اليوم نحن على أعتاب مرحلة مهمة ومرحلة حساسة ومرحلة خطيرة جدا، قوى العدوان قد تعبت، وقد كلّت وملّت وأُرهقت نتيجة فشلها وإخفاقها كل هذا الوقت منذ بداية العدوان وإلى اليوم، وما قد كلفها عدوانها على بلدنا العزيز ماديا وبشريا إلى غير ذلك، وأثر على سمعتها في الإقليم.
ولكن هناك خطة جديدة تحرص قوى العدوان من خلالها وتؤمل من خلالها على أن تتمكن من حسم المعركة، هذه الخطة لها مسارات متعددة، مسار عسكري، يحضرون اليوم لتصعيد كبير في عدد من الجبهات المهمة، أبرزها جبهات نهم وما إليها، نهم إلى صرواح، وجبهات الساحل وجبهات تعز، وبعض الجبهات، لكن هذه على نحو رئيسي وفي نفس الوقت يتزامن مع المسار العسكري الذي يعدون للتصعيد فيه مسارات أخرى خطيرة جدا يعولون عليها هي في أن تمكن المسار العسكري من حسم المعركة؛ لأنهم قد جربوا في الفترة الماضية أن المسار العسكري مع فشل المسارات الأخرى أو ضعف نجاح المسارات الأخرى لم يوصلوهم على النتيجة التي يحرصون إلى الوصول إليها في حسم المعركة عسكريا، المسار الآخر الذي يريدونه متزامنا مع المسار العسكري ومع التصعيد العسكري هو استهداف الجبهة الداخلية، الجبهة اليمنية، استهداف هذا البلد من الداخل حتى يؤثروا على الوضع العسكري وعلى تماسك الوضع العسكري الصامد في وجه قوى العدوان، وحتى يتمكنوا من خلال ذلك بالتأثير على جبهات القتال وإضعافها والحد من توافد الناس إليها والحد من الزخم البشري اللازم لحمايتها وتأمينها وقوتها، المسار هذا يتمثل في نشاط مكثف في الوضع الداخلي في هذا البلد
أولا: تفكيك الجبهة الداخلية وإثارة النزاعات الداخلية والمشاكل الداخلية.
ثانيا:
العمل على إبراز قضايا ثانوية واهتمامات هامشية حزبية وفئوية تطغى على المشهد الداخلي وتحتل الاهتمامات والأولويات وتبرز إلى الصدارة وتستحوذ على كل النشاط في الداخل، فينشغل الجميع بعيدا عن الاهتمام في التصدي للعدوان وراء انشغالات ثانوية وهامشية وفئوية هناك وهناك، وينسى الجميع الجبهة وينسى الجميع التصدي للعدوان.
ثالثا:
العمل على حشد ما استطاعوا حشده في هذا البلد تحت عناوين ثانوية، فالبعض يطلب منهم ويراد لهم أن يتحولوا إلى وسطاء وأصحاب مبادرات، والبعض يراد لهم أن يحشروا تحت عنوان الحياد، وكأن هذا البلد لا يعنينا جميعا، وكأن استقلال بلدنا وحرية شعبنا أمر غير مهم ولا تتعلق به مسؤولية على الجميع، ويمكن فيه الحياد، ويمكن أن يتحول الأغلب من الناس فيه هذا وسيط، وهذا صاحب مبادرة وهذا محايد، وهذا خائن، ولتُحاصر الفئة الصامدة الوفية الثابتة المدافعة عن هذا البلد، وليعلموا على محاصرتها ليس هذا فسحب، بل على تشويهها فيقال عن الثابتين الذين يبذلون أرواحهم وحياتهم في سبيل الله تعالى، وفي سبيل أن يبقى بلدنا بلدا حرا، وشعبنا شعبا حرا وبلدنا ويمننا مستقلا، يقال عنهم أنهم أصحاب مشاكل ومشاغبين وأنهم تجار حروب وأنهم وأنهم…، ويستمر النيل منهم إعلاميا وسياسيا وفي النشاط المجتمعي ويعمل الآخرون على محاصرتهم، ثم تنشط الوسائل الإعلامية على تلميع وتضخيم وتبجيل من يتجهون الاتجاهات الأخرى، فالذي يذهب إلى الجبهة ليقاتل أولئك الآلاف المؤلفة من الزاحفين على بلدنا، من المرتزقة ومن القوى الأجنبية التي تسعى لاحتلال هذا البلد، من يذهب للتصدي لهم والوقوف أمامهم والعمل