إذاً فأنت عندما تريد أن تكسب رضاهم فتقول: أنا فعلاً لدي إرهابيون، ونحن عانينا من الإرهاب، ونحن سننطلق معكم لنكافح هذا الإرهاب، فبدلاً من أن يشكروك على ذلك إنهم من يعتبرون قولك ذلك وسيلة لأن يدخلوا إلى بلدك، وحينئذٍ سيحجونك بماذا؟ سيحجونك بالإتفاق الذي قد حصل من جانبك بالموافقة التي قد حصلت من جانبك على أن تكون أمريكا هي التي تتولى التحالف الدولي ضد الإرهاب.
هناك أصوات الآن تظهر لكن هل أمريكا تعتبرها؟ هناك من يقول: يجب أن يكون مكافحة الإرهاب عن طريق الأمم المتحدة، هناك من يقول: يجب أن تعتمد أمريكا على جوانب أخرى في مكافحة الإرهاب، لا يكون الحل العسكري لديها هو الحل الوحيد في هذا الجانب، هنـاك من يقول عبارات أخرى، لكن هل أمريكا تسمع لهم؟ لا تسمع أبداً.
هي تنطلق فمتى قيل: إن هناك إرهاباً فهي من تمتلك الحق - من وجهة نظرها - أن تكافحه بالشكل الذي ترى، وهي لا تكافحه كإرهاب على أساس أنه يزعج الناس أو يزعج المواطنين الأمريكيين؛ إنما لأن هناك وسيلة تعتبره وسيلة للدخول إلى هذه البلدان،
هي لا تكتفي بالإستعمار، هذه الهيمنة العالمية التي تحصل، بل تريد أن تصل إلى كل منطقة، وأن تهيمن على كل بلد من داخله.
قلنا في كلام سابق بأنه كان من المفترض أن أمريكا هي التي تشكر أولئك الذين تسميهم الآن إرهابيين؛ لأنهم هم من انطلقوا ليحاربوا الشيوعية في أفغانستان بأمر وتوجيه من أمريكا، فلماذا تنظر إلى جنودها الذين خدموها وضحوا بدمائهم من أجلها، أو كان في الأخير، أصبح في الواقع تعود المصلحة إليها هي لماذا تعتبرهم إرهابيين، ثم تعتبر البلد الذي هم منه بلداً إرهابياً؟ هذا هو نفسه شاهد على هذه الآية هل هي رضيت عن أولئك؟ ونحن سمعنا بأنهم انطلقوا إلى أفغانستان بأمر من أمريكا.
الآن يحاولون أن يجعلوها إدانة على الدولة نفسها وعلى اليمن نفسه أنه انطلق منه إرهابيون إلى أفغانستان، وأن هناك يمنيين أيضاً كانوا مع طالبان وكانوا من المصنفين ضمن الإرهابيين، ألم يعتبروا تلك الخدمة إدانة الآن، كما اعتبروا دعم السعودية للوهابيين في مختلف المناطق؟ وهو بالطبع كان في ظرف من الظروف برغبة أمريكا، هم من اعتبروها أيضاً إرهابية بذلك الدعم، أي لا يمكن أن يرضوا عنك بالخدمة نفسها التي قدمتها لهم، وإن كنت جندياً من جنودهم لن يرضوا عنك، بل تجلى الأمر إلى أن تصبح تلك الخدمة هي إدانة ضدك، إدانة ضدك.
كانت أمريكا حريصة جداً على أن تخرج روسيا من أفغانستان، وكان يهمها جداً وجود الإتحاد السوفيتي في أفغانستان، فهؤلاء الذين انطلقوا كمجاهدين من هنا وهنا هم في الواقع قدموا لها خدمة، سواء شعروا أو لم يشعروا، وأن يتوافدوا من هنا ومن هنا إلى ذلك البلد، ونحن لم نرى أن هناك ما يسمح لهم ولغيرهم أن يتوافدوا على هذا النحو إلى فلسطين لمحاربة إسرائيل، هل حصل مثل ذلك؟
لأن كلما يحصل هنا في هذه الدنيا في البلدان التي تهيمن أمريكا عليها هو طبعاً بتوجيهات أمريكا وإيحاءات منها، أو رضا عنها بذلك التصرف باعتبارها ترى أنه يخدم مصالحها، هم قاتلوا، وفي الأخير خرجت روسيا من أفغانستان، وإذا بأولئك يصبحون فيما بعد إرهابيين.
اليمن الآن يعتبر مدان لأنه انطلق منه شباب كثيرون، هم الآن يصنفون بأنهم إرهابيون، والبلد الذي هم فيه يعتبر بلداً إرهابياً، وأسامة أصله من اليمن، فيحاسبون اليمن على أن أصل أسامة من اليمن.
ونحن أحياناً نزيد عبارات تعطي توسعهم شرعية أكثر [مكافحة الإرهاب من جذوره واقتلاع جذوره، وتجفيف منابعه] هكذا سمعنا بالأمس عبارات من هـذه [اقتلاعه من جذوره] وأنت من يجب أن تنكر أن هنـاك إرهابيين أو من لا تسمح أبداً أن يقال لبلدك، أو أن يتجه أولئك لتصنيف بلدك كله بأنه بلد إرهابي على النحو الذي يريدون.
لاحظوا كيف عملت إيران، هي اتهمت بأن هناك اثنا عشر شخصاً دخلوا إيران من تنظيم القاعدة، الإيرانيون يعرفون أمريكا، ويعرفون أنهم لو قالوا فعلاً هناك أشخاص ونحن سننطلق، ونحن فعلاً معكم في مكافحة الإرهاب، أن هذا لا يرضي أمريكا، هي تريد أن تجعل إيران بلداً إرهابياً بهذا الشكل الذي تطلقه الآن عليه إرهاب سواء كانوا أشخاصا من تنظيم القاعدة أو من طالبان، لتبرر لنفسها أن تضرب إيران، ثم ليتجه الإعلام ليقول إذاً فإيران بلد إرهابي هو داعم للإرهاب، إذاً هو منبع من منابع الإرهاب، إذاً للإرهاب جذور في إيران، وهكذا سيكون بالنسبة لليمن.
ماذا عمل الإيرانيون؟ انطلقوا هم وهددوا أمريكا وصرخوا في وجهها، وتحدوها وقالوا عليها أن تفهم أنه لن يكون أي ضربة من جانبها تمر دون رد فعل مباشر.
لكن ماذا؟ الموقف يختلف هنا في اليمن، والمفترض أننا هنا في اليمن يجب أن نتنبه سواء الرئيس أو الدولة أو المواطنين أنفسهم أن يتنبهوا إلى أنه يجب أن يتعاملوا مع أمريكا ومع الإعلام المضاد كما يتعامل إيران تماماً، وإلا فإذا أبدى الرئيس استعداده فإنه سيرى في كل أسبوع في كل شهر يرى أنه يصنف بلده ويصنف هو داعماً للإرهاب، وبالتالي فهو بسكوته، بل واستعداده لأن يعمل معهم إنما يمنحهم شرعية من وجهة نظرهم، إنما يشجعهم على المزيد؛ على المزيد حتى تطأ أقدامهم اليمن كما بلغنا فعلاً، ثم إذا دخلوا ولو مائة شخص سيأتي بعدها التعزيزات، سيأتي بعدها التعزيزات، وسيقدمون أنفسهم لليمنيين بأنهم إنما جاءوا ليخدموا اليمن! قد يقولون هكذا: ليساعدوا اليمن على مكافحة الإرهاب، كما جاء في السؤال بالأمس، هل اليمن بحاجة إلى مساعدة مثلاً اقتصادية أو عسكرية؟ هكذا مساعدة، يعني: في مكافحة الإرهاب.
لو قال الرئيس: لا. سيفرضون هم عليه، وسيرغمون اليمن على أن يقبل ما يسمى بالمساعدة سيرغمونك على قبولها؛ لأنك لم تقف في وجوههم من أول يوم، أنت كنت ترى أن السكوت يمكن أن يرضيهم، أو أن إظهار استعدادك للتعاون معهم سيرضيهم. لا.
إن الله عندما يقول لنا إنهم أعداء إنه يريد منا أن نتعامل معهم كأعداء، وعدوك عدو من هذا النوع يجب أن تقف في وجهة حتى لا يفكر بأن يعمل ضدك أي عمل، فيراك متأهباً تماماً لمواجهته ولقطع يده، هذا ما يجب أن يكون عليه اليمني، وإلا فسيرى علي عبد الله نفسه يقع في المأزق الذي فيه عرفات فعلاً،
هذا شاهد، ألم نكن نسمع نحن الرئيس في مقابلات سابقة وفي لقاءات وفي تجمعات يظهر نفسه كشخص مستعد أن يكافح الإرهاب؟ إذاً فلماذا الدعايات ضد اليمن فليكتفوا بهذا الشخص الذي وعدهم أنه هو يستطيع، ونحن قلنا في المحاضرة في القاعة أنه في الواقع لو افترض أن هناك إرهابيين يضرون فعلاً بمصالح مشروعة لأمريكا فإن اليمن بدولته وقضائه يستطيع أن يحسم الموضوع دون أي تدخل أمريكي، لكن هل يرضيهم هذا؟ لا يرضيهم.
إنه لا يهمهم مكافحة إرهاب، هم من يصدرون الإرهاب، وهم جذور الإرهاب، وهم منبع الإرهاب الأمريكيون أنفسهم. أمريكا هي الشيطان الأكبر - كما قال الإمام الخميني - هي من تثير الفتن وتثير القلاقل، ومن تصدر الإرهاب في العالم كله. مَن وراء إسرائيل؟ أليست أمريكا وراء إسرائيل؟ ألم يظهر الرئيس الأمريكي بالشكل الصريح متعاطف مع إسرائيل، ويصنف الفلسطينيين المساكين المظلومين بأنهم إرهابيون؟ هل هذه الدولة، أمريكا يصح أن تعطى هذا المقام وهذا المنصب أن تكون هي من يقود التحالف ضد الإرهاب، وهي من تدعم الإرهاب الكبير، تدعم إسرائيل؟! هل يثق بها العرب أنها ستكافح الإرهاب؟!
إن موقفها في فلسطين، موقفها في إسرائيل هو واضح بالشكل الذي يفضح أمريكا ويفضح من يقف معها أنها لا يمكن أن يوثق بها أن تكون دولة تقود الأمم لمكافحة الإرهاب.
إذاً فاليمن نفسه، الحملة الدعائية هذه ضد اليمن، تصنيفه كدولة إرهابية ربما ومن المحتمل جداً أن يتعزز الكلام، وإذا بدأت الحملات الدعائية هناك فتأكد أنها حملة دعائية ستشغل بال الدولة وتشغل بال الرئيس وتشغل اليمنيين كما شغلت السعوديين.
لكن السعوديين ظهر موقفهم جيداً، ظهر موقف الأمير عبد الله موقفاً جيداً فعلاً، أحس فانطلق انطلاقة جيدة حسن علاقاته مع إيران، علي عبد الله إذا انطلق على هذه المسيرة: تمام، تمام، كلما قالوا.. قال: تمام، نريد ندخل نعمل مساعدة، تمام، اعتبره منتهي هو، هو أول من سيضرب، وهو من سيعاني، سواء أن تكون في مواقفه ما يثير سخط شعبه عليه ويسيء سمعته إلى شعبه، وهو من قدم لشعبه كرمز للوحدة والديمقراطية، حينئذٍ سيحولونه إلى شخص يسخط منه شعبه ويسخر منه شعبه، أو يضربونه هو كما ضربوا عرفات بحجة أنه لم يكافح الإرهاب بالشكل المطلوب.
يعملون تفجيراً في أي مكان قريب من منشئاتهم، أو مصالحهم، ثم يقولون: ألم تروا أنه لم يكافح الإرهاب بالشكل المطلوب؟ فيضربونه هو، وهذا محتمل جداً.
فالمفترض هو ماذا؟ أن يبادر أن يبادر هو كما بادر الأمير عبد الله ليحسن علاقاته مع إيران، وليري أولئك من خلاله هو، ومن خلال الدولة، ومن خلال الشعب أنه لا يمكن أن ينطلي علينا هذا الخداع، فإذا ما وقف الناس موقفاً صريحاً كموقف إيران على مستوى الدولة، وعلى مستوى الشعب فهذا هو الذي سيوقف أمريكا هو الذي سيوقفها عند حدها، أما إذا انطلق على هذا النحو الذي ظهر عليه بالأمس، وظهر عليه في مقابلة سابقة فلنتأكد بأن مصيره بدأ على أيدي الأمريكيين محرج جداً له هو قبل غيره.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى.
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 28 من ذي القعدة 1422 هـ
الموافق: 10/2/2002م
اليمن – صعدة.