مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

رهيب التبعي
إن قراءةَ كتاب الله بتأمُّل ليست مُجَـرّد تلاوة عابرة، بل هي نافذةٌ يرى الإنسان من خلالها حقيقة الوجود، ويدرك عبرها طريق الهداية، ويقرأ في آياته سنَن الله في الأمم والأحداث والنفوس.. ومن يفهم القرآن بهذه البصيرة يدرك أن الحياة نفسها كتابٌ ثانٍ، وأن الوقائع التي تمرّ أمامه ليست منفصلة عن منهج الله، وأن مواقفَ البشر - بكل تناقضاتها وولاءاتها - إنما تعكسُ حقيقة الإيمان أَو غيابه.

ومن يجمع بين قراءة كتاب الله وقراءة الواقع، يمتلك القدرةَ على الاسترشاد، وتحديد المواقف، والتمييز بين العدوّ والصديق، والوقوف في المكان الصحيح من معادلة الحق والباطل.

وعندما يتعمّق الإنسان في قراءة الأحداث التي تعصف بالأمة اليوم، يجد أن الخطر الحقيقي لم يعد خافيًا، بل أصبح مشروعًا عالميًّا تقوده الولايات المتحدة وكَيان الاحتلال، وتتحَرّك أدواته تحت مسمّيات مختلفة: تحالفات، وأمن قومي، واستقرار وتنمية.

لكن الحقيقة أبين من ذلك؛ فالإعلام الذي هاجم المقاومة الفلسطينية واللبنانية، والدعم العسكري والسياسي الذي استهدف الشعب اليمني، لم يكونا سوى حلقتين متصلتين في سلسلة واحدة هدفها حماية المشروع الصهيوني وإضعاف روح المقاومة في الأُمَّــة.

لقد واجه اليمن خلال سنوات العدوان حربًا عبثيةً مدمّـرة، لم يكن لها أي هدف سوى إخضاع هذا الشعب وكسر إرادته.

قُتل الأطفال والنساء، ودمّـرت المدن والقرى، وشُنّت آلاف الغارات، وكل ذلك بتوجيه أمريكي مباشر، وبأموال عربية سُخّرت لخدمة كَيان الاحتلال قبل أي شيء آخر.

لكن ما لم يدركه المخطّطون أن هذا الشعب، الذي ظنّوا أنهم سيُطفئون صوته، خرج من تحت الركام أكثر قوةً وصلابةً ووعيًا بموقعه في المعركة الكبرى للأُمَّـة.

ورغم الجراح العميقة التي خلّفها العدوان السعوديّ–الإماراتي، لم يتراجع اليمن يومًا عن نصرة إخوته في فلسطين ولبنان.

بل على العكس، ازدادت صلابته؛ لأَنَّ من عرف الألم لا يصمت أمام ألم الآخرين، ومن اكتوى بنار العدوان لا يقف محايدًا أمام المجازر والحصار.

وهذا الفهم نابعٌ من عمق الإحساس بالمسؤولية الدينية والإنسانية، ومن إدراك معنى قوله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [الأنفال: 72].

بهذا المعنى، يبدو اليمن اليوم شبيهًا بيوسف - عليه السلام - في قصته الخالدة: أُلقي في غياهب البئر من قِبل إخوته الذين جهلوا قيمته، واجتمعوا عليه دون أن يدركوا دوره الحقيقي.

هكذا اجتمع كثيرٌ من العرب على اليمن سياسيًّا وإعلاميًّا وعسكريًّا، وسعوا إلى تمزيقه وإقصائه.

لكن اليمن لم يخرج من هذه التجربة منهزمًا، بل خرج أكثر قوةً وكرامةً، تمامًا كما خرج يوسف من محنته عزيزًا كريمًا ومنقذًا لمن أساؤوا إليه.

واليوم، بات اليمن هو الحارس لشرف الأُمَّــة، والمتقدّم في مواجهة المشروع الأمريكي–الإسرائيلي، والسند الحقيقي للشعب الفلسطيني واللبناني المظلوم.

ومن يقرأ مسار الأحداث بوعي، يدرك أن اليمن لم يقدّم موقفًا سياسيًّا فحسب، بل أعاد إحياء معنى التضامن العربي الحقيقي.

وقف اليمن حين تخلّى الآخرون، ورفع راية النصرة حين أنزلها غيره، وقال كلمة الحق حين صمتت عواصم كثيرة تمتلك القدرة على الفعل، لكنها اختارت الاصطفاف في المشروع الأمريكي لا في صف الأُمَّــة.

ومن خلال عملياته في البحر الأحمر، وموقفه السياسي الصريح، وصوته الإعلامي الواضح، يؤكّـد اليمن أن معركة الأُمَّــة واحدة، وأن عدوّها واحد.

إن قراءة واعية للقرآن، وقراءة عادلة للواقع، تقودان إلى إدراك أن معركة اليوم هي معركة كرامةٍ وهويةٍ ووعي، قبل أن تكون معركة حدودٍ وجغرافيا.

وأن من يقف مع فلسطين ولبنان واليمن إنما يقف مع الحق الذي أراده الله لعباده.

أما من اختار الصمت أَو التبرير أَو الوقوف في صف أمريكا وكَيان الاحتلال، فقد حدّد موقعه في صف الباطل، مهما لبّس مواقفه بشعاراتٍ فارغة.

إن الأُمَّــة اليوم مطالبة بإعادة قراءة القرآن كما أراد الله، وإعادة قراءة الأحداث بعيدًا عن التضليل، وأن تحدّد موقفها بوضوح: إما مع الحق أَو مع الباطل، إما مع المظلوم أَو مع الظالم، إما مع المشروع الأمريكي–الإسرائيلي أَو مع المقاومة التي تدافع عن شرف الأُمَّــة وكرامتها.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر