هنا - أيها الإخوة - ندخل إلى موضوع مهم جداً هو كيف, كيف جسد الإمام الحسين الإسلام, كيف مثل الإسلام, كيف قدم الإسلام في مواقفه, في ثباته, في سلوكه, في صبره, في صموده, وهذا درس مهم لهذه الأمة ونحتاج إليه حاجة ماسة في هذا العصر, عصر مليء بالطغاة والطغيان والمجرمين والظلم والاستبداد.
الإمام الحسين (عليه السلام) حينما وصل إلى كربلاء وحُوصر هناك ووقف بوجهه حتى أولئك الذين كاتبوه وراسلوه وعاهدوه، فتغيروا وتغيرت مواقفهم نتاج تلك التحولات التي سميناها انقلاباً في المجتمع الإسلامي، وقفوا حتى هم بوجهه، وقفوا جنوداً مجنده مع من؟ مع ابن زياد ويزيد, مع الفجور, مع الظلم, مع الطغيان, مع الحقد والضغينة, مع الفساد, مع المنكر, ووقفوا بوجه الحسين وهم يعرفون من هو, ويعرفون دعوته وماذا يريد وماذا يسعى إليه وهو الخير لهذه الأمة, هو خير لهذه الأمة, هو يريد لهذه الأمة السعادة والعزة, في تلك الحال وقف الإمام الحسين (عليه السلام) بين خيارين: بين أن يصمد على مبدئه وعلى موقفه ويثبت ولو ضحى بما ضحى ولو كان حجم المظلومية والأسى والألم على مستوى كبير, أو أن يتراجع أو أن يسكت أو يتغير كما كان الحال الأغلب بالنسبة للأمة حتى بوجهائها, بعلمائها, بعبَّادها, بكبارها آنذاك.
لكنه قدم أروع الأمثلة، وقف أمام أصحابه وهو يقدم لهم التطورات الأخيرة ويقول لهم: ((ألا وإن الدعي ابن الدعي)) لأن الجهة الأخرى التي كان يقودها عبيد الله بن زياد معروف عنه أنه هو وزياد ابن أبيه من قبله هم أبناء زنا، وأتوا من ساحة الرذيلة والفحشاء والمنكر، وغريب كيف وصلت الأمة أن تبتعد عن سبط رسول الله، عن حفيد رسول الله، عن الطهر والصلاح والخير، إلى حيث ساحة الجريمة والفساد والرذيلة والفحشاء والمنكر والهوان. ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين - قدم خيارين - بين السلة وبين الذلة، بين سل السيوف والحرب والقتل والقتال، أو الذلة.
الإذلال للناس، هذا سلوك ومنهج يعتمده الطغاة، لا يقوم كيان للطغاة إلا بإذلال المجتمع بإذلال الناس، من أعظم ما في الإسلام سلوكاً ومنهجاً، ولدى أعلام الإسلام ورجال الإسلام هو أنهم.. الإسلام بمشروعه والإسلام بهداته، كل ذلك يصب في أن يكون هناك مجتمع عزيز، مجتمع كريم {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، ليس في الإسلام في تشريعاته ولا في منهجه ما يذلك بإهانة أبداً، ليس فيه هوان، كلما في الإسلام في نهاية المطاف يعزك، يعز المجتمع، يجعل من المجتمع مجتمعاً عزيزاً، لا يقبل بالإذلال ولا يقبل بالهوان ولا يقبل بالاستعباد ولا يقبل بالقهر، وهكذا كان النبي يربي هذه الأمة على العزة، وأعلام الإسلام، أعلام الهدى, ورثة الكتاب هم يعملون على تربية الأمة على أن تكون أمة عزيزة، لا يسعون إلى إذلالها لا من خلال التثقيف ولا من خلال القهر والاستعباد.
ولذلك من أعظم ما في الإسلام هو أنه يربيك على العزة فيجعلك إنساناً عزيزاً لا تقبل بأن يذلك الآخرون، ولا أن يستعبدوك، ولا تقبل بأن تعيش مظلوماً قابلاً للظلم، قابلاً للظلم، قد تكون مظلوماً لكنك تواجه الظلم وتواجه الطغيان، وتقف ضد الظلم، لكن أن تقبل بالظلم وتتولى الظالمين، وتقدس الظالمين، وتمجد الظالمين، وتخضع للظالمين، وتُوْلي شؤونك وأمورك إلى الظالمين، هذا ما لا يقبل به الإسلام.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة ذكرى عاشوراء
للعام الهجري 1429هـ.