مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الحالة التي قد تنشأ في واقع المسلمين وفي إطار الصراع ما بين المسلمين وبين الكافرين، بكل فئات الكافرين وكل فئات المشركين، حالة أحياناً قد تحصل في سياق الصراع أن يكون هناك هدنة معينة، أو صلح لفترة محدودة، وقف لحالة القتال، هي لا تعني وقفاً لحالة العداء، ولا تعني استئناساً ولا اطمئناناً إلى أولئك، فهم لا يمكن الوثوق بهم، ليس لديهم التزامات لا تقوى، لا ورع، لا إيمان، لا تحرج من نكث العهد ومن الخروج على الوفاء لا..، هم فيما هم عليه من فجور وطغيان وحقد وفساد واستساغة للجريمة، وحالة كبيرة من العدوانية والحقد لا يمكن الوثوق بهم، ولا في أي اتفاقيات أو معاهدات معهم.

ولذلك في واقع الإسلام جاء التأكيد في السنة التاسعة من الهجرة لإعلان هذه البراءة حتى ممن كان هناك بينهم وبين النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) عهود البعض منها مؤقت، والبعض منها إن صح أنه كان غير مؤقت، لكنها جاءت هذه البراءة كموقف حاسم واستئناف لمرحلة جديدة.

{فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} عندما أرسل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) الإمام علي (عليه السلام) إلى مكة المكرمة في الحج الذي كان أول حج إسلامي، أول حج بعد سيطرة الإسلام على مكة وفتح مكة.

هذا الحج الأول الذي بُلغت فيه براءة كان هناك بعض المشركين بينهم وبين الرسول وبين المسلمين معاهدات واتفاقات وهدن لفترات محدودة ومعينة في الأشهَر، واعطوا اعطوا على ضوء ذلك فرصة أربعة أشهر ليراجعوا أنفسهم، ليراجعوا موقفهم، ليراجعوا واقعهم وما هم عليه من شرك، فرصة لهم حتى إذا أرادوا من خلال مراجعتهم لواقعهم أن يثوبوا إلى رشدهم، وأن يعودوا إلى ربهم، وأن يستجيبوا لله سبحانه وتعالى، أن يستجيبوا لدعوة الله، للدعوة.

الرسول(صلوات الله عليه وعلى آله) في حركته في الرسالة كان يدعو الناس إلى الله سبحانه وتعالى، وهي دعوة ليس هناك أي مبرر لرفضها، ولا للعمل على محاربتها لا..، ليس هناك أي مبرر، إنما يعبر هذا عن حالة من الفسق، حالة من الكفر، حالة من الفساد والطغيان، حالة بالغة من الكبر والتعزز، وإلا أي مبرر للإنسان أن يستكبر ويأنف من الاستجابة لله ربه وخالقه رب العالمين، رب السموات والأرض، ملك السموات والأرض، ليست المسألة أن الرسول دعاهم ليخضعهم لنفسه أو ليعَبِّدهم لنفسه، الدين لم يأتِ ليعبد الناس بعضهم لبعض، بل ليعبد الناس لله رب العالمين، ويحرر العباد من عبوديتهم للطواغيت وعبوديتهم لبعضهم البعض.

تلك الفرصة التي منحها الله في السنة التاسعة من الهجرة النبوية في حركة الرسول(صلوات الله عليه وعلى آله) والتي كانت لفترة أربعة أشهر هي فرصة أخيرة لهم ليراجعوا أنفسهم عسى أن يهتدوا وأن يخرجوا مما هم عليه وإلا فهناك موقف حاسم منهم ومما هم عليه من الشرك والكفر والفساد والطغيان في إطار المسؤولية الإيمانية والجهادية.

{وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} فأن يعطوا فرصة أربعة أشهر ليراجعوا واقعهم وفرصة لهم ومهلة حتى يتوبوا ويخرجوا مما هم عليه من الشرك بكل ما يمثله الشرك من فساد وإجرام وطغيان وكفر إلى آخره. لا يعني هذا أنهم بالإمكان أن يستغلوا الفرصة فيقووا واقعهم ويتمردوا على الله ويصبح لهم شوكة من جديد فيستطيعون أن يقفوا في وجه الإسلام بقوة.

