وطبعًا انتقاله من المدينة، لأن الجو السائد- آنذاك- في المدينة جو مخلخل، ليس جوًا متماسكًا يتجه لموقفٍ موحَّد، بل متأثر بالبيئة السياسية التي اشتغلت فيه بالمشاكل- آنذاك- والتوجهات المتباينة، التي أضعفت مدى ارتباط بعض أهل المدينة بالإمام الحسين وبأهل البيت -عليهم السلام- وحتى أثَّرت عليهم، الواقع الذي كان قد وصل إليه الأنصار في المدينة واقع استضعاف، وواقع مضغوط، وواقع متأثر بالجو العام في ضغطه ومتغيراته، فالإمام الحسين -عليه السلام- كان يعرف أنَّه لن يجد الناصر، ومن يستجيب له، ويتحرك معه في تلك البيئة، وودَّع جدَّه رسول الله، في زيارته إلى قبر رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- وانطلق صوب مكة.
مكة كانت تمثِّل ملتقًى عامًا في الساحة الإسلامية، الناس يذهبون إلى مكة للعمرة وللحج، ويعوِّل على أنَّه سيأتي موسم الحج وهو هناك، وسيعمل على استنهاض الأمة الإسلامية في مواجهة هذه المتغيرات الخطيرة للغاية، التي تشكِّل خطورة كبيرة جدًّا على الأمة، خطورة رهيبة جدًّا على الأمة، لا يمكن التجاهل لها من جانب الإمام الحسين -عليه السلام-.
في مكة سعى الإمام الحسين -عليه السلام- في لقاءاته مع من يفدون إلى مكة للعمرة، ومن يفدون إليها للتجارة، من يقصدونها في موقعها ومركزيتها الإسلامية، من أتوا فيما بعد بهدف الحج، سعى عدة أشهر لاستنهاض الأمة هناك، والتواصل مع الناس في هذا القطر أو ذاك من أقطار الأمة الإسلامية، ووصلت إليه رسائل أهل العراق، رسائل تؤكِّد الوقوف إلى جانبه، تؤكِّد أنَّها اتخذت موقفها الحاسم تجاه يزيد، وأنَّها على استعداد لمناصرته، وتؤكِّد على ذلك بالبيعة، والقسم، والوعود المؤكَّدة… إلخ. الإمام الحسين -عليه السلام- لم يتلق من كثيرٍ من الأقطار مثلما تلقاه من العراق، وبالذات من الكوفة، والكوفة كان هناك فيها بقية باقية، وحضور لافت لشيعة الإمام علي -عليه السلام- وأنصاره؛ باعتبارها كانت عاصمة للإمام علي -عليه السلام- في ظل خلافته، في الفترة التي أقبلت إليه فيها الأمة وبايعته بالخلافة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام 1440هـ- الخامسة