطابقة للحقيقة، ومخالفة لما في دين الله، مما هو حقٌ يعبِّر عن دين الله بصدق؛ فتحصل انحرافات كبيرة باسم الدين، فالدين الذي هو أساسٌ لصلاح الأمة بالمفاهيم الخاطئة، بالتضليل ببدائل، والكتمان لحقائق؛ يتحوَّل الانتماء الديني بنفسه إلى مشكلة، ويتحوَّل في واقع الأمة إلى مصدر لإفساد الأمة وتضليلها، وهكذا تمكَّن بنو أميَّة من تفريغ الإسلام من مضمونه، وقدَّموا بدائل كثيرة جدًّا تدجِّن لهم الأمة، وتفسد لهم الأمة، واتجهوا- بناءً على ذلك- إلى تربية مختلفة عن تربية الإسلام في أثرها، وفي نتيجتها، في واقع الحياة.
ولهذا لاحظوا، فعلًا غاب من واقع الناس هذه النظرة القرآنية إلى المضلين: إلى الكاتمين، وإلى المفترين، الكاتمين لما أنزل الله من حقائق وحق، والمفترين بتقديم بدائل محسوبة على الله وعلى دينه، وأنَّهم الأظلم والأسواء، وأنَّهم في سوؤهم وخطورتهم لهذه الدرجة التي لعنهم الله فيها: {أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}، هذا يدل على سخط كبير، {أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ}، الجرائم الثقافية، الجرائم بالتضليل الذي يقدَّم عبر النشاط التعليمي والتثقيفي، ينظر الناس إليها باستبساط، وكأنها أشياء عادية، وهي خطيرة جدًّا، خطيرة للغاية للغاية، والكتاب الذي يتضمن باطلًا محسوبًا على الدين يمثِّل خطورة جدًّا، وكاتبه يعتبر عند الله من أظلم الناس وأسوء الناس، الله قد لعنه، توعده بالعذاب وبالنار، وهكذا يجب أن تنظر الأمة؛ حتى تكون حذرة ويقظة من ذلك النشاط التضليلي الخطير جدًّا.
فهم (اتَّخَذُوا دِينَ اللهِ دَغَلًا)، ويمكننا أن نعتبر أنَّ كثيرًا من: العقائد، والمبادئ، والمفاهيم، والتشريعات، حُرِّفت منذ الزمن الأموي، طبعًا لم يقتصر الأمر على الزمن الأموي، امتدت المسألة وتوسعت، ومع الزمن كثرت وكبرت، ولكن بدايتها الكبرى، ونشاطها الرئيسي جدًّا، والانحراف بالأمة عن المسار بشكل كبير جدًّا، كان من بعد استشهاد الإمام علي -عليه السلام- وتمكَّن بنو أميَّة من السلطة، وبدأوا بالعمل النشط في ذلك، وحققوا نجاحًا كبيرًا في ذلك، امتدت آثاره إلى اليوم.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام 1440هـ- الرابعة