ربما أن الأجواء السياسية والعسكرية لدى فصائل المقاومة الإسلامية بالمنطقة بدأت تتهيأ لدق اسفين الحرب الكبرى ضد إسرائيل سيما وأن واشنطن لازالت تعكف على تنفيذ قرار الرئيس ترامب رغم ما به من تداعيات ورغم تمايز الأخطار المدمرة التي ستنجم عنه.
فالملاحظ أن واشنطن تحاول قدر الإمكان أن توظف متغيرات الجيوبولتيك الشرق أوسطية التي حصلت طيلة 7 أعوام خدمة لإسرائيل كي تتوسع الأخيرة ديمغرافيا وتشق طريقها نحو الانتقال من قالب "الكيان الضيق" إلى أفق أوسع لبناء دولة إسرائيل التي ينشدها اليهود منذ عام 1948م وذلك على حساب الأراضي الفلسطينية وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين.
الأكثر جرأه في الأمر هو قيام ترامب بإصدار قرار يجعل من القدس عاصمة لإسرائيل وهذا بدوره يعكس صورة متكاملة بأن سياسات واشنطن الحالية والمستقبلية لم تعد تكترث لمباحثات السلام أو غيره ولن تتوقف حتى ترى دولة إسرائيل قائمة على حطام الدولة الفلسطينية كره من كره ورضي ومن رضي.
وبهذا الأمر يصبح خيار الحرب العسكرية لدى المقاومة الفلسطينية هو الخيار الأخير كون طاولات المفاوضات قد أغلقت ولم يعد فيها أي نتائج سوى الإذلال والتهشيم السياسي وتقديم المزيد من التنازلات، سيما وان هناك تعاطي بالاتجاه المعاكس من الأنظمة العربية وبالمقدمة السعودية والإمارات ما يبارك قرار ترامب بشكل أو بأخر ويرى فيه منطلقا نحو السلام مع إسرائيل.
في الحديث عن اقتراب معركة التحرير التي ستشعلها المقاومة الفلسطينية غدا أو بعد غد تجدر الإشارة إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله في خطابه الأخير أعلن استعداده الكامل لدعم المقاومة الفلسطينية بكل الوسائل ودعا كافة فصائل المقاومة في شتى بقاع المنطقة والشرق الأوسط إلى عقد اجتماع طارئ للتنسيق ووضع استراتيجية عسكرية متكاملة الأطراف لتكون رديفا للمقاومة الفلسطينية في الحرب ضد إسرائيل.
وبمعنى آخر الحرب المقبلة ضد إسرائيل إن وقعت لن تكون محصورة في جغرافيا فلسطين هذه المرة، بل إنها ستمتد لتكون إقليمية لا هوادة فيها ولن تكون المقاومة الفلسطينية وحيدة في خنادق التماس مع الصهاينة بل سيكون هناك تدخل مباشر وغير مباشر لمقاتلي محور المقاومة الإسلامية جنبا إلى جنب مع الفلسطينيين .
أمريكا على علم مسبق بان الحرب ضد إسرائيل إن أطلق لجامها فهي ستكون إقليمية بكل المعنى كون دول محور المقاومة حزب الله إيران سوريا اليمن وباقي الفصائل بالمنطقة ستنخرط فيها طال الزمن أو قصر.
لذا تحاول أن تضع استراتيجية معاكسة لاحتواء دول هذا المحور، وهذه الاستراتيجية قد رسمتها إدارة ترامب وصادق عليها الكونغرس وهي كالتالي:
أولا: توجيه اسطوانة تهم ما يحصل بالشرق الأوسط ضد إيران وتحميلها المسؤولية الكاملة أمام المجتمع الدولي.
ثانيا: إفشال جميع مباحثات السلام في سوريا التي كان آخرها جنيف 8 والذي خرج اليوم دون أي نتائج تذكر بهدف إبقاء الأزمة السورية راهنه إلى أجل غير مسمى.
ثالثا: السيناريو الذي يقوم على أساس اتهام إيران بتزويد الحوثيين بالصواريخ الباليستية لضرب العاصمة الرياض، وذلك من أجل إطالة أمد الحرب والأزمة الاقتصادية في اليمن بغيه استنزاف الحوثيين الذي يشكلون قوة استراتيجية مهمة في محور المقاومة.
رابعا قيام واشنطن بتشكيل تحالف عربي أوربي إسرائيلي ضد إيران وذلك من اجل ان يكون الدرع الحصين لسياسات أمريكا الاستثمارية ومشروع بناء الدولة الإسرائيلية الذي سيبنى على نار هادئة.
في الأخير تكون جملة المخرجات النهائية لكل هذه المتغيرات الجيو سياسية ماثلة أمام باب اندلاع حرب متوقعه ستكون هي الأعنف في تاريخ الكيان الإسرائيلي وبالمقابل ستدفع أمريكا وحلفاؤها العرب وغيرهم أثمانا باهظة كونها ستفشل في استراتيجيتها جراء التعاطي مع أزمات المنطقة بسياسة صب الزيت على النار