على الدفاع عن هذا الشعب يقال عنه الكثير من الأقاويل، فهو مشاغب، وهو رجل مشاكل، وهو تاجر حرب، وهو وهو إلى آخره، والذي يخون هذا البلد أو يتآمر على هذا البلد، أو يدخل في صفقات مشبوهة على حساب حرية واستقلال وكرامة هذا البلد هو الحكيم، وهو السياسي، وهو المفكر، وهو وهو وهو إلخ من عبارات التبجيل، والمديح المصطنع، هذه المسألة يجب أن نلتفت إليها جميعا، المساعي أيضا بتفكيك الجبهة الداخلية هي اليوم في مرحلة خطرة، وفي مستوى يجب التنبه له، والحذر منه، والسعي للحد منه، لأن هناك أنشطة كبيرة ويساعد عليها أمران:
الأمر الأول:
الاختراق الكبير لبعض المكونات السياسية، فداخلها البعض من القيادات والناشطون إعلاميا، ومجتمعيا، ممن قد تمكن العدو من شرائهم، وأصبحوا يستلمون فلوسا من العدو ومبالغ مالية في سبيل أن يؤدوا دورا مرسوما لهم مع بقائهم في الداخل، مهمتهم العمل على النيل من المكونات الأخرى، وشق الصف الوطني، وإبراز عناوين تطغى على العنوان الرئيسي الذي يفترض أن له كل الأولوية وهو التصدي للعدوان، واهتمامات وانشغالات أخرى يدفعون بالمكونات إليها دفعا، بعيدا عما له صلة بالمسؤولية.
جانب آخر أيضا:
هناك تماهٍ إلى حد كبير بالتركيز على الاهتمامات التي هي ذات طابع فئوي، أو طابع حزبي، لأن تكون هي الرئيسية، الاهتمامات التي تطغى على كل الاهتمامات الأخرى، التي تحتل كل الأنشطة، وتسيطر على كل التفكير وعلى كل العمل، تسيطر على الإعلام، تسيطر على النشاط المجتمعي، تطغى على كل شيء، في مرحلة من أهم المراحل.
فإذن اليوم يؤمل فيكم أيها الأعزاء أيها الشرفاء، أنتم أيضا من كل المكونات، أنتم اليوم الحاضرون في هذا المكان، وأيضا الغائبون الذين لم تتح لهم فرصة الحضور وما كان المكان أيضا ليتسع للجميع، الصالة ضيقة، لكن الكل، حكماء اليمن هم من كل المكونات، وهم المعروف عنهم وعن أكثرهم الحرص والاهتمام بهذا البلد، والحرص على مصير هذا البلد، وعلى مستقبل هذا البلد، وعلى حاضر هذا البلد، أنا اليوم لا أتكلم معكم لا شاكي ولا باكي، أنا اليوم أتكلم معكم على أساس أنكم جنبا إلى جنب معي، مع كل الأحرار في هذا البلد، احنا كلنا أصحاب مسؤولية واحدة، احنا كلنا أصحاب هم مشترك، والشيء الطبيعي أن يكون لكم حضور، وملامسة للواقع، وتدخل في الإشكاليات، ومعالجة لبعض المشاكل، وألا تكونوا مجرد متفرجين على الأحداث، ما تنتبهوا وهذا اتجه له من اتجاه وذاك اتجه له من اتجاه، لا؛ أنتم في هذا البلد من هم موجودون اليوم ومن هم لا يزالون في بقية المناطق، أنتم لكم دور رئيسي، ولكم أهمية كبيرة، سواء في الوضع السياسي، أو في الموقف العام، أو في التصدي للعدوان، ومطلوب منكم أيضا أن تحرصوا ونحن إلى جانبكم في أن تؤدوا هذا الدور بفاعلية كبيرة، فاليوم هناك نشاط مكثف على التجميد الجبهة الداخلية أن تصاب بالركود والتجمد، وأن تبقى جبهات القتال فارغة إلا من القليل، حتى يتمكن العدو من اقتحامها، هذا هو الهدف الرئيسي لقوى العدوان، وهو الهدف من الدور الذي يؤديه بعض المشبوهين في بعض المكونات، الذين يدفعون إلى اهتمامات ثانوية وفئوية، ويؤججون النزاعات الداخلية، والمشاكل الداخلية
من خطاب السيد / عبد الملك بدرالدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة لقاء حكماء اليمن /20 /8 / 2017 / م.