الهجمة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كانت أخطر هجمة على المسلمين، في امتداد لما سبقها من مؤامرات، الأعداء يتحركون وفق برنامج طويل وكبير لاستهداف أمتنا الإسلامية، وعلى مراحل، ويتوارثون في هذا الدور، من بريطانيا، والدول الأوروبية التي كانت تقوم بهذا الدور، ثم أمريكا، الحركة الصهيونية التي كان لها تأثيرها الكبير في بريطانيا ثم في الدول الأوروبية، ثم في أمريكا، الحقد الموجود أساساً، والمتوارث منذ الحروب الصليبية في أوروبا ضد الإسلام والمسلمين، ثم في أمريكا؛ لأن أمريكا هي امتداد لأوروبا في الأساس، ثم تلى ذلك أيضاً تغلغل الحركة الصهيونية التي زادت ذلك الحقد إلى أحقاد إضافية، وأضافت إليه أيضاً معتقدات تُرَسِّخ حالة العداء الشديد للإسلام والمسلمين تحت العناوين الدينية، وتحت عناوين معروفة بالنسبة للمعتقدات الصهيونية، مع الأطماع الكبيرة، والنزعة الاستعمارية، التي هي موجودةٌ في عالم الغرب، لدى الحكومات، والأنظمة، والرأي العام الأوروبي والأمريكي، لكن تعتبر تلك الهجمة التي أتت ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ودُبِّرت لها تلك الأحداث أساساً؛ لتكون غطاءً لها، وذريعةً لها، وعنواناً لها، تعتبر الأخطر، ولمرحلة متقدمة، ولأهداف خطيرة للغاية.
وشكَّل الأمريكي تحالفاً دولياً، وحملة ترهيب واسعة، حملة ترهيب فيما يتعلق بالحشود العسكرية، بالهجمة الإعلامية المنظمة، والتي- للأسف- تماهت معها وسائل الإعلام العربية، وفي العالم الإسلامي بشكلٍ عام، كانت كل وسائل الإعلام تؤدي ذلك الدور في ترهيب شعوب أمتنا من الهجمة الأمريكية، وفي الزرع وترسيخ الهزيمة النفسية، التي تهيئ المجال لأمريكا للسيطرة التامة على هذه الشعوب، هذه البلدان.
وقابل ذلك من جانب البلدان في العالم الإسلامي، في المنطقة العربية وغيرها، حالة شتات وضعف من المسلمين، لم يتجهوا في العالم الإسلامي، من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي آنذاك، ولا بغيرها، ليشكلوا موقفاً واحداً، يتعاونون فيه ويتضامنون فيه لحماية الأمة الإسلامية، لحماية شعوبهم وبلدانهم وأمتهم؛ إنما كانت الحالة حالة شتات، وأصبحت أسوأ من ذلك: تسابقت الأنظمة أكثرها مسارعةً لاسترضاء الأمريكي، كانت هذه هي الاستراتيجية التي تحركت على أساسها الكثير من الأنظمة، وتسابق عليها الزعماء في بلدان العالم الإسلامي، يحاولون استرضاء الأمريكي بأي ثمن، ولو كان هذا الثمن هو التضحية بِحُريَّة شعوبهم وبلدانهم، وباستقلالها، وبفتح المجال للنفوذ والتغلغل الأمريكي في كل مجالات حياة شعوبهم، كانوا جاهزين لفتح بلدانهم للقواعد العسكرية الأمريكية أين ما يشاء الأمريكي ويريد، وكانوا جاهزين أيضاً للخنوع للأمريكي في التوجه لتغيير المناهج الدراسية، ليتحكم بالتعليم والتثقيف والإعلام، وكانوا أيضاً جاهزين ليفتحوا له المجال للتغلغل، والسيطرة التامة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، في الجانب الاجتماعي، في الجانب الأمني، في الجانب العسكري... في كل شيء، وكانوا يتجهون ليكونوا كجنود مع الأمريكي، ليكون دور أي زعيم عربي، أو مسلم في أي بلد إسلامي، وكأنه قائد شرطة، خاضع للتوجيهات الأمريكية، جاهزٌ لأن يعمل بشعبه ما يشاءون ويريدون، أرادوا منه أن يعتقل أحداً من أبناء شعبه؛ هو جاهز لتنفيذ تلك المهمة، أرادوا منه أن يشن حرب على أي طرف من أبناء الشعب؛ هو جاهز لتنفيذ تلك المهمة، وهكذا تحول الواقع، واقع الحال بشكلٍ مؤسف، وأُرهِبَت الشعوب، الزعماء بخوفهم، والحكومات بخوفها وذُعرها واستسلامها واتجاهها بتسابق فيما بينها نحو الاسترضاء للأمريكي، أيضاً كانت في أسلوبها الإعلامي، في أنشطتها الإعلامية والدعائية، ولتبرير موقفها المتخاذل، والسلبي، والمتماهي، والخاضع للأمريكي، تُرهِب شعوبها بشكلٍ أكثر وأكثر.
ثم على مستوى النخب، كذلك سادت حالة الخوف، وسكتت النخب؛ لعامل الخوف من جهة، الخوف أثَّر على الكثير من الناس، وأيضاً لانعدام المشروع والرؤية لما ينبغي أن تتحرك به الشعوب، أن تتحرك به النخب في المقدِّمة، لتكون هي من تقود حركة الشعوب من جهةٍ أخرى.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية للصرخة 1445هـ