مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

على ضوء الحديث عن الآية القرآنية المباركة: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (27) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}، نستفيد قواعد أساسية نبني عليها نظامنا الاقتصادي كأمةٍ مسلمة، ونصحح من خلالها رؤيتنا تجاه الجانب المادي، وتجاه نعم الله -سبحانه وتعالى- علينا، فيتضح لنا أهمية المال، أهمية النعم الإلهية، أهمية هذه الامكانات والقدرات التي استخلفنا الله فيها ومكننا فيها، وما يرتبط بها من مسؤوليات، وأننا كأمةٍ مسلمة بحاجة إلى أن نكون أمةً قويةً في اقتصادها، أمةً تمتلك الحس الإنتاجي، التركيز على الانتاج، التركيز على حسن التصرف والرشد، والحكمة في التصرف فيما هناك من إمكانات وماديات، وأن لا نكون أمةً عابثة مستهترة، لا تقدِّر النعم، تبذر وتسرف، وتبعثر هذه الإمكانات المادية بغير رشد ولا مسؤولية.

 

القرآن الكريم فيه آيات كثيرة، مثلاً في سورة النساء آيات كثيرة حول هذا الموضوع، لدرجة أنَّ الله -جلَّ شأنه- يقول: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [النساء: من الآية5]، السفهاء في هذه الآية: هم الذين لا يمتلكون الرشد في التصرف، لا يمتلكون التوازن الطبيعي في التصرف في المال، قد يعبثون ويتعاملون مع الموضوع بكل تفاهة وبلا مسؤولية نهائياً، لا يمتلكون اهتمامات ونظرة صائبة، طائشون، عبثيون، مهملون، تائهون في هذه الحياة، يمكن أن يصرف كل المال في شيءٍ تافه، ليس متزناً ولا مرتبطاً في هذه الحياة بأولويات واهتمامات صحيحة، هذه النوعية من الفاقدين للرشد وغير القادرين على حسن التصرف، في الإسلام نظام حجر عليهم، يحجر عليهم التصرف في أموالهم إلَّا تحت إدارة وإشراف يساعد على ضبط تصرفاتهم، وعلى أن يحصلوا من أموالهم على المقدار اللازم لحياتهم، {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً}.

 

والأمة الإسلامية اليوم تعاني نتيجة غياب هذه الرؤية، وهذا الفهم الصحيح تجاه النعم الإلهية، الله -سبحانه وتعالى- مكَّن أمتنا الإسلامية في منطقتنا العربية وسائر العالم الإسلامي من موقع جغرافي عظيم ومهم، مناطق مهمة أعدَّ الله فيها وادخر فيها لهذه الأمة كل الإمكانات المهمة واللازمة لقيام الحياة، وأكثر من ذلك لنكون أمةً قوية، متقدمةً على سائر الأمم والشعوب مما منحها الله من إمكانات وقدرات وخيرات، بلدان كبيرة وبلدان واسعة صالحة على المستوى الزراعي للزراعة في مساحات كبيرة منها، وكذلك تمتلك في الأماكن الأخرى غير الصالحة للزراعة طاقات وإمكانات وقدرات مهمة، حتى الصحراء، حتى الربع الخالي جاثم على بحيرات هائلة من النفط الخام، الثروات المتنوعة التي منحها الله لهذه الأمة ولشعوب هذه المنطقة، ثروات هائلة جدًّا، تساعد هذه الشعوب، تساعد هذه الأمة على أن تعيش عيشةً هنيئةً، فتتوفر لها المقومات الضرورية للحياة، وأن تكون أمةً قوية، تمتلك قدرات كبيرة وهائلة، والحال الذي نعيشه كأمةٍ مسلمة مزرٍ على المستوى الاقتصادي، وهو نتاج نظرة خاطئة وفهم غير صحيح، وسياسات تبنى عليها الخطط الاقتصادية والتجارية، سياسات خاطئة، وغياب للوعي؛ لأن هذا الموضوع يحتاج إلى وعي عام لدى الجميع، لدى الشعوب بنفسها، لدى رجال المال والأعمال، لدى القائمين على شؤون الناس، المسؤولين وفي الحكومات، نحن أمة لا نستفيد لا من هذه الثروات الهائلة، الكثير من الثروات تذهب بشكلٍ كبير إلى أعدائنا على المستوى الخام، المادة الخام تؤخذ إلى صالح أعدائنا، وعلى المستوى الانتاجي كذلك لا نهتم بأن نعتمد على انتاجنا المحلي، ونعمل ونشتغل في حياتنا كسوق كبيرة لاستهلاك منتجات الآخرين، الآخرون يأخذون المواد الخام- في كثيرٍ منها- من بلداننا ومناطقنا، ويستفيدون أيضاً من الثروات النفطية في منطقتنا، ويقومون هم بإعادة صناعة المواد الخام هذه، وتصدير الكثير منها إلى بلداننا كبضائع، ونأتي نحن فقط لنشتري ما أنتجوه وما صنعوه، ولا نمتلك الإنتاج لكثيرٍ من احتياجاتنا الأساسية والضرورية، بل ما يصنف في قاموس الدول على أنه ضمن مفردات ما يدخل في حيز الأمن القومي لها، يعني أشياء أساسية، لها أهمية استراتيجية، وأهمية أمنية، وأهمية لكي تكون تلك الأمة أو ذلك الشعب أو ذلك البلد حراً، ويمتلك المقومات الأساسية والضرورية؛ لكي يكون صامداً وثابتاً في مواجهة التحديات ومواجهة الأخطار والأعداء، مثل: القمح، القوت الضروري، المنتجات الأساسية جدًّا، تهتم الكثير من البلدان؛ لكي تمتلك الاكتفاء الذاتي فيها، يعني: كثير من البلدان تحرص على أن تمتلك الاكتفاء الذاتي، أن تحقق الاكتفاء الذاتي لنفسها في إنتاج الأشياء والاحتياجات الضرورية واللازمة للحياة، بحيث لا تكون من أعدائها، ولا تكون من أطراف أخرى تملك التحكم عليها، والضغط عليها بها كورقة ضغط، كورقة ابتزاز، كسلاح تفعِّله ضدها، هذا وعي أممي، وعي لدى أمم وشعوب وبلدان ليست حتى مسلمة، بفطرتها البشرية، بالفطرة التي منحها الله العباد.