هذا النص القرآني {وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} مهم بالنسبة للمؤمنين أن يطمئنوا عندما يتبنوا هذا الموقف الذي فرضه الله وحدده الله وهو موقف البراءة من أعداء الإسلام بكل ما يندرج تحت البراءة من مواقف وأعمال ومسؤوليات، أن يطمئن المؤمنون أن هذه المسؤولية سيكون الله معهم فيها سبحانه وتعالى ينصرهم يؤيدهم، وأنه هو بقوته وجبروته وعزته هو العدو للكافرين، ووعد بأنه سبحانه وتعالى سيخزيهم سيعاقبهم وهو لهم بالمرصاد، بمعنى أن لا يتهيب المؤمنون أو يخافون أو يضعفون من تبني هذا الموقف، فليس هذا الموقف مسؤولية ملقاة على عاتقهم ويتركون لتداعياته ونتائجه لا..، الله معهم الله سينصرهم الله هو بالمرصاد لأولئك الكافرين والمشركين والمجرمين، الله توعدهم بالخزي، وسيأتي في التحريض للمؤمنين أن الله سيخزهم، يخزي الكافرين على أيديهم، على أيدي المؤمنين.

فعبارة:{وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} هي من جانب تهديد ووعيد للكافرين بأن الله سبحانه وتعالى لن يتركهم من عقابه، هم محل مؤاخذة من الله، وعقاب من الله سبحانه وتعالى وتسليط عليهم من الله، فلن يفلتوا من عذاب الله، ولن يعجزوا الله، هو المقتدر العظيم الذي سينالهم ويلحقهم بعقوبته متى كان، لا تفيدهم مسألة أربعة أشهر، ولا يفيدهم ظروف زمنية معينة أو إمكانات أو ما شابه. وهو كذلك وعد يطمئن المؤمنين الذين يستجيبون لله ويتبنون هذا الموقف الإيماني الذي هو منسجم مع توجيهات الله سبحانه وتعالى.

والبراءة من أعداء الإسلام بكل ما يندرج تحتها من مواقف أراد الله لها أن تكون موقفاً معلناً صريحاً، وليست حالة العداء لأعداء الإسلام يمكن أن يكتفى فيها بأن تكون حالة نفسية يختزنها الإنسان في قلبه، مثلما يقول البعض: [نحن نعادي أمريكا ونحن نكره أمريكا] لكنه لا يريد أن يعلن عداءه، لا يريد أن يبين موقفه، ويتحجج بأنه يحتفظ بهذا الموقف في داخل قلبه وفي خفايا نفسه لا يمكن هذا أبداً.

 البراءة يجب أن تكون موقفاً معلناً صريحاً واضحاً، ثم يندرج تحته تحرك عملي ينسجم مع الموقف نفسه. ولهذا في مسيرتنا القرآنية الشعار والهتاف هتاف الحرية هو براءة معلنة من أئمة الكفر في عصرنا وزمننا، وهو ينسجم مع هذا الموقف الذي وجه الله إليه وفرضه الله وشرعه، والذي كان في رأس تطبيقه وتبنيه وانفاذه وإعلانه رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله).

واسناد البراءة إلى الله وإلى رسوله يؤكد على مشروعيتها وعلى أنها موقف مفروض في دين الله، موقف يفرضه عليك دينك، موقف أساسي في دينك، وإلا هل يمكن أن يكون هناك موقف خارج إطار المواقف التي أمر الله بها وشرعها وفرضها ويخالف هذا الموقف، موقف يختلف معه في اتجاه آخر، ويكون محسوب على الدين والتدين، مثلما يفعل بعض المتدينين الجهلة، بعض المتدينين الجهلة الذين يقدرون ويرسمون لأنفسهم مواقف مختلفة تماماً عن المواقف التي شرعها الله وفرضها الله.

{بَرَاءةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} اسندها إليه كموقف أساسي، ونحن في واقعنا كمؤمنين إيماننا بالله سبحانه وتعالى يفرض علينا أن نتبنى هذا الموقف، وأن نسير على أساسه وأن يكون موقفاً لنا يعنينا كمسؤولية فرضها الله سبحانه وتعالى علينا.

 

دروس من هدي القرآن الكريم

من سورة التو بة .

ألقاها السيد :

عبد الملك بدر الدين الحوثي

الدرس الأول / بتاريخ/ 5/ رمضان/1434هـ

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر