ونجد من خلال التشخيص والتقييم للواقع العام لأبناء الأمة: أنَّ الخيارات التي عليها واقع الأمة حالياً هي: السكوت والجمود لفريقٍ كبيرٍ من أبناء الأمة، لماذا؟ لأن الحالة التي كانت سائدة في واقع الأمة، هي: أنَّ الذي يتصدر المشهد هي الجهات الرسمية، والجهات الرسمية في عالمنا العربي والإسلامي كانت مواقفها متخبطة إلى حدٍ كبير، ومواقف ليست مواقف ذات رؤية واضحة، وعمل مستمر، كما قلنا مواقف ارتجالية، يأتي أحياناً اجتماع، يأتي أحياناً مؤتمر، تأتي أحياناً قمة، ولم تكن بالمستوى الجاد كما ينبغي، ولم تكن أيضاً تعتمد على وضوح وعلى مفهوم صحيح، بينما كان ينقصها كل عوامل النجاح، كل عوامل النجاح لا تتوفر في التعاطي الرسمي على المستوى العربي، وعلى مستوى معظم الدول في عالمنا الإسلامي.
وأتت الحالة الشعبية لتكون في أغلبها حالة تابعة للجانب الرسمي، وجامدة؛ لأنها تكل الأمر إلى الجانب الرسمي، وتعتبر نفسها غير معنية، وأنه هو الذي سيتحمل الدور بكله، فكان الواقع لدى أغلب أبناء الأمة هو حالة من الجمود والسكوت، مع وجود حالة من التعاطف- لربما- عند أغلب أبناء الأمة، التعاطف إلى حدٍ ما، والألم عندما تبرز أحداث معينة، عندما تأتي مجازر وحشية معينة، عندما تحصل أحياناً في بعض المحطات التاريخية كذلك مظالم كبيرة.
وجزءٌ آخر من أبناء الأمة على المستوى الرسمي، ويتفاعل معه البعض على المستوى الشعبي، ولربما ليسوا هم أكثرية، ولكنهم حاضرون بتفاعل أكبر، ووضوح أكثر مع الوقت، وهم الذين اتجهوا نحو العمالة، ونحو الخيانة، ونحو الوقوف في صف العدو، والسعي إلى أن يدخلوا في علاقات وتحالفات مع العدو، هؤلاء هم أيضاً اتجهوا هذا الاتجاه بعيداً عن الموقف الصحيح الذي يجب أن تكون عليه الأمة.
جزءٌ من أبناء الأمة وقفوا أيضاً المواقف الإيجابية والجيدة بحسب التقييم العام، فاتجهوا في البداية إلى التصدي للخطر الإسرائيلي، والمواجهة مع العدو الإسرائيلي، وكان توجههم توجهاً برؤية ناقصة، اهتمام على المستوى العسكري فحسب، وبنواقص كبيرة، حتى على مستوى ما يضمن نجاح الخيارات العسكرية، والأداء العسكري، فاتجهت مثلاً في مراحل معينة من تاريخ هذه الأمة بعض من الأنظمة العربية والجيوش العربية وخاضت حرباً عسكرية ضد إسرائيل، ولكنها فشلت، وهزمت في تلك الحروب العسكرية وللأسف.
ونجد مثلاً الفارق الكبير بين الأداء العسكري للجيوش العربية التي خاضت في مراحل معينة مجتمعةً المعركة مع العدو الإسرائيلي، والفارق مثلاً في أداء حزب الله في لبنان، أو المقاومة في غزة، في مستوى الأداء العسكري، والفاعلية في هذا الأداء على المستوى العسكري، بالرغم من الفارق الكبير جدًّا على مستوى الإمكانيات والعدد والعدة، ولكن هذا يوضِّح لنا كيف أنَّ الخيار العسكري والأداء العسكري حتى هو بحد ذاته لم ينطلق على أساس رؤية تساعده على النجاح، وتجعل منه خياراً ناجحاً وفاعلاً.
في هذا كله دروس وعبر، وفي هذا كله نظر، يحتاج من الأمة إلى أن تعود لتلتفت بجدية لدراسة هذا الواقع بكله؛ ولذلك نأتي إلى الحديث في هذه المناسبة عن هذه المسألة، عن هذه القضية، عن هذا الخطر، عن هذا التحدي، ومن خلال الرؤية القرآنية التي قدَّمها السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
يوم القدس العالمي 1441هـ 21-05-2020م.