إذا قدمت الدين ناقصا فأنت ممن تضرب الأمة وإن قلت من أجل مصلحة الأمة، وأنت من تضرب الدين وإن قلت حفاظا على المذهب وعلى الدين. الله لم يفرط ، هو الذي تكفل بالمصلحة العامة لعباده متى ؟. متى ما ساروا على دينه على نحو كامل وصحيح، أما إذا آمنوا ببعض وكفروا ببعض، ألم تضرب المصلحة العامة في الدنيا والآخرة؟.{لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(المائدة: من الآية33) ألم يقل هكذا؟. هل الخزي في الدنيا هو حفاظ على المصلحة العامة ؟!، هل العذاب العظيم في الآخرة هو حفاظ على المصلحة العامة ؟!. ، من أين جاء الخزي في الدنيا ؟. ومن أين جاء العذاب العظيم في الآخرة ؟. إنه من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض.
فأنت يا من تعلّم، يا من ترشد، يا من لديك مشاريع معاهد علمية، أو مراكز، أن تكون حركتك على هذا النحو هي في واقعها: إيمان ببعض وكفر ببعض، فإنك من تعمل على أن توقع الأمة في الخزي في الدنيا، وأن تسير بالأمة إلى العذاب العظيم في الآخرة.
في هذه النقطة ؛لأن الزعماء يعرفون أن السوق ينفق فيها بيع الدين بالدنيا، أننا أصبحنا جميعا كمسلمين في مختلف الأقطار الإسلامية لا يهمنا الدين، يهمنا أن نرى مشاريع وإن كانت مشاريع بسيطة، وإن كانت مشاريع هي من قوتنا، هي قروض، هي من قوتنا، أو هي فضلة فضلة ما انتهبه الآخرون من ثرواتنا.. متى ما أحد وعدنا بشيء من هذه انطلقنا وراءه ،ولا نسأل عن دين.
بل ولا نسأل عن واقع الدنيا أنه ما قيمة ما يريد أن يقدمه لنا، أو ما قد قدمه لنا بالنسبة لما أكله علينا، أنه من أين جاء ما قدمه لنا، وما لمع شخصيته أمامنا به؟. هل هو من ثرواتنا الطبيعية؟. أم أنه من عرق جبيننا ومن قوتنا؟. أم أنه قروض تثقل كاهلنا، وتصنع لنا الأزمات، وتخنقنا سياسيا، واقتصاديا، وثقافيا، وتجعل زمام أمورنا بأيدي أعدائنا؟. حتى عن جانب الدنيا لا نستوضح، أما الدين فهو ذاك الذي لا نلتفت إليه.
لمّا كانوا قد عرفوا أن الأمة أصبحت على هذا النحو؛ انطلقوا كلهم كما انطلق فرعون يوم قال لأولئك في مواجهة ما كان يدعوهم نبي الله موسى عليه السلام إليه:{ وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} (الزخرف:51)
ألم يعرض مشاريع وخدمات مقابل هدي الله ؟. ألم يقل هو لقومه:{ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}(غافر: من الآية29)اتركوا هذا الفقير، اتركوا هذا الصعلوك، اتركوا هذا المهين، هكذا يقول لموسى (عليه السلام) ،فانشدوا نحو فرعون ،ليقل الله لفرعون ولهم في الأخير يوم غرقوا في قعر البحر:{ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (طـه:79) أضل فرعون قومه وما هدى يوم قال:{ ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} إنه المنطق الذي يتكرر على مسامعنا دائما من وسائل إعلامنا، إنه كل ما يعرض في المناسبات الوطنية.
تأملوا التليفزيون في اليمن، في السعودية، في أي دولة عربية تعرض ما تسمى منجزات ومع أنشودة حماسية ،وصور لمشروع هنا ومشروع هناك، ومصفاة للبترول هنا ومصنع هناك وأشياء من هذه ،هي نتائج عشرين عاما أو ثلاثين عاما، والعشرون عاما والثلاثون عاما هي لأمة كفيلة بأن توصلها إلى دولة صناعية إذا كان هناك من يقومون على أمور الناس ممن هم مخلصون، ممن هم يعرفون كيف يبنون شعوبهم.
أولم تصل إيران الآن إلى دولة صناعية، ودولة منتجة، ودولة مصدرة لمختلف المنتجات؟. دولة استطاعت الآن أن تهدد أمريكا فعلا ، ألم تسمعوا أنتم في هذا الأسبوع أنهم هددوا أمريكا؟. وأولئك الذين ينتجون ما بين خمسة ملايين برميل بترول ،وتلك الثروات التي يمتلكها هؤلاء العرب -لأنهم لم يبنوا نفوسهم ولم يبنوا شعوبهم لأن كل ما يلمعون به أنفسهم إنما هو من فضلات ما ينتهبه الآخرون من ثرواتهم- هاهم يخضعون، ويركعون، ولا يستطيعون أن يقولوا كلمة.
الإيرانيون خرجوا في هذا الأسبوع وملئوا الساحات ،وخرج الإمام الخامنئي وكلهم هددوا أمريكا، وكلهم لعنوا أمريكا، وهم من كنا نسمع عنهم مباشرة أنهم كانوا يتمنون أن يدخلوا في حرب مباشرة مع أمريكا ، قالوا: أمريكا هي كانت وراء العراق يوم دخل العراق معهم في حرب شديدة وطويلة، أمريكا هي التي دفعته، أمريكا هي التي دفعت البلدان العربية الأخرى لترسل جيوشها ،ولترسل مساعداتها الكبيرة للعراق ،ويقاتلون جميعا صفا واحداً ضد الإمام الخميني، وضد الشعب الإيراني، وضد الثورة الإسلامية، على الرغم من ذلك كله ألم يهدد هؤلاء الأمريكيين، هددوهم وفعلا بدأ منطق أمريكا ضعيفا
لأنهم وعلى مدى عشرين عاما فقط عشرين عاما التي هي قد تكون عمر رئاسة شخص، أو ملك من ملوك العرب، وبعضهم يبقى في حكمه خمسة وعشرين عاما أو ثلاثين عاما، وترى شعبه مازال فقيرا، ترى شعبه ما يزال ذليلا، ترى شعبه متى ما سمع تهديدا ونظر ورجع إلى نفسه رأى أنه لا يمتلك قوته فيخاف أن يقول كلمة جريئة أمام أعدائه.
أولئك هم من استطاعوا أن يخفضوا إنتاج البترول عما كان عليه أيام ملك إيران السابق، خفضوه بنحو مليونين برميل في اليوم، واستطاعوا بعد التخفيض أن يبنوا إيران في مختلف مجالات الحياة، وهاهم لما انطلقوا وعلى مدى عشرين عاما فقط لما سمعوا تهديد أمريكا استطاعوا أن يصرخوا في وجه أمريكا وأن يتحدوها، ورأينا فعلا كيف بدا زعماء آخرون من الغرب وكيف بدا [الكونقرس] الأمريكي نفسه يهاجم [بوش] على سياسته القاسية ،يقولون: ستضرب مصالح أمريكا خفف من لهجتك القاسية.
هذا ما كنا نقوله للناس أولئك جبناء، أولئك يرون أن مصالحهم تحت أقدامنا لو نعرف واقعنا إنهم أحوج إلينا من أي أمة أخرى، إنهم من يجب أن يكونوا تحت رحمتنا لو كنا نفهم، إن مجاميعنا هذه هي سوقهم الاقتصادية، إن خيرات أوطاننا هي المواد الأولية التي تحرك مصانعهم، إن البترول هو من أرضنا أكثر من 85% من احتياطي العالم من البترول هو في البلاد الإسلامية أكثر من 85% هم من هم تحت رحمتنا لو كنا نفهم.
هل تحرك [الكونقرس] الأمريكي وهاجم [بوش]؟. متى تحرك؟. بعدما تحرك الإيرانيون وتهددوا وقالوا: لو تضرب أمريكا، أو تفكر أن تضرب فسيتلقون ضربة مباشرة وشديدة. هم يعرفون إيران ،ويعرفون شعب إيران ،ويعرفون أن إيران استطاعت أن تبني نفسها عسكريا واقتصاديا وثقافيا
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
لتحذن حذو بني إسرائيل
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.
بتاريخ: 7/2/2002م
اليمن – صعدة.