في مقدمة الآثار الطيبة لفريضة الجهاد في سبيل الله الأثر التربوي إيمانياً، هناك أشياء كثيرة في الدين، بل ما من شيءٍ في دين الله من تعليمات الله -سبحانه وتعالى- إلا ولتطبيقه والالتزام به أثر إيجابي في النفس وفي الواقع، هذه قاعدة عامة، لكل ما أمرنا الله به -سبحانه وتعالى- أثر إيجابي في النفس، في المشاعر، في الوجدان، يطهِّر مشاعر الإنسان، يزكي النفس البشرية، يسهم في ترسيخ مشاعر الخير، في تنمية مكارم الأخلاق وتجذيرها في الوجدان والمشاعر، يصلح النفس، وفي نفس الوقت أثر إيجابي في اقع الحياة، أثر إيجابي في حياة الإنسان نفسه فيما يحتاج إليه لصلاح حياته، واستقرار حياته، وازدهار حياته، وحل مشاكله.
الجهاد في سبيل الله له أثر تربوي عظيم ومهم في نفسية الإنسان، لاحظوا الكثير من الأعمال، والكثير من المساعي التربوية للنفس البشرية لكي تكون أعظم إيماناً، الحالة الإيمانية هي حالة بينك وبين الله في محبتك لله، في خوفك من الله، في خشيتك من الله، في تعظيمك لله -سبحانه وتعالى-؛ وبالتالي في طاعتك له، والتزامك العملي بتوجيهاته في هذه الحياة، كثيرٌ من الجهود التربوية من الوعاظ والمعلمين والبعض من العلماء والمرشدين الذين لديهم توجه جزئي للقبول ببعض الدين، ورفض البعض الآخر، والذين يقتصرون على بعضٍ من الإسلام والدين، ويشطبون ما تبقى منه، كم يبذلون من جهود في مواعظهم، ومحاضراتهم، وتثقيفهم، وتعليمهم؛ ليعززوا المعاني الإيمانية في نفسية الإنسان ومشاعره، كيف يجعلون منه إنساناً خاشعاً لله، خائفاً من الله، خاضعاً لله، كم يبذل الواحد منهم من جهد وهو يخيف الآخرين من القبر وأهواله، وسكرات الموت وكوارثه… وغير ذلك، في سعيٍ حثيث للوصول بالإنسان إلى درجة أن يبكي، فإذا بكى الإنسان من تلك الأهوال والمآسي، والأمور الرهيبة، والأهوال الكبيرة؛ يرتاحون، ويعتبرون أنهم قد حققوا نجاحاً كبيراً في التأثير على هذا الإنسان، فقد أوصلوه إلى درجة أن يبكي من تلك الأهوال الرهيبة جدًّا، من سكرات الموت، والحالات تلك، ومن القبر وأهواله تلك التي يحكونها له، ثم في حالةٍ أخرى قد يعتبرون أنفسهم أنهم فتحوا فتحاً عظيماً؛ لأنهم نجحوا بهذا الإنسان أن يصل إلى مستوى أن يحضر في صلاة الجماعة، وهذا إنجاز كبير جدًّا، أو وصلوا مع هذا الإنسان إلى درجة أن يكف عن بعضٍ من الجرائم الشنيعة كالجرائم الأخلاقية والسرقة مثلاً، أو أنه في الزي التزم بالزي الإسلامي إلى حدٍ ما، يعني جوانب معينة من الدين الاقتصار عليها هو الخطأ، ويعتبرون أنفسهم في ذلك صاغوا شخصيةً مؤمنةً، وولياً من أولياء الله -سبحانه وتعالى- وبالذات إذا انضم إلى ذلك أنه يهتم ببعض الأذكار التي قد يرددها حتى وهو في منزله مستلقٍ على ظهره في فراشه هو والمسبحة، في هذه الحالة أصبح شخصيةً مؤمنةً عظيمةً، وولياً كبيراً من أولياء الله -سبحانه وتعالى-.
ما هو النموذج الذي يبنيه الإسلام؟ الإسلام في منهجه العظيم، والقرآن في تأثيره الكبير سيبنيك مصلياً، ذاكراً لله -سبحانه وتعالى- ملتزماً دينياً، ولكنه يبنيك لما هو أعظم من ذلك، إنه يجذِّر فيك من معاني الإيمان ما يفقدها الكثير من تلك الأنماط الشخصية التي يصيغونها لتكون هي النموذج الإيماني بحسب تقديراتهم، مثلاً: ذلك وهو على المسبحة مستلقٍ على فراشه، وقد أصبح يعيش المشاعر الإيمانية، ولكنه- في الوقت نفسه- يتفرج على واقع أمته، الظلم الذي ملأ هذه الساحة الإسلامية ليس له منه أي موقف، بل مشاعره جامدة تجاه ما تعانيه الأمة، عذابات هذه الأمة، مظلومية هذه الأمة مسألة لا تهز فيه شعره، ولا تؤثر أي أثر في وجدانه، بل قد يصل إلى درجة أنه معرض عن أمته بكل ما تعانيه، وبكل ما في واقعها، لا يتابع الأخبار، لا يعرف ماذا يدور، ولا ماذا يجري، وإن تابع فهو قد تثقف بثقافة تجعله قاسي القلب خشن المشاعر تجاه الأمة بكلها، يعيش مشاعر سلبية تجاه الجميع، ولا يبالي بما حلَّ بهم، ولا بما يعانون منه، ويشعر- دائماً- بأنه غير معني بكل هذا الواقع، وأنه قد أدَّى ما عليه وما يوصله الجنة من أوسع أبوابها، بقي فقط أن ينتقل إلى الدار الآخرة، وفي يوم القيامة تلك الحسنات التي التقطها من هنا ومن هناك من بعض المندوبات وبعض المستحبات ستكون كافيةً لأن تكون الملائكة مسارعة جدًّا من أول ما يظهر في ساحة المحشر لالتقاطه والترتيبات العاجلة لتسفيره إلى الجنة، هكذا يتوقعون!
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة التاسعة عشر
مايو 26, 2019م