 

أما نحن المسلمين- فالمسألة مأساوية جدًّا– لم نرق بعد إلى هذا التفكير في أكثر بلداننا وشعوبنا، إلى التفكير الذي عليه الصيني، الذي عليه الهندي، الذي عليه الياباني، الذي عليه الكوري، الذي عليه أي شخص هنا أو هناك، الروسي… مختلف شعوب وأمم الأرض يمتلكون هذا الوعي، يحرصون على أن يكون لهم اقتصاد قوي، على أن يكونوا أمماً منتجة، قويةً في اقتصادها، تصنع وتوفر احتياجاتها الأساسية، بل وتصدر تلك الاحتياجات إلى بلدان أخرى، وهذا حاصل لدى كثير من الأمم والشعوب، تنتج وتصدر، ليس فقط وفَّرت احتياجها الضروري، بل أكثر من احتياجها الضروري تصدر إلى بلدان أخرى، يجب أن نعمل لأن نمتلك حس الإنتاج، وكذلك حسن التصرف، الرشد الاقتصادي، الرشد المالي، الرشد في التصرف المادي، التقدير للنعم الإلهية، النظرة من واقع المسؤولية تجاه النعم الإلهية، الوعي الاستراتيجي تجاه أهمية الجانب الاقتصادي في أن نكون أمةً قوية، وأن نكون أمةً حرة، وأن نكون أمةً تستطيع النهوض على قدميها، في مواجهة الأعداء، في مواجهة التحديات، في مواجهة الأخطار، إذا كنا عبثيين، مهملين، مستهترين، لا نمتلك إلا حس الاستهلاك، نريد أن نستهلك كل شيء، وأن نبعثر، وأن نهدر كل الأشياء، وأن نبذر، هذا سيحول دون أن نكون أمةً راشدة قوية جديرة بالنعم، هذا يبعدنا عن أن نكون شاكرين لنعم الله.

 

المبذر والمستهتر بالنعمة، والعابث بالنعم والإمكانات والقدرات ليس من الشاكرين أبداً؛ لأن أول بوابة أول مفتاح للشكر: هو التقدير للنعم، فإذا الإنسان لا يقدِّر النعم أصلاً، وهو عابث مستهتر، كلما أعطاه الله من نعم يتعامل معها باستهتار، كلما بيده من امكانات يتعامل معها بعبث، يتلف الأشياء، يحطمها، يهملها، هذه الوضعية وضعية بعيدة عن وضعية الشاكرين للنعم، المقدِّرين للنعم.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

قواعد أساسية

لبناء نظام اقتصادي وتصحيح الرؤية للجانب المادي

سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الحادية عشر

مايو 20, 2019م

